الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حارة المضيف

حارة المضيف
27 أكتوبر 2007 02:02
دون الالتفات إلى الأيام الخوالي لا يمكن قراءة صور الحياة أو كتابتها بشكل فلسفي أو دون ذلك، لا يمكن رؤيتها بعين متفحصة كون الماضي يزخر بالكثير من الشخصيات الأسطورية التي كتبت نفسها فرحلت! وعن ماضي الحكايات : ''عاشينة'' والذئب، و''عاشينة'' تصغير لأسم عائشة كما يطلق عليها بالإمارات والخليج، وبداية كل جزء من تلك الحكاية تبدأ: '' عاشينة تقول: لكليبها أي كلبها يا ''جلببتي شو تشوفين'' يرد الكلب: أشوف بحجم· ويستمر سرد القصة في التشويق للأطفال إلى النهاية حيث يتمثل القادم ويصبح على هيئة وحش مخيف أو ذئب كما تصرح القصة في النهاية بأن تذبح عائشة الكلب وتقدم دمه المغموس بالسكين ليموت الخطر الذي كان يتقدم رويدا ا!! ومن الصور الراسخة بالذاكرة عن مدينة العين مهد الطفولة الأولى حيث كانت تتشبع الحياة بالحكايات على ألسنة الكبار، بداية راسخة في جوف العمر، صور لم تنصهر في بوتقة الوقت ولم تذيبها شدة الحرارة، تنغمس في روعتها كما لو كأنها تولد في كل ثانية! من خلال ملامح بيئية ووجوه متوضئة بماء فلج ''الصاروج'' المتعمق بالجذور، فالنخيل الكثيفة لها رائحة تستنسخ الحياة من روح الحكايات وتتوهج حارة السوق كونها ركيزة تجارية يقبل عليها ممن في المدينة! وبجانبها حارتا المضيف والمربعة حيث ينقل عن ملامح ذلك الزمن· وعن حواري المدينة حكايات ذات مغزى جميل منها تلك الحكاية الحقيقية عن امرأة أسطورية عجوز عجمية اللسان كانت تسكن في ''عشة'' متواضعة أي بيت على هيئة كوخ، كانت تنسج المخيلة بالحياة وتطفو على الأحلام، كوخها أو ''عشتها'' يبدو عليها الشتات الذي أحالها الزمن إلى وحيدة، مات عنها الخلان والأهل وبقيت أمام جذوة الوقت، تستنجد بالذين رحلوا! فاعتاد الناس على سماعها تصرخ بصوت جهوري يمتد إلى عنان السماء وتارة يهبط إلى سر النفس لتتمتم !! ''جرانوه'' الاسم الذي ينعتها الناس به، كما بالأسطورة تماما يغيب الاسم الحقيقي، وتظل تسير على عكاز تارة تشكو من الأهل ومن الجيران ومن البشر، وتارة تشكو الجوع أو تشكو العطش والنسيان أو تراها تتشح فضاء الدهر وتدعو على البشر، فكأن ما يتلبس أوصالها يدعوها للضجر من أسمالها المبتلة والقديمة!! فحين كانت تغادر ''عشتها'' أو كوخها ترى المتاهة والنسيان وترى كم عكازها يحتضن وحدتها ويسري معها ويسقط كما حدث ذات مرة حين ارتطمت برأسها كرة عابرة من جراء توغلها بالخطأ المساحات الرملية حيث يلعب الأطفال وحيث تتبع أثرها المفقود في الحياة وحيث تسقط مغشيا عليها ثم تتابع سيرها وسط ذهول الجميع!! هذه صور من ملامح تجتر الذاكرة عنوة ثم تتلاشى في حيز الحياة· amarat_h@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©