السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تصدير المعتقلين··· بين الحقيقة والكذب

تصدير المعتقلين··· بين الحقيقة والكذب
27 أكتوبر 2007 02:00
مع جلسات السماع التي تتوالى في الكونجرس، والقضايا القانونية التي ترفع لدى المحكمة العليا، والشكاوى التي تنهال من كندا وغيرها من الدول الحليفة للولايات المتحدة، فإن موضوع تسليم أشخاص بشكل سري لدول أجنبية قد غــدا على كل لسان تقريبا· والحقيقة أن مصطلح التسليم السري غير القانوني للمتهمين لدول أخرى، لا يعني في إطار الحرب على الإرهاب سوى نقل شخص أو متهم ما من دولة إلى دولة أخرى معروف عنها أنها تمارس التعذيب ضد المعتقلين والسجناء لديها· لقد أصبحت عملية التسليم غير القانوني للمتهمين إحدى الوسائل الرئيسية التي تستخدمها الاستخبارات الأميركية، للتخلص من أشخاص يثيرون المتاعب في مكان ما إلى دولة أخرى، وتكمن المشكلة في معرفة المكان الذي يتم وضع هؤلاء المبعدين فيه في نهاية المطاف ومعرفة ما الــذي يـــحدث لهـــم عندمـــا يصلــون إلى هناك· وباعتباري عضوا سابقا في مجلس الأمن القومي انخرط في إصدار أوامر تسليم المتهمين لدول أجنبية لعقد من الزمان تقريبا، فإنني أجد أنه من الواجب توضيح بعض الخرافات المتعلقة بهذا الأمر: 1- إن التسليم غير القانوني للمتهمين لـــدول أجنبيـــة هـــو شيء اخترعتــه إدارة بوش· هذا ليس صحيحا فهذه الممارسة بدأت تحديدا عام 1987 في عهد الرئيس ''ريجان'' وذلك عندما أصدر الرئيس تفويضا بالقيام بعملية لاستدراج مختطف الطائرات اللبناني ''فواز يونس'' إلى قارب كان يقف قبالة الساحل التركي حيث تم القبض عليه من قبل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف· بي·آي)، كما كانت هناك عملية أخرى في عهد ''جورج بوش الأب'' تم فيها اختطاف طبيب مكسيكي يدعى ''الفاريز ماكين'' كان متهما باختطاف وتعذيب أحد رجال مكافحة المخدرات الأميركي· وفيما بعد زادت وتيرة تلك العمليات في عهد ''بيل كلينتون'' وتحولت إلى برنامج كامل ضمن الحملة الأميركية الرامية لإحباط عمل الإرهابيين الذين يتآمرون ضد الولايات المتحدة في الخارج وطبقا، للمعلومات التي كشف عنها مدير وكالة الاستخبارات الأميركي السابق ''جورج تينيت'' فإن الولايات المتحدة أتمت 70 عملية تسليم غير قانوني لأشخاص قبل الحادي عشر من سبتمبر· 2- إن الأشخاص الذين يتم تسليمهم ينتهـــي بهم الأمـــر في نهايــة المطـــاف في سجن يمارس التعذيب أو ما هــو أشبه بذلك· خطأ أيضا، فهذه ليست محصلة حتمية· فمعظم عمليات تسليم الأشخاص إلى دول أخرى، والتي تمت منذ 1995 كانت عبارة عن عمليات تسليم ونقل متهمين من دولة أجنبية إلى دولة أجنبية أخرى، ولم تكن كما يتخيل بعضهم عبارة عن عمليات قبض على أشخاص في واشنطن ثم نقلهم على جناح السرعة إلى دولة من دول الشمال الأفريقي· وخلال تلك العمليات تصرفت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كمجرد وسيط حيث كانت تعد الرحلات وتوفر وسيلة المواصـــلات· إلى ذلك كانــت هناك ضوابط أخرى تحرص الحكومة الأميركية على تطبيقها منها أن تلك الحكومة في عهد إدارة ''كلينتون'' كانت تطلــــب من الدولـــة التي تضطلع بتسليم أو استـــلام شخص أن تحصل على مذكـــرة إدانـــة صادرة من الجهة القضائية المختصة· 3- أول خطوة من خطوات عمليات التسليم غير القانوني هي اختطاف الشخص المتهم· قد يشعر الشخص الذي يتعرض لمثل تلك العملية كما لو أنه يتعرض للاختطاف، ولكن الأمر ليس كذلك في الحقيقة، ففي معظم الحالات يتم اعتقال الشخص بواسطة سلطات البلد الذي يتواجد فيه التي تسلمه بعد ذلك لعملاء الـ(سي·آي·إيه) الذين ينقلونه جوا إلى الجهة أو الدولة التي سيتم تسليمه إليها· في حالات نادرة، وعندما تكون الدولة التي يقيم فيها مثل هذا الشخص من الدول المعادية للولايات المتحدة يمكن تنفيذ عملية ''تسليم استثنائي'' أي القيام بعملية سرية خاصة يتم فيها اختطاف الشخص المشتبه به، ونقله على جناح السرعة خارج البلد المعني· 4- إن عملية التسليم غير القانوني لأشخاص إلى دول خارجية هي مجرد اسم مخفف للاستعانة بمصادر أجنبية لديها الخبرة في مجال التعذيب· تاريخيا لم يكن الأمر على هذا النحو، فالضوابط والإرشادات التي كان قد تم وضعها في عهد إدارة ''كلينتون'' من أجل تنفيذ عمليات التسليم غير القانوني لأشخاص لدول أخرى، كانت تؤكد على ضرورة نقل الشخص إلى دولة من غير المرجح أن تكون من الدول التي تمارس التعذيب· ولكن ينبغي القول أيضا إنه كان من الصعب التأكد من أن ذلك الشرط كان يتم مراعاته بدقة في كل حالة من حالات التسليم· كان هناك فارق آخر وهو أن عمليات التسليم التي تمت قبل إدارة ''بوش'' كانت تتم من أجل إحباط الأعمال الإرهابية قبل وقوعها وليس من أجل الحصول على معلومات أو استدراج أشخاص لاستنطاقهم· 5- إلى حد كبير، يمكن في الوقت الراهن تسليم أي شخص إلى دولة أجنبية، بما في ذلك المواطنون الأميركيون وحاملو الجرين كارد· ليس الأمر كذلك، فأي مواطن أميركي وأي حامل للبطاقة الخضراء يتمتع بحماية قانونية يوفرها له الدستور تمنع نقله إلى دولة أخرى من خلال عمليات التسليم القانوني· وليست هناك أي حالات تثبت أن هناك عمليات قد تمت انتهاكا لهذه القاعدة إلا في حالة واحدة هي حالة ''ماهر عرار'' وهو شخص كندي الجنسية سوري الأصل تم اعتقاله في مطار ''جون فيتزجيرالد كنيدي'' في الولايات المتحدة وسلم إلى بلده سوريا حيث تعرض إلى التعذيب· زميل رئيسي بمعهد بروكنجز وعضو سابق بمجلس الأمن القومي الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©