الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيمنة البنوك...تحدٍ جديد في الأزمة المالية

هيمنة البنوك...تحدٍ جديد في الأزمة المالية
26 ابريل 2009 00:55
أعلنت المؤسسات المالية الأميركية مؤخراً، أنها حققت أرباحاً خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، عبر التلاعب الذكي بالقواعد والنظم، والضغط على الكونجرس بهدف المحافظة على قدرتها على رفع نسبة الفائدة على البطاقات الائتمانية، إلى جانب معارضتها لخطط الإدارة الرامية إلى إعادة هيكلة شركة ''كرايسلر''، بما يحمي بعض الوظائف ويفي بالالتزام بحقوق المتقاعدين• ولكي تكتمل الصورة في أذهاننا، فقد نشرت صحيفة ''وول ستريت'' تقريراً الأسبوع الماضي، قالت فيه إن معدل الإقراض قد انخفض بمعدل 23 في المئة في شهر فبراير المنصرم، وذلك بالنسبة لـ19 من كبرى المؤسسات المتلقية للقروض، مع ملاحظة أن البنوك حصلت خلال الشهر نفسه على مئات المليارات من دولارات الخزانة الفيدرالية، في إطار الخطة الحكومية الرامية إلى حفزها وتمكينها من توفير قروض أكبر من تلك التي كانت توفرها في شهر أكتوبر من العام الماضي• فهذه هي حقيقة التلاعب الجاري في البنوك في وقت يسود فيه الاعتقاد بأنها تعمل من أجل إنقاذ اقتصادنا القومي من أزمته الحالية• وخلال الأسبوع الماضي بدأ نشاط محاسبي مبتكر محموم، فقد أعلنت ''سيتي جروب'' التي ضخت فيها الخزانة الفيدرالية أموالا أكثر من غيرها من المؤسسات المالية الأخرى، عن تحقيقها أرباحاً خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، بسبب انخفاض قيمة ديون سنداتها• ووفقاً للقواعد المنظمة للمحاسبة، فقد تمكنت ''سيتي جروب'' من التسجيل للحصول على مكتسبات لمرة واحدة فقط، تعادل قيمة خسائر ديون سنداتها• والسبب أن المجموعة تستطيع شراء سنداتها بقيمة أقل• وإذا استثنينا شركة AIG من هذه الإعلانات، يلاحظ أن شركة ''جي بي مورجان تشيز'' التي دعمنا نحن دافعي الضريبة الأميركيين شراءها لشركة ''بير شتيرنز''، أعلنت هي الأخرى عن تحقيقها أرباحاً مماثلة خلال الفترة نفسها، نتيجة لانخفاض مشابه لقيمة سنداتها• وكما نعلم، فإن ''سيتي جروب'' وجي• بي مورجان تشيز''، هما المفاوضان الرئيسيان للبنوك الرافضة لجهود إدارة أوباما الهادفة إلى إعادة هيكلة شركة ''كرايسلر''• هذا وتباع سندات كرايسلر التي تحوز عليها البنوك بقيمة 15 سنتاً، وهو المبلغ الذي عرضت الحكومة دفعه للبنوك، في إطار خطتها الأولية الهادفة إلى إنقاذ الشركة وتمكينها من البقاء والمنافسة في السوق• وقبل يومين فحسب، رفعت الحكومة ذلك المبلغ إلى 22 سنتاً، مصحوباً بنسبة 5 في المئة من الأسهم الحكومية في الشركة• غير أن مجموعتي ''سيتي جروب'' و''جي بي مورجان تشيز'' تصران مع بقية البنوك الأخرى، على حقهما في الحصول على قيمة أكبر من تلك التي أعلنتها الحكومة، مع العلم أن هذه القيمة الأكبر لن تتحقق إلا على حساب شركة ''فيات'' -وهي شركة السيارات التي توفر خطوط صناعة السيارات الجديدة والتكنولوجيا اللازمة، التي لا يمكن لشركة ''كرايسلر'' البقاء في السوق من دونها• كما لا يمكن تحقق الزيادة التي تطالب بها الشركات والمصارف المشار إليها أعلاه، إلا على حساب موظفي كرايسلر المتقاعدين -الذين تلتزم الشركة قانونياً بتغطية نفقات رعايتهم الصحية- على رغم أن هؤلاء الموظفين المتقاعدين هم الذين بنوا الشركة• لتلك الزيادة لن تتحقق لهذه المصارف والشركات إلا على حساب دافعي الضرائب الأميركيين، الذين حافظوا على بقاء شركة ''كرايسلر'' من جيوبهم الخاصة! وفي غضون ذلك لم تقف مجموعات الضغط المصرفي مكتوفة الأيدي• فهناك عدد من مشروعات القوانين الرامية إلى خفض الجزاءات والرسوم المفروضة على بطاقات الائتمان، ينظر فيها الكونجرس بمجلسيه• هنا لا بد أن أشير إلى أن رسوم البطاقات الائتمانية المفضلة لديّ هي تلك التي يدفعها حملة البطاقات عن سدادهم لفواتير بطاقاتهم، وليس عند تفويتهم لسداد إحدى الدفعات الشهرية المفروضة عليهم• ولكن المشكلة أنه لا يزال يتعين على مجلس الشيوخ، الحصول على دعم أعضائه ''الجمهوريين'' لمشروعات القوانين هذه• وبالمثل اصطدم مشروع قانون آخر يمكّن قضاة الإفلاس من تعديل شروط الرهن، بحائط معارضة ''الجمهوريين'' في مجلس الشيوخ• من ناحيته أكد أوباما لممثلي كبريات البنوك الجمعة الماضي، مساندته لخفض الرسوم المفروضة على البطاقات الائتمانية• والسؤال الآن ما إذا كان أعضاء الكونجرس ''الديمقراطيون'' سيستخدمون هذه المسألة في ممارسة الضغط على ''الجمهوريين'' الذين يبدو قرار مساندتهم للبنوك في رفضها خفض الرسوم المفروضة على البطاقات الائتمانية، غبياً حتى بمعاييرهم هم أم لا؟ وتقع على ''الديمقراطيين'' في كل من البيت الأبيض والكونجرس، مسؤولية الالتزام بتشريعات قادرة على تنظيم نظامنا المصرفي المريض• غير أن القوانين واللوائح ليست كافية وحدها لحل مشكلة تضخم البنوك إلى حد يصعب فيه السماح بانهيارها• ثم إنها تضخمت إلى درجة مكنتها من الهيمنة على حملات التمويل، بل على التشريع نفسه• إن علينا تعديل تشريعاتنا الخاصة بالائتلافات المالية، بحيث نتمكن من تحجيم البنوك إلى حد لا تستطيع فيه تهديد نظمنا الاقتصادية والسياسية، بهيمنتها عليهما• وفي الوقت الحالي، من الواضح أننا نخدم البنوك ونحقق لها مصالحها ومتطلباتها، بدلا من أن تخدمنا هي، وتحقق لنا مصالحنا وحاجاتنا! هارولد ميرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©