الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد نصير المرأة·· والشيخة فاطمة رائدة النهضة النسائية

زايد نصير المرأة·· والشيخة فاطمة رائدة النهضة النسائية
29 أكتوبر 2007 03:17
بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، أصدرت مؤسسة التنمية الأسرية كتاب (شمس زايد··· أضاءت دنيا المرأة)، وهو عمل أرادت منه مؤسسة التنمية الأسرية تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، أن يكون رافداً جديداً في مكتبة المرأة الإماراتية بشكل خاص، لتتعرف بشكل أوسع على مسيرة عطاء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله للمرأة، خلال أكثر من ثلاثة عقود، وانعكاس هذا العطاء على إنجازات المرأة، ويكشف هذا الكتاب السر الذي يكمن وراء كل هذه النجاحات الرائــــعة التي حققتها المرأة في جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة والمستويات· ''الاتحاد'' تنفرد بنشر أربع حلقات من الكتاب الذي قدم له بقلم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رفيقة عمر ودرب الشيخ زايد ''رحمه الله'' ورائدة النهضة النسائية في الدولة، حيث أوضحت في كلمات سموها الكثير من الجوانب الخاصة من حياة فقيد الوطن الراحل، لاسيما تلك المتعلقة بدوره العظيم بالنهوض بالمرأة الإماراتية· كما قدم معالي علي بن سالم الكعبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية مقدمة ثانية للكتاب، أضاء من خلالها نقاطاً عاشها وشاهدها في مسيرة إنجاز المرأة الإماراتية في عهد الشيخ زايد رحمه الله ، وفي امتداد نهجه الحكيم تحت ظل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات· وفي حلقة اليوم نعرض ملخصاً للفصلين الأول والثاني من الكتاب، واللذان تحدثا بشكل عام ومفصل عن دور المرأة في حياة زايد، والمرأة في فكر زايد، فالفصل الأول تحدث بإسهاب عن المرأة في حياة زايد بدءاً من والدة فقيد الوطن مروراً برفيقة دربه حفظها الله، ووصولا إلى رائدات الحركة النسائية في الدولة، وابنة الإمارات بشكل عام· كما تطرق الفصل إلى الحديث عن الدور الرائد الذي تصدت له أم الشيوخ سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في سبيل نهضة الوطن والمرأة بشكل خاص· أما الفصل الثاني فتحدث عن المرأة في فكر زايد، وكيف كان رحمه الله يتعامل معها، ويوصي بالتعامل معها، باعتبارها أساس الأسرة التي هي أساس المجتمع· كما تناول الفصل الحديث عن شكل الأسرة الإماراتية وموقع المرأة في دوائر العلم والعمل، وكل ما كفله لها المجتمع، بتوجيهات وثقة من فقيد الوطن، ونصير المرأة الشيخ زايد رحمه الله· لعبت المرأة دوراً فاعلاً وحيوياً في مختلف نواحي الحياة خلال عصر ما قبل النفط، ونجد صوراً مختلفة لمشاركتها ودورها الفاعل داخل الأسرة، رغم قساوة الحياة قديماً والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تكبل المرأة· حينئذٍ لم يكن أي مظهر من مظاهر العمل النسائي المنظم موجوداً على الرغم من أن المرأة لعبت في المجتمع التقليدي الذي كان قائماً قبل اكتشاف النفط، دوراً نشطاً وفاعلاً في المناطق البرية في مجال جلب المياه والزراعة في الوديان والتلال والواحات· فقد تولت النساء إدارة شؤون البيت ورعاية الأطفال والعجزة والمسنين والزراعة وتربية الحيوانات والطيور خلال غياب أزواجهن في رحلات الصيد والغوص التي تمتد لعدة أسابيع أو شهور في كثير من الأحيان· وقد برزت في تلك الفترة شخصيات نسائية كنّ مثالاً للحكمة والرأي السديد في إدارة شؤون الأسرة والقبائل وفي مقدمتهن المغفور لها بإذن الله الشيخة سلامة بنت بطي والدة فقيد الوطن زايد الخير ''طيب الله