الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إبراهيم نصرالله يتوج ملهاته الفلسطينية

إبراهيم نصرالله يتوج ملهاته الفلسطينية
29 أكتوبر 2007 00:42
صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عمل روائي ملحمي طويل للروائي إبراهيم نصرالله بعنوان'' الخيول البيضاء'' وهو عمل يشكل العمود الفقري لمشروع نصرالله الروائي ( الملهاة الفلسطينية) والذي بدأ الإعداد له منذ عام ·1985 يذهب نصرالله في ملحمته هذه إلى منطقة لم يسبق أن ذهبت إليها الروايات التي تناولت القضية الفلسطينية بهذه الشمولية وهذا الاتساع، مقدما بذلك الرواية المضادة للرواية الصهيونية عن أرض بلا شعب لشعب بلا أرض! تبدأ أحداث الرواية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وصولا لعام النكبة، متناولا الأحداث الكبرى لهذه الفترة الزمنية المثقلة بالصراع العنيف بين الفلاحين الفلسطينيين من جهة وزعامات الريف والمدينة والأتراك والإنجليز والمهاجرين اليهود والقيادات العربية من جهة أخرى· وكما يحدث دائما في أعمال نصر الله تلتقي في هذه الرواية، التي تُسمَع وتُرى، الملحمة والحكاية الشعبية والشهادة الشفوية والأغنية واللقطات السينمائية؛ وفي خضم ذلك تتقدم الحياة الشعبية الفلسطينية اليومية في القرى والمدن لتحتل المشهد الإنساني الحافل بحكايات البطولة والحب، الحياة والموت، الخيانة والصفاء، والرحمة والقسوة، في حين تضيء الأسطورة أعمق الزوايا في وجدان الشخصيات وتؤكد رسوخ القيم الكبرى لمجتمع بالغ الحيوية في طقوسه وحكاياته وأغانيه· إنها حكاية شعب حقيقي من لحم ودم كان يحيا فوق أرض حقيقية له فيها تراث وتفاصيل أكثر من أن تحصى وأقوى من يقدر العدو على طمسها أو يدفعها إلى غياهب النسيان· رواية ملحمية كبيرة تقول: لقد كان الفلسطينيون دائما هنا، ولدوا هنا وعاشوا هنا وماتوا ويعيشون··· ولن تستطيع قوة غازية على اقتلاعهم من أرضهم· يقول بطل الرواية في أحد فصولها: (أنا لا أقاتل كي أنتصر بل كي لا يضيع حقي· لم يحدث أبداً أن ظلّت أمّة منتصرة إلى الأبد· أنا أخاف شيئاً واحداً: أن ننكسر إلى الأبد، لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية، قل لهم احرصوا على ألا تُهزموا إلى الأبد) بذرة المشروع بدأ الشاعر إبراهيم نصر الله مشروعه الروائي (الملهاة الفلسطينية بعد معركة بيروت، التي فرضت حالة من الضياع والتشتت· فإذا كانت المقاومة انتصرت بصمودها فقد تعرضت لضربة قاسية أدت إلى شتاتها بين محيطين وأكثر من صحراء، ومع ذلك فقد انتصرت بإرادة الصمود التي توجت بأكثر من انتفاضة، وهذه الإرادة المقاومة حالت دون أن يحقق العدو نصرا كاملا· كان بن غوريون يقول عن شعب فلسطين: ''سيموت كبارهم وينسى صغارهم''· وهذه العبارة العنصرية المشحونة بالحقد على الشعب الفلسطيني، والتي تعبر عن الأحلام الصهيونية بإبادة هذا الشعب، كانوا يكملونها بعبارات أخرى لا تقل صهيونية مثل: (فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) أو (لو كان الفلسطينيون شعبا لكان لهم أدب)· وقد بدأ الشاعر كتابة روايته الفلسطينية، مؤكدا بطريقة غير مباشرة بطلان تلك الدعاية الصهيونية ليستأنف كفاح الكلمة الروائية التي بدأها الشهيد غسان كنفاني واستمر آخرون في مواصلة بعض جوانبها· لكن الشاعر نصر الله انطلق بالحكاية الفلسطينية عبر روايته إلى آفاقها الملحمية، وإن اختار لها عنوان (الملهاة) الذي لا يخلو من غموض ويدعو إلى التساؤل· لذلك كان سؤالي له حول دلالة اختياره لهذا العنوان، فأجاب: ''أكثر من مرة وجِّه إلي هذا السؤال: لماذا الملهاة وليس المأساة· أظن أن الأمر مرتبط بالمعنى العميق للكلمتين، فكلمة (المأساة) مغلقة بالهزيمة الحتمية لأبطالها، بمعنى أنها تُقفل أي احتمال· ولذا فهي كلمة قامعة، وإذا ما عدنا لتعريفها القاموسي: فهي رواية تمثيلية تمثل حادثة خطيرة وقعت بين أناس من العظماء، من شأنها أن تثير الرعب والشفقة· ولنا أن نلاحظ هنا كلمة (العظماء) أيضا، والرواية أصلا لم توجد كجنس أدبي إلا لتكون نقيض العظماء هؤلاء، لأنها أعادت البطولة للإنسان البسيط، ابن الشارع، ولتاريخه الفعلي· أما كلمة الملهاة، وهي غير موجودة في المعاجم العربية القديمة، لأنها محدثة، فهي تحمل في جذورها ظلالا غاية في التعدد والدلالات المتصارعة، التي يمكن أن يتم تأملها بصورة مقنعة في الحال الفلسطيني، من علاقة الشهيد بوطنه، إلى علاقة الشعب بمجمله بوطنه، إلى علاقة النظام السياسي العربي بهذه القضية وصولا إلى علاقة بريطانيا بها· وإذا ما أخذنا بأن وجود إسرائيل من سخريات القدر، وزلات التاريخ التي لا بد أن يعتذر عنها في النهاية، فإن تعبير الملهاة أكثر عمقا، رغم أنه قد يبدو صادما للبعض في البداية''· إضافة إلى هذا العمل الملحمي الذي سيصدر بالعربية قريبا، فقد صدرت قبل أيام الطبعة الإنجليزية من رواية إبراهيم نصرالله (مجرد 2 فقط) بعنوان (داخل الليل) من منشورات الجامعة الأمريكية في القاهرة ونيويورك، وهذا العنوان الذي اعتمدته الترجمة الإيطالية للرواية، وستصدر الرواية بالألمانية خلال أشهر قليلة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©