الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حسن آل علي: فلج المعلا يمثّل شريان الزراعة في أم القيوين

حسن آل علي: فلج المعلا يمثّل شريان الزراعة في أم القيوين
12 فبراير 2011 20:24
يقع فلج المعلا في بقعة صحراوية قاسية، في إمارة أم القيوين التي تتميز بإرث تاريخي عريق، وبفضل جهود آل المعلا حكام أم القيوين، تحولت منطقة الفلج إلى بقعة خضراء منذ القدم وربما كان ذلك منذ عام 1768 كما جاء في السير والمؤرخات التي ذكرت الأسرة الحاكمة ومناقبها، وخلال تلك الفترة كان الحكام شأنهم كشأن الفرسان، الذين يرحلون بحثا عن المياه والطرائد والواحات، ويتنقلون في مناطق الإمارة البرية، وحين أسسوا فلج المعلا قرروا البحث عن الماء، فانبثقت عين غزيرة يقال انها تأتي من مكان قرب المنامة. حسين علي آل علي آخر العارفين بتاريخ فلج المعلا، يسكن بجواره إلى اليوم، ويسير قرب نخلات زرعها ويعتني بها بنفسه رغم سنوات عمره الثمانين. جوار الذكريات تحدث حسن آل علي بكثير من الألم عن حال الفلج، فقال: “أصبحت المنطقة قاحلة إلا من بضع الشجيرات، وما تبقى من الفلج ليس أكثر من بعض الأحجار التي كانت تشكل الفلج، مثل أشباح صخرية تبرز من بين الرمال”. اختار حسن آل علي البقاء في ذات المكان الذي ولد فيه، وقد كون أسرة وزوج أبناءه في ذات المكان، وأصبح له أحفاد يريدهم ان يشاهدوا مكان أجدادهم من نفس المكان، دون أن ينتقلوا اليه بين الحين والآخر. يقول آل علي: حينما كنت طفلا أخبرني جدي أنه ساهم في حفر هذا الفلج، في زمن الشيخ راشد المعلا الكبير - جد حاكم أم القيوين السابق الشيخ راشد المعلا رحمه الله-. ويتابع: اختار جدي لبيته مكانا قريبا من الفلج لأنه كان أستاذا في البحث عن الماء وحفر الأفلاج، وأورث تلك المهنة لولده ومنها لي ولذلك صرت خبيرا في بناء الأفلاج، وقد مرت بالمنطقة الكثير من الأحداث لا أزال أذكرها، وهذا ما يدعوني للبقاء قرب الفلج. صيانة الفلج المنطقة كانت خضراء رغم قلة المنتج تجاريا، إلا أنه كان يكفي الرجل وأسرته وأقربائهم ويوزع منه على من لا يملكون زراعة، وقد كانت المياه عذبه وغزيرة، ويذكر أنه كان يدخل للعمل في المزارع مرتين واحدة في الصباح والثانية عند المساء للري، ووفق مواعيد منتظمة يتم تنظيف الفلج حيث يدخل حسن فيه ويسير مسافة تحت الأرض وداخل الماء منذ الصباح وحتى المغرب، فيشعلون الفنر أو السراج كي لا يتعثروا في الماء في طريق العودة، وكانت بعض الأعماق تصل إلى 23 مترا عن سطح الأرض. بقرب الفلج هناك برج للمراقبة ولحراسة منابع المياه، وهو يشكل مقرا أمنيا يحافظ على سلامة المياه من أي طارئ قد يتسبب في تلويث المياه، وللفلج ثقوب جانبية أفقية تصل الآبار بعضها ببعض حيث تصبح كنهر، وكان ذلك ابتكار فريد لأجداد حسين وغيرهم ممن عمل في حفر نظام الري في الفلج، وقد أصبح مثار إعجاب من مهندسين عالميين تخرجوا من كليات وجامعات متخصصة، بينما لم يحصل أي من بناة فلج المعلا القدماء على حظ من التعليم ولكنهم مهندسون بالفطرة والخبرة، وعندما كان يأتي الصيف تأتي الأسرة الحاكمة مع الحشم والأقرباء والأصدقاء لينعموا ببرودة المياه، وبالطقس الذي لم يكن حارا في الصيف كما هو اليوم منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما. ذكريات الحياة كبر حسن كما كبر فلج المعلا كل عام، وبسبب وفرة المياه وجد أن المنطقة أصبحت واحة وسط الصحراء في أم القيوين، وأصبحت الكثير من العائلات من مختلف الامارات يأتون بعد ذلك، حين أصبح بإمكانهم الحصول على مركبات تنقلهم إلى فلج المعلا. وقد قام حسن بشراء جيب لاندروفر عام 1953م، ويؤكد أنه كان أول من اشترى مركبة في المنطقة، وبدأ في زراعة الطماطم والبصل والفجل والفندال، ومنذ عام 1975 يذهب كل ليلة إلى وسط مدينة أم القيوين ليبيع الثمار والمنتجات. وقال حسن: كان كل شيء يخص الزراعة يتم يدويا، حتى السماد يصنع محليا بواسطة الأهالي وليس مستوردا، إلا أنه يؤكد أن أية زراعة لن تنهض بدون توفر المياه، وهذا ما حدث في فلج المعلا بعد أن جف من المياه، وأصبح الماء عنصرا نادرا إلا أن ذلك لا يعني أن يترك المكان فالقضية بالنسبة له ليست قضية أرباح واستغلال للأرض ومنتجاتها، ولكنها قضية وفاء وولاء للمكان الذي ولد فيه، وشهد من خلاله كل المراحل والتحولات التي مرت بها المنطقة. لذا كما يقول حسن ربما يهجر الناس المكان لعدم توفر الماء أو وسائل الترفيه، ولكنه لا يستطيع أن يهجر المكان بعد أن فقد تلك الحياة والحركة والنشاط خلال فترة طويلة، ودع فيها جده ووالده ورفاق المهنة ولكنه لن يودع الأرض والمكان طالما بقي حيا، ولا يزال يزرع داخل بيته النخيل. وشكواه الوحيدة أن الماء شحيح، ولكن الشيوخ يذكرونه بالخير ويعطفون عليه ولا يردون له طلب.
المصدر: أم القيوين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©