ثراه''· ولعل ما يثيرالاطمئنان في نفوس ابنة الإمارات ويدفعها للثقة بنفسها أن دعم زايد للمرأة في الماضي كما هو في الحاضر وبامتداد المستقبل أيضاً بفضل أنجاله الكرام فقد كان يقول ''طيب الله ثراه'' عن أمهات الزمن الجميل: ''لولا الرعيل الأول من الرائدات اللواتي برزن في ميادين العلم والعمل ما تمكنت بنات الإمارات من الوصول إلى ما هنَّ عليه الآن، الرائدات تعبن وكافحن وفعلن الكثير، بل إن أي إنجاز تحققه بنات هذا الجيل الجديد يعود بفضله إلى من سبقهن، وأي فشل يتحملن هن وحدهن مسؤوليته، ولكني أرى أن بنت الإمارات في الماضي والحاضر ناضجة وهي مصدر فخري واعتزازي، بيض الله وجوههن بنات وأمهات وزوجات صالحات·'' الأسرة الإماراتية غني عن القول إنه لا يمكن للحديث عن المرأة أن يكتمل دون الحديث عن الأسرة، فقد لعبت المرأة الإماراتية عبر التاريخ، دوراً أسرياً واجتماعياً حيوياً، وتتولى هي توفير الرعاية التامة للعائلة، ولقد عملت دائماً على توفير الطعام عن طريق زراعة المزروعات المختلفة في تربة صحراوية شحيحة· كما حظيت النساء باحترام كبير من قبل المجتمع، امتثالاً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لما كن يقدمنه من فضائل جمّة، فهن لسن ربات بيوت أو زوجات فقط، وإنما الركن الأساس في إدارة المنزل· وكان الشيخ زايد ''طيب الله ثراه'' يؤكد دوماً على الدور المهم الذي تضطلع به المرأة في بناء الأسرة وتقدم المجتمع حيث كان يقول: ''إن المرأة ليست فقط نصف المجتمع من الناحية العددية، بل هي كذلك من حيث مشاركتها في مسؤولية تهيئة الأجيال الصاعدة وتربيتها تربية سليمة متكاملة''· وأضاف ''طيب الله ثراه'': ''إن الأم لا تشارك في مسؤولية الأسرة وإدارة شؤونها فحسب، بل إن وظيفتها الأساسية تتركز في توجيه أطفالها وتنشئتهم التنشئة الصحيحة التي تستند إلى الخلق القويم وتهتدي بمبادئ وتعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة·'' وعن تصوره لدور المرأة نحو أسرتها يقول: ''إن المرأة التي تعمل تستحق التقدير لكن عملها الأول الذي يجب أن تحرص عليه وتضعه نصب عينيها هو بيتها، فالبيت هو مملكتها الأولى، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها كاملة نحوه كأم وزوجة بالدرجة الأولى·'' ويقول أيضاً: ''إن المرأة هي المسؤولة الأولى عن الأسرة وتعليمها أسس الحياة وتثقيفها هو من أهم الأشياء التي يقوم عليها العمل النسائي في الدولة·'' لقد واجهت الأسرة الإماراتية في الماضي هموماً كثيرة، بسبب قلة الدخل، وسفر الزوج لفترات طويلة، ومعاناة الزوجة في تربية أبنائها وإعالتهم، وبرغم هذه الصعوبات التي واجهتها الأسرة كانت حياتها متجانسة تقليدية، ومستقرة ثابتة على نمط معين من السلوك والتقاليد لا تتغير، ومن خصائصها أنها أسرة مركبة ممتدة تضم الأبناء وزوجاتهم وأبناء الأبناء، والسلطة المطلقة فيها لأب وأم الزوج في تدبير أمور الأسرة كاملة، وهي أسرة أمية لا يتوافر لأفرادها أي فرص للتعليم، تعيش حياة العزلة والكفاف، مستعينة بمسكن متواضع وأدوات بدائية ووسائل ترفيه ذات طابع شعبي وأسلوب حياة لا تكلف فيه· وتقوم الأم بوظائف عديدة تشمل الإنجاب بهدف زيادة حجم الأسرة ورفع مكانتها الاجتماعية والاقتصادية، وتهتم بتربية الأبناء وأداء الواجبات المنزلية والقيام ببعض الصناعات الهامة لتكفي العائلة ذاتياً، أما الأب فإنه مرتبط إما بمهن البيئة البحرية التي تشمل صيد السمك أو الغوص بحثاً عن اللؤلؤ أو صناعة السفن، أو مهن البيئة الريفية أو البدوية التي تشمل الزراعة والرعي، ويعلم أبناءه المهنة التي ورثها عن أجداده، ويقوم باستلام دخول عملهم فهو صاحب السلطة وعلى