الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمد راشد: التراث مادة مفتوحة لقراءة تحليلية محايدة

أحمد راشد: التراث مادة مفتوحة لقراءة تحليلية محايدة
26 أكتوبر 2007 01:51
استضاف بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ليلة الأربعاء الفائت جلسة حوارية مفتوحة مع الشاعر والباحث أحمد راشد ثاني الذي يملك سيرة إبداعية موغلة ومتجذرة في المشهد الثقافي المحلي، وهي سيرة دونها الكثير من التضحيات والخسارات والإشكالات المعرفية والنقدية المؤرقة للسائد الثقافي، ورغم ذلك فهي إشكالات تحمل في طياتها التمايز والتنويع والاستقلالية في الحوار والنظرة والتأويل· قدم للجلسة الشاعر والباحث الجزائري عياش يحياوي رئيس القسم الثقافي بصحيفة (الخليج)، وحضرها بهجت الحديثي المستشار العلمي لبيت الشعر، كما تابعها لفيف من الإعلاميين والشعراء والمهتمين· وأشار (يحياوي) في بداية الجلسة إلى أن أحمد راشد ثاني ليس مجرد شاعر أو باحث في التراث، بل هو من الأسماء القليلة في الإمارات التي تفكر قبل أن تكتب، وهو من الأسماء غير المهادنة عند التعامل مع الأفكار ومع عالم الجمال، كما أنه يمارس عملية نقدية عند قراءته للظواهر المحيطة، كما أنه يمارس هذا النقد على نتاجه الشخصي أيضا، ومن هذه الزاوية (كما يشير يحياوي) تأتي أهمية أحمد راشد ثاني سواء على مستوى الإبداع أو على مستوى البحث، وهو كاتب يملك وجهة نظر، وهذه الصفة في البحث الأكاديمي والعلمي لها قيمة تنظيرية عالية جدا· وبعد هذا التقديم شرع أحمد راشد في الحديث عن آخر كتبه البحثية الصادرة والحاملة لعنوان ( رحلة إلى الصير) وهو كتاب توثيقي عن زيارات علوي بن أحمد الحداد إلى رأس الخيمة في القرن الثامن عشر، كما يحتوي الكتاب على منظومات لساكن الصير في ذات القرن الشاعر محمد بن صالح المنتفقي، وأشار (ثاني) إلى أن علوي الحداد ذكر في مخطوطته الفقهاء والنحويين والمتصوفة من أبناء المنطقة والذين لم نسمع عنهم من قبل، ويؤكد ثاني على أن أهمية المخطوطة وتعود إلى سببين أولهما إنه لم تصلنا معلومات مدونة عن تلك الفترة سوى ما كتبه المستعمر، وبالتالي يتوضح الفارق في الانشغال بين النص الاستعماري وبين نص كتبه شخص من أبناء المنطقة، أما السبب الثاني فيعود إلى أن الرحلة الأخيرة لعلوي الحداد جاءت مع دخول الوهابية، ويكشف هذا المخطوط أثر هذا الدخول في المنظومة الثقافية آنذاك· المخطوطات وحول سؤال عن مدى إمكانية العثور على وثائق ومخطوطات نادرة ومهمة مثل المخطوطة التي تنفست من جديد في كتاب (رحلة إلى الصير)، أجاب (ثاني) : أن المشكلة تعود أساسا إلى قلة الباحثين وليس إلى ندرة المخطوطات، وضمور عدد الباحثين في المنطقة يعود لسببين هما : أنه لا توجد مؤسسات تقوم بالجهد التوثيقي والببلوغرافي نحو المخطوطة أو نحو المادة الشفاهية، حيث تذهب هذه الجهود نحو المظاهر الثقافية الاحتفالية بينما في العمق وفي الجوهر فإننا ما زلنا نعاني من غياب الجانب التوثيقي للأغنية الشعبية مثلا، أما السبب الثاني فيعود للباحث نفسه الذي يفتقد لأدوات النقد والبحث المنهجي والتحليل، كما أن الباحث لا يبادر بالذهاب إلى مراكز البحوث في أرجاء العالم لتكوين ثقافة بحثية ومعرفة نقدية حول هذا الحقل الأساسي في الثقافة· وعطفا على هذا القصور المزدوج لدى الباحث والمؤسسة الثقافية، يشير أحمد راشد إلى إشكالية أخرى متمثلة في النظرة السطحية والمغلوطة للتراث، وهي نظرة رسخت للماضوية والعنصرية والفكر الإقليمي الضيق، بينما التراث هو مادة مفتوحة ومشرعة وتحتاج الى قراءة تحليلية محايدة، وهذه القراءة بدورها تحتاج الى أدوات نقدية حديثة حتى تحقق النتائج المرجوة منها، ونحن نحتاج هذه الأدوات لقراءة الذات وتشريحها لا للاطمئنان لها فقط، بل الكشف عن طريقة تفكيرنا ووعينا تجاه الماضي والحاضر والمستقبل· الشعر وبعد هذه الإضاءة الجريئة على مفهوم التراث عرج أحمد راشد ثاني على القصيدة الجديدة في الإمارات وعلى منتجي هذا النوع من الشعر من حيث معاناتهم من النظرة الأحادية للنص وللفكر والعالم، وهي نظرة سادت مؤخراً لأسباب كثيرة، أهمها الخلل في التفكير العام، فالبشر يعيشون الآن في عالم جديد ومنفتح تكنولوجيا، بينما نذهب نحن باتجاه الانغلاق والتقوقع أكثر نحو الداخل، هذا التوجه نحو الانغلاق لم يكن موجودا في فترة الثمانينات مثلا، ولذلك كنا نشعر بنوع من الحيوية والبهجة والحراك الشعري، وكانت الساحة الشعرية أكثر انفتاحا وتطورا ونموا مما هي عليه الآن، فمقابل الثورة العمرانية والنماء الاقتصادي وجدنا في التسعينات ما يشبه الانتكاسة الشعرية والذبول الثقافي، وهذا شيء مستغرب وغير مستوعب على مستوى المنطق والتحليل الذهني والمعرفي· ثم ختم (ثاني) الجلسة الحوارية بقراءة قصيدته الطويلة (دمعة البيت) من ديوانه الأخير (يأتي الليل ويأخذني) ومنها المقاطع التالية : (قلت للأمواج : لا تخافي / تقدمي واحمليني حتى ''شارع العروبة'' فحسب/إذ من هناك أنادي على جبال ''خورفكان''/ فتهب لملاقاتي/ لكنني اكتشفت أن الجبال لا تنتظر أحدا/وأن الأمواج قد فرت هاربة/ بينما كنت أتكلم/ وبينما كنت أتكلم أيضا/ظهرت هذه القصيدة/قلت لها : يا قصيدة/ كيف أصل الآن إلى ''شارع العروبة''/دلتني على مجنون/ يجمع قناني الماء/وسخّرته لي/حمل المجنون عني جسدي/وأنا فتحت في القصيدة شجرة )
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©