الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كومنتري والمحافظون الجدد

29 أكتوبر 2007 03:16
على مدى عدة سنوات، ساد اعتقاد بأن حركة المحافظين الجدد تسير نحو التقهقر والتراجع، فقد تم تهميش نائب الرئيس ''ديك تشيني'' في وقت تستعرض فيه وزيرة الخارجية ''كونداليزا رايس'' عضلاتها الديبلوماسية؛ كما اختفى لاعبون احتياطيون قدامى ينتمون إلى المحافظين الجدد من أمثال ''بول وولفويتز'' و''ريتشارد بورل'' و''دوغلاس فيث'' عن الأنظار· والحال أن الحركة لم تمت بعد؛ فمثلما يُظهر تعيين محرر صفحة الافتتاحية والرأي السابق بصحيفة ''نيويورك بوست'' ''جون بيدوريتز'' لرئاسة دورية المحافظين الجدد ''كومنتري''، فإن الحركة ربما تكون قد تعرضت لعدة ضربات، إلا أنها لم تندثر، بل إنها بصدد إعادة التجمع وتنظيم نفسها· الواقع أن مستقبل حركة المحافظين الجدد يتوقف في الوقت الراهن على نظام الخلافة المورثة غير المصرح به، والذي تُسلَّم بمقتضاه المناصبُ العليا في الحركة لأبناء قادتها لإستمرار الحملة ضد الخونة الليبراليين في الداخل والإرهابيين في الخارج· فعلى غرار ''ويليام كريستول'' -المسؤول عن تحرير الدورية اليمينية النافذة ''ذا ويكلي ستاندارد''- فإن ''بيدوريتز'' أيضا ينتسب إلى أسرة تضم أقطاب حركة المحافظين الجدد· فإذا كان والد ''كريستول'' إيرفينغ، قد تولى تحرير دورية المحافظين الجدد القديمة ''ذا بابليك إنتريست'' وواحدا ممن ساعدوا على إنشاء شبكة الحركة في واشنطن؛ وكانت والدته ''جيرترود هيملفارب'' ناقدة ثقافية محافظة ومن أشد المدافعين عن أخلاقيات العصر الفيكتوري، فإن والدة ''بيدوريتز''، ''ميدج ديكتر'' عضو في مجلس أمناء مؤسسة ''هيريتدج'' اليمينية، وصاحبة عدة مؤلفات تندد بالحركة المدافعة عن حقوق النساء· أما والده ''نورمان'' فهو أكثر من يلفت الانتباه، إذ يعد ذلك الرجل الذي يبلغ اليوم 77 عاما ركيزة حركة المحافظين الجدد، فهو من أشد المنادين بقصف إيران، ويجسد الجيل الأول المثقف والسجالي للمحافظين الجدد· كان ''نورمان'' قد تتلمذ على يد الناقد الأديب ''ليونيل تريلينغ''، وخلق اسما لنفسه في البداية من خلال التنديد بـ''جاك كيرواك'' وحركة ''بيت'' أواخر عقد الخمسينيات· وكان معلمه في دورية ''كومنتري'' هو ''إليوت كوهين'' الذي تحول لاحقا إلى واحد من أشد المناوئين للشيوعية، وبعد أن انتحر كوهين في ،1959 عُين بيدوريتز رئيس تحرير للمجلة في سن الثلاثين· مع أواخر الستينيات، أخذت حياة ''بيدوريتز'' منعطفا جديدا آخر؛ حيث تحول إلى اليمين بعد أن استاء مما كان يعتبره معاداة لأميركا من قبل الحركة المناهضة للحرب، وفي عهده، دافعت دورية ''كومنتري'' عن إسرائيل، ونددت بالاتحاد السوفييتي، وعارضت البرامج والسياسات التي سعت إلى منح النساء والأقليات حقوقها المهضومة، وهكذا نجح بيدوريتز· غير أنه بالنسبة لـ''بيدوريتز'' المتشدد، الذي نشأ زمن الحرب الباردة وكتب مقالات حول ''ميخائيل جورباتشف'' حملت عناوين من قبيل ''توهم الانهيار السوفييتي''، فقد جاءت نهاية الاتحاد السوفييتي كصدمة قوية· وتحول المحافظون الجدد إلى مصدر إزعاج في وقت فاز فيه الرئيس ''كلينتون'' بولايتين رئاسيتين في عقد التسعينيات· ولكن ''بيدوريتز'' وحركة المحافظين الجدد سرعان ما استعادوا حيويتها بعد الحادي عشر من سبتمبر· مما لا شك فيه أن ''جون بيدوريتز'' سيسعى إلى تحديث مجلته، التي فقدت الكثير من قرائها؛ فـ''بيتوريتز'' الصغير يمثل الجيل الجديد؛ وقد قضى الجزء الأكبر من وقته كناقد متخصص في الثقافة الشعبية، حيث كتب حول الأفلام والأعمال التلفزيونية؛ وإذا كان والده قد ألف كتبا مثل ''الأصدقاء السابقون'' -حول شخصيات ثقافية مرموقة مثل ''هانا أرنت''- فإن مذكرات ''جون بيدوريتز'' تمحورت حول رؤية حماقات متدربين يعملون لحساب ''جورج بوش'' الأب· وخلافا لجيل والده، فإن جيل ''جون بيدوريتز'' لم يَثُر أبدا في الواقع؛ ونتيجة لذلك، فإنه لا يتألف من ليبراليين مستائين وثائرين، بل من أناس انجذبوا إلى اليمين منذ البداية، أناس لم يقتربوا من اليسار أبدا، وإنما أُعدوا لمحاربته· وهكذا اختير ''بيدوريتز'' لمواصلة الحرب ضد الليبرالية وإعادة تشبيب المجلة التي لعبت مثل هذا الدور المهم في تاريخ حركة المحافظين الجدد؛ والواقع أنه بالنظر إلى معضلة الحرب في العراق، فإن المهمة تنطوي على تحد كبير· اللهم، بطبيعة الحال، إلا إذا فاز ''جولياني'' بالرئاسة، فحينها كل الرهانات ستُلغى، وقد يشكل أحد المقالات في ''كومنتري'' تذكرة المرور إلى أحد التعيينات في الأمم المتحدة، ناهيك عن منصب حكومي· كاتب وصحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©