الأبناء الطاعة· وتقوم زوجات الأبناء وباقي النساء الموجودات، على أعمال المنزل وأداء الخدمات المتنوعة كالطهو والنظافة، ولذلك فإن دور الزوجة يعتبر ثانوياً بوجود أم الزوج المسيطرة على السلطة داخل المنزل والتي تقوم بتوجيه النساء داخل العائلة لأداء أعمالهن وفق رؤيتها الخاصة· هذه هي الأجواء التي ظهر فيها الشيخ زايد ''طيَّب الله ثراه'' إلى الوجود، فتأثر بقيم وتراث الأجداد وعاداتهم وبتشربه لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ورؤيته الحكيمة التي منحها الله له أدرك قيمة المرأة واعتز بدورها وظل يحلم بيوم يتمكن فيه من مد يد العون لانتشال المرأة من نفقها المظلم، ومنحها المكانة التي تليق بها وكعادته دائماً قطع على نفسه العهد بأن يحيل هذا الحلم إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع وقد كان له ما أراد· بداية التغيير ومع قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971 هبت رياح التغيير وانبثق عصر جديد للمرأة بإعلان الشيخ زايد ''طيب الله ثراه'' أن المرأة نصف المجتمع وهي ربة البيت، ولا ينبغي لدولة تبني نفسها أن تُبقي المرأة غارقة في ظلام الجهل أسيرة لأغلال القهر مؤكداً: ''أنا نصير المرأة في كل ما يضيمها''· وانطلقت مع هذه الدعوة الجهود لبناء أول حركة نسائية بدولة الإمارات ونجحت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بمثابرتها وجهودها المتواصلة في بناء أول تجمع نسائي بتأسيس جمعية نهضة المرأة الظبيانية في إمارة أبوظبي في العام 1973 والتي فتحت الأبواب لإنشاء جمعيات نسائية مماثلة في جميع إمارات الدولة، ثم تُوجت هذه الجهود بإعلان قيام الاتحاد النسائي العام في 27 أغسطس ·1975 ومن اللافت للانتباه أن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك ''حفظها الله'' قد غذّت المكانة العالية التي تحظى بها المرأة عند الشيخ زايد ''طيَّب الله ثراه'' من خلال حرص سموها على أداء دورها تجاه أسرتها المكونة من الزوج والأبناء· فلم تركن إلى أسباب الراحة والرفاهية ولم تترك شأناً من شؤون زوجها دون أن تقوم بنفسها على أدائه لتكرس أمام كل امرأة إماراتية حقيقة الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزوجة في دعم زوجها والوقوف إلى جانبه في كل الأوقات والعمل بنفسها على توفير كل سبل الراحة كي يؤدي رسالته على أكمل وجه وبكل ثقة واقتدار· وأبت أم الشيوخ أن تترك أبسط الأشياء الخاصة بأسرتها في يد غيرها سواء من الخدم أو المربيات، واستلهمت فكر القائد مؤسس الدولة ودعمت خططه واستراتيجياته في النهوض بالمرأة الإماراتية بالقول والعمل، ولم تكتفِ بالقول النظري وكانت معه طوال رحلة حافلة وعامرة بالإنجازات واللحظات التاريخية نموذجاً مشرفاً لابنة الإمارات الواعية بدورها والمحافظة على ثقة القائد فيها والمستحقة لدعمه ورعايته· رفيقة الدرب إنها رحلة طويلة امتدت إلى ما يناهز خمسة عقود، ومنذ تولي زايد الخير ''طيب الله ثراه'' سدة الحكم في عام 66 وحتى غيابه عنا بجسده في الثاني من نوفمبر عام ،2004 كانت خلالها نعم الزوجة والأم والرائدة للعمل النسائي كونها حلقة الوصل بين القائد وتطلعات وآمال ابنة الإمارات، نعم عاشت مع زوجها الأيام بمرها قبل حلوها راضية مشجعة لا تكل ولا تمل ولا تقف أحلامها وطموحاتها للمستقبل عند حد هي المثل والقدوة التي تطل من خلالها المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة على العالم الخارجي· هي بنت الأصالة العربية الحقة بعاداتها وتقاليدها وقيمها ومثلها العليا، بوعيها المتدفق، بثقتها المطلقة ببنات بلدها وقدرتهن على المشاركة والخلق والإبداع، بحبها