الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البصرة··· معارك متحولة

البصرة··· معارك متحولة
1 ابريل 2008 01:31
من بعض النواحي، قد تبدو المعركة الطاحنة التي تدور رحاها في الوقت الراهن في البصرة، وكأنها معركة أخرى من تلك المعارك المألوفة، التي كان يتم خوضها ضد ميليشيا الزعيم الشيعي المتمرد ''مقتدى الصدر'' والتي كانت عادة ما تبدأ في مدينة من مدن العراق الجنوبية ثم تمتد إلى مدن أخرى، ولكن مع حلول بداية الأسبوع، تبين أن تلك المعركة، وكذلك الاشتباكات الدائرة في بغداد، تختلف اختلافا جوهريا من عدة جوانب عن تلك المعارك التي خاضها الجيش الأميركي ضد ميليشيا الصدر في النجف وبغداد في العام ·2004 أول هذه الجوانب أن المتمردين الشيعة يحاربون هذه المرة جنودا عراقيين وليسوا أميركيين، وثانيها، أن قائد هذه الميليشيا'' مقتدى الصدر'' لا يقود المعركة الحالية من داخل مخبأ في المدينة الشيعية الأكثر قداسة في العراق، وإنما يفعل ذلك من موقع غير معروف، أما ثالث تلك الجوانب فهو أن رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي، والذي كاد الأميركيون أن ييأسوا من إمكانية تحركه ضد ميليشيا تنتمي إلى نفس مذهبه الديني، قد قرر أخيرا التصدي بشراسة لتلك الميليشيا· من المعروف أن أنصار ''الصدر'' كانوا يحظون باحترام كبير لدى الشيعة في البداية، بسبب دورهم المقاوم للاحتلال والداعم للسكان الفقراء وذلك قبل أن يتجهوا بعد ذلك لفرض الإتاوات والعمل في تهريب النفط، وغير ذلك من الأنشطة غير المشروعة، أدرك بعض الصدريين الأضرار التي ترتبها مثل تلك الممارسات غير المشروعة على صورتهم، ودرجة قبولهم الشعبي، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، وكان أحد ممثلي ''الصدر'' في البصرة قد أدلى بحديث في شهر فبراير الماضي قال فيه: ''إننا نهتم بالمسائل المدنية أكثر من اهتمامنا بالمسائل العسكرية، ونقدم يد العون لإخواننا، من خلال التبرع بالدم وتقديم المتطوعين، وتوزيع الغاز والمواد التموينية عليهم''· وفي حين كان هذا الممثل يصور ''جيش المهدي'' -ميليشيا الصدر- على أنه جيش للخلاص، كان سكان البصرة يئنون جراء أعمال الاغتيال، والخطف، والترويع الجماعي، التي كانت تتم يوميا في المدينة، وعندما جاء الوقت الذي اشتعـــل فيه القتال في البصرة يوم الثلاثاء، كــــان السخط من تلك الممارسات قد انتشر بالفعل لدى قطاع واسع من المجتمــــع العراقي، بما في ذلــــك قوات الجيش والشرطة ذات الأغلبية الشيعية، وهو ما أتاح الفرصة أمام رئيس الوزراء ''نوري المالكي'' للتحرك ضد جيش المهدي· وهناك مزيج من الدوافع التي تحرك المالكي: فهو من جهة يريد استرداد البصرة وهي المدينة التي تمتلك بعضا من أكبر احتياطيات النفط في البلاد، التي ظلت لسنوات تغذي عصابات الشيعة التي تمارس العنف، ومن المعروف أن الداعم الأكثر قوة للمالكي، هو المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو حزب شيعي سياسي منافس لحزب الصدر، يسره دون شك أن يرى حزب الصدر وقد تعرض للإضعاف قبل حلول موعد الانتخابات المحلية القادمة· والمالكي بما يقوم به في البصرة، يخاطر بفقدان مكانته وسط التحالف الذي يقوده، وإلى اهتزاز صورته في نظر الشعب العراقي الذي يمكن أن يرى فيه مجرد أداة طيعة في أيدي الولايات المتحدة، علاوة على ذلك، فإن ما يقوم به يمكن أن يغضب إيران التي تعتبر الراعي الرئيسي للعديد من الجماعات الشيعية العاملة في جنوب العراق· ويقول موظف غربي مطلع على أوضاع قوات الجيش والأمن العراقي، إن الفارق في المواجهة الحالية هو أن الجيش العراقي قد أصبح لديه أخيرا الإمكانيات التي مكنته من التصدي لميليشيات الصدر، التي جاوزت الحد في ممارساتها غير المشروعة، لدرجة أدت إلى إلحاق ضرر بالغ بمصداقيتها، لدى قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، وأن فقدان ''الصدر'' لسيطرته على تلك الميليشيات هو الذي شجع المالكي أخيرا على التحرك بحسم ضدها، ومع ذلك لا يزال هناك عدد قليل من المراقبين في العراق ممن يؤمنون أن السيد المالكي، كان قد نوى حقا القيام بهذه المحاولة الجسورة، تعليقا على ذلك يقول مسؤول غربي كبير في بغداد -اشترط عدم نشر اسمه- إن الجنرالات العراقيين لم يكن لديهم النية لشن مثل هذا الهجوم الكبير وإن ''ما سمعه يؤكد لديه أن المالكي لم يكن يريد سوى القيام باستعراض للقوة''، وأضاف هذا المسؤول إن الذي سيخرج منتصرا من المعركة التي تدور رحاها بين المالكي والصدر في البصرة قد يكون المجلس الأعلى الإسلامي العراقي· وإذا ما أخذنا في الاعتبار ما أعلنه المالكي من أنه سيواصل الهجوم حتى يجبر الصدريين على الخروج من المدينة، فإن ذلك قد يدفعنا للاعتقاد بأن الصدام الحالي يختلف عن الصدامات التي كانت تقع في السابق، والتي كانت تنتهي غالبا بمفاوضات تؤدي لتسويات، لا يسفر عنها حسم حقيقي للأمور، مع ذلك فإن إقدام المالكي على شن معركة شاملة ضد قوات الصدر يحمل في طياته أخطاره الخاصة· فالصراع الحالي كما يقول ''ماثيو شيرمان'' -الذي عمل مستشارا سياسيا في السابق لدى الجيش الأميركي في بغداد-يمكن أن يسفر عن وضع مشابه لذلك الذي قام في لبنان عام ،2006 عندما ادعى حزب الله النصر في الحرب التي نشبت بينه وبين إسرائيل لمجرد أنه ظل قائما في النهاية، ويرى ''شيرمان'' أن شيئا مثل هذا يمكن أن يحدث، وذلك عندما ينظر الصدريون إلى استمرارهم في البقاء في المدينة بعد المواجهة الحالية، على أنه يمثل نصرا في حد ذاته، وتساءل ''شيرمان'': ولكن هل من الممكن حقا إبادة الصدريين؟ ثم أجاب بنفسه على هذا السؤال بقوله: ''في اعتقادي أنهم لن يخرجوا من المدينة، ولا يمكن هزيمتهم باستخدام الوسائل العسكرية وحدها''· سابرينا تافيرنايس وسولومون مور محررا الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©