الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفصاحة

16 مارس 2010 22:30
عدّ العرب افتقاد اللغة وعدم الفصاحة في اللسان عيباً، وليس الجمال بالشكل والهيئة بل أيضاً الجمال هو في حسن البيان وفصاحة اللسان. كفـى بالمـــرء عيبـــاً أن تــراه له وجــهٌ وليــس له لســـانُ وما حُســنُ الرجـال لهـم بزينٍ إذا لم يُسعد الحُسـن البيانُ ووصل الأمر عند العرب في أهمية الفصاحة ومكانتها العالية إلى حد الاستعاذة من فقدها، إذ يقول الشاعر نمر بن تولب: أعِـذْني ربّ من حَصَــرٍ وعــــيٍّ ومن نفـس أعالجـها علاجــا ومن حاجات نفسي فاعصمني فإن لمضمرات النفس حاجا وفاقد الفصاحة يفقد أهم مقومات الحياة عند العرب: وهي المروءة يقول يونس بن حبيب: ليس لعييٍّ مروءة، ولمنقوص البيان بهاء، ولو بلغ يأفوخه أعنان السماء. وكان العرب يخشون على أولادهم من خطر اللحن والعيّ وما أشبه ذلك فيرسلونهم إلى البادية منذ نعومة أظفارهم. فماذا نقول في حالنا اليوم مع اللغة العربية وقد أصبحنا للأسف نفتخر بأولادنا الذين يتقنون اللغات الأجنبية ويتحدثون بها مع أهليهم ورفاقهم في بيوتهم ومدارسهم، حتى غدت اللغة العربية غريبة بين أهلها.. بل يوصم من يتحدث بها.. بالرجعية والتخلف و.... كل المبدعين الذين أثروا الحضارة الإنسانية لم يتخلوا عن لغتهم الأم فليس مطلوباً من الأديب وحده المحافظة على لغته الأم بل إن الطبيب لن يبدع إذا لم يفهم الطب بلغته الأصلية. والمهندس كذلك، وكل الاختصاصات الأخرى. جميل ورائع أن يتقن العربي لغة أخرى لأن اللغة الأخرى ثقافة جديدة تثري الحصيلة المعرفية لديه، ولكن ليس على حساب لغته الأم.. لأن اللغة هنا هوية. ومن لا لغة له لا هوية له.. ليست العربية عاراً حتى يتهرب أبناؤها من الحديث بها، وليست قاصرة عن استيعاب كل التقنيات الحديثة والعلوم الحديثة، و”العربية” في الماضي، أنجبت علماء الرياضيات والفيزياء والفلك والطب والهندسة والفلسفة ومعظم العلوم التي يتشدق الغرب باختراعها.. كان العرب السباقين إليها.. والسبب في تخلف العرب عن مسايرة ركب التطور ليس كامناً في اللغة العربية ذاتها، إنما هو كائن في أبنائها الذين خرجوا من جلدهم “لغتهم” وتوقفوا عند أمجاد أجدادهم.. وتخلفوا في اللحاق بركب التطور العلمي ويوماً بعد يوم اتسعت الهوة بين العرب وغيرهم من الشعوب المتقدمة فعندما تتوقف والآخرون يجرون بسرعة الصاروخ، تصبح السلحفاة أفضل حالاً منا.. الوقوف على الأطلال لن يفيد أبناء العربية، لابد من البداية بخطوة.. التي تظل أفضل من الوقوف والمراوحة في المكان والدوران حول النفس. لغة إذا وقعـــت على أســماعنا كانت لنا برداً على الأكبادِ ســـتظل رابطـــة تؤلــف بيننـا فهي الرجاء لناطقٍ بالضادِ إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©