وعطفها وتفانيها في خدمة بلدها ومجتمعها الأصيل ترنو بعينيها إلى كل أبناء الوطن، وتُسكن ضميرها ووجدانها حقائق وأحلام البناء والتطور والتنمية للحاضر المشرق والمستقبل السعيد· وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رائدة العمل في الحركة النسائية في دولة الإمارات، رمز الأصالة والقيم وكل ما هو نبيل، خاضت تجربة حين تنظر إلى ثمارها تشعر بالزهو لأن بنات بلدها حققن من الإنجازات ما يقارب المعجزات في زمن قياسي، حيث وضعن أقدامهن على طريق المشاركة الكاملة والفعالة في بناء وطنهن ورفع كلمته عالياً· ولو تحدثنا عنها كرفيقة كفاح وطريق ورحلة شاقة وقفت فيها وراء القائد ومعه في كل المواقف الحاسمة والأيام العصيبة، فإننا مهما تحدثنا فلن نوفيها حقها، ولكن يبقى أن يتم الإشارة بجهد متواضع إلى بعض الجوانب من شخصية سموها لكي تعرف الأجيال أنها كانت وستظل القدوة والمثل· يكفي أن نقول إنها لم تتغير منذ أن كانت مثل كل البنات فتاة صغيرة وإلى أن أصبحت ''السيدة الأولى'' بكل ما في هذه الكلمة ووراء تلك الحروف من مسؤوليات كبيرة وتحديات عظيمة وتجارب ثرية لا حصر لها، فهي لم تتخل عن عاداتها وتقاليدها في حياتها الأسرية، وتشرف على كل صغيرة وكبيرة في بيتها، وتهتم بكل ما يتعلق بزوجها وأولادها، وتحرص على إعداد بعض الوجبات والأكلات الشعبية بنفسها وخاصة خلال شهر رمضان المبارك· إنها مازالت تتمسك وتعتز بارتداء الثوب العربي الأصيل والبرقع، فكل ملابسها تتناسب مع التقاليد العربية والإسلامية· القائدة الأم لقد تحملت مسؤولياتها بكل أمانة كربة بيت وأم وقرينة لرئيس دولة إلى جانب مسؤولياتها الجسام من أجل إسعاد بنات بلدها، وعن أسلوبها في تربية أبنائها تقول: في طفولتهم كنت أعطيهم كل الحب والاهتمام والحنان، حتى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد كان يحرص دائماً على أن يلتقي مع أبنائه ويصحبهم في جولاته ورحلاته، فالشيخ زايد ''رحمه الله'' لم يخرج في رحلات القنص أو الصيد إلا وصحب الأبناء معه وشاركهم أفكارهم وأحلامهم· وعندما كبر الأبناء عاملتهم أمهم كأصدقاء وكانت موضع أسرارهم، بل عاملتهم دائماً كإخوة وأصدقاء، تستمع لآرائهم وتقدم النصيحة، وتترك لهم حرية التصرف، وتعامل زوجاتهم مثل بناتها تماماً، وتشعر سمو الشيخة فاطمة بقيمة السعادة مع أحفادها، تحرص على رؤيتهم، وأحياناً تسافر وتصحب أحفادها معها· وعن أهم الأشياء التي اهتمت سمو الشيخة فاطمة بمتابعتها بنفسها فيما يتعلق بحياة الأبناء هو الدين الإسلامي، لأنها ترى أنه الأساس، حيث اهتمت بغرس مبادئ ديننا الحنيف في نفوسهم، بل وحرصت على تعلمهم الرياضة الإسلامية، مثل ركوب الخيل والسباحة والرماية والقنص ثم تابعت تعليمهم واهتمت بتخصيص وقت يومي لهم، وتسمع مشكلاتهم وقصصهم الصغيرة، أما الأبناء الكبار فتركت لهم الحق في اختيار مستقبلهم وعملهم وتعليمهم، وأصبحت مهمتها تنحصر في الاستماع إليهم ومشاركتهم آمالهم، وتركت للوالد - طيب الله ثراه - بحكمته مهمة توجيههم لأنه أقدر على ذلك بالنسبة لأولادها الذكور· وعن مدى الصعوبة في تربية الأبناء والبنات، ترى أن الولد يحتاج في عمر معين لتدخل الأب وتربيته والإشراف عليه وخصوصاً في سن المراهقة· أما البنت فهي مسؤولية الأم، وخصوصاً في سن المراهقة، فهي بحاجة دائمة إلى صداقة الأم وتفهمها، وتعتبر أن إعداد الفتيات أو الفتية دينيا هو الأساس لتخطي جميع العقبات التي تواجه كل أم في تربية أبنائها كما أنه يسهل مهمتها في خلق جيل نفخر به وتعتز به بلادها· أما عن برنامجها اليومي المعتاد فهو: تلتقي بأبنائها وخاصة في وقت الإفطار، وترى أحفادها كل صباح، ثم تقرأ ثلاث ساعات وتتابع الأخبار وتتابع ما يرد إليها من شكاوى تهم أبناء الوطن· وبعد الظهر تنتقل إلى مجلسها وتلتقي بسيدات وبنات بلدها، وتستمع إليهن وتحاول أن تساعد كل من ترغب في المساعدة· ولم تنسَ واجباتها الاجتماعية - على الإطلاق - فلا يعني أنها كانت زوجة رئيس الدولة أن تنسى تعليم أبنائها التكافل والود والصداقة، ثم كانت تنتظر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في المساء لتناقش معه بعض الأمور الخاصة بالمنزل أو المشكلات التي أحياناً تحتاج منه تدخلاً فيما يخص المرأة والعمل النسائي· ورغم مشاغلها وتعدد مسؤولياتها فإن أهم ما يميز سموها هو أنها لم تتخل عن العادات التي اكتسبتها في الماضي ولم تغيرها، حتى شغل ''الطربوشة'' و''العقم'' في ثياب زوجها كانت تعمله بنفسها، وفي كل أسفار زوجها لم يكن أحد غيرها يجهز له حقيبة سفره ويعدها· المرأة في فكر زايد ''إن الإنسان هو العنصر الأساسي لكل تقدم، وإن أثمن ثروة لهذا البلد هي الإنسان''، هذه الكلمات الخالدة التي صاغها بأحرف من نور مؤسس الدولة توجز لنا توجه الدولة الاتحادية وركائز كافة برامجها ومشروعاتها وإنجازاتها التي تناولت كافة ميادين الحياة، إنها تتمحور جميعها حول الإنسان، فالدولة الاتحادية إنسانية الدوافع، إنسانية المسار، إنسانية الحصاد الإنجازي عبر تاريخها الحافل بالإنجازات من أجل صالح إنسان هذه الأرض الطيبة· ومن أقوال زايد: ''لماذا يظن البعض أن المرأة غير قادرة، إن قدرة المرأة في الإمارات بينة وواضحة ونجاحها لا يحتاج إلى دليل سواء في عين المواطن هنا أو في الخارج، شاهد عليها أعداد الخريجات من بناتنا والتي تفوق أعداد الخريجين، أليس هذا بحد ذاته إنجازاً·'' وقبل أكثر من ثلاثمائة عام لخص القائد العسكري الفرنسي البارز نابليون بونابرت تجربته الحياتية كلها في عبارة واحدة هي (ابحث عن المرأة)·· وانطلاقاً من هذه القناعة جعل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيَّب الله ثراه'' من قضية الارتقاء بالمرأة هدفاً قومياً سُخّرَت من أجله كل إمكانيات الدولة عن قناعة كاملة بأن صلاح المجتمع والنهوض به يبدآن من صلاح المرأة والنهوض بها· لقد شملت النهضة في دولة الإمارات العربية المتحدة مختلف جوانب الحياة، وكان الإنسان هو أهم هدف لهذه النهضة، فعلى الرغم من أن الدولة حديثة العهد، لكن إرادة الإنسان الإماراتي استطاعت أن تختصر الزمن، وتتجاوز التطور الطبيعي الذي شهدته الأمم الأخرى، فكانت الطفرة التي شملت نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ولم يكن لهذا الإنجاز أن يتحقق لو لم يكن وراءه رجل بحجم الشيخ زايد ''طيب الله ثراه''· لقد تجسدت الإرادة القوية في إصرار إنسان الإمارات على تعويض ما فات، والبدء بالنهضة والبناء، والتنمية الشاملة، بكل عزيمة وتصميم، ولقد شارك في هذه الملحمة الإماراتية التي يشهد لها التاريخ بروعة الإنجاز المرأة إلى جانب الرجل، وما ذلك إلا بعزيمة وفكر المغفور له بإذن الله تعالى زايد الخير، الذي آلى على نفسه أن يكون البنيان عالياً، وأن يجسد على أرض الواقع الشعار الذي رفعه بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية للوطن، ولذلك لم يدخر جهداً أو يوفر وسيلة لأن يجعل الإنسان الإماراتي غاية كل تنمية رجلاً كان أم امرأة· وقد وقفت إلى جانب هذه الجهود الكبيرة قرينته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لتعطي المرأة كل اهتمام، من خلال عمل منظم أعطت فيه وقتها للجمعيات النسائية، منطلقة من إدراك سموها لدور المرأة في حركة بناء المجتمع·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©