العراق وتركيا يتفقان: الدبلوماسية أولاً

اتفق العراق وتركيا أمس على استنفاد الوسائل الدبلوماسية لحل أزمة مسلحي حزب ''العمال الكردستاني'' التركي المحظور المتمركزين في إقليم كردستان العراق، قبل اتخاذ أي إجراء عسكري· لكن هذا الاتفاق الذي تم خلال محادثات وزير الخارجية التركي علي باباجان في بغداد لم يمنع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان من التهديد بفرض عقوبات تجارية على العراق إذا لم يتحرك فعليا لوقف نشاط المتمردين، مشيرا إلى أن خيار التوغل يبقى قائما وفي أي وقت، لافتا إلى امكانية شن عملية تركية أميركية مشتركة· إلى ذلك تعهدت الولايات المتحدة وبريطانيا بتكثيف الجهود للقضاء على تهديد متمردي ''حزب العمال الكردستاني'' التركي المحظور، ودعتا الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراقية الى اتخاذ ''تدابير فورية'' لإنهاء نشاط الحزب هناك وبينما تكثف الإدارة الأميركية جهودها في محاولة لتجنب توغل الجيش التركي في كردستان العراق، وعد الرئيس الاميركي جورج بوش نظيره التركي عبدالله جول بتعاون اميركي في محاربة المتمردين الأكراد وأدان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ''العنف الإرهابي'' للمتمردين· أمنيا، قتل 16 مدنياً عراقيا بينهم نساء وأطفال وجرح 14 آخرون خلال غارة شنتها مروحية أميركية على منزل في ناحية دجلة جنوبي سامراء· واعترف الجيش الأميركي بمقتل 6 مدنيين و5 مسلحين هربوا إلى المنزل بعد رصدهم وهم يزرعون قنابل على جانب طريق· كما سقط 24 قتيلاً و10 جرحى في هجمات مسلحين واشتباكات بين قوات الأمن وميليشيا ''جيش المهدي''· تركيا ترفض عرض المتمردين الأكراد المشروط لوقف إطلاق النار رفضت تركيا أمس عرض ''حزب العمال الكردستاني'' التركي المحظور بوقف إطلاق النار بشروط، مؤكدة أن قواتها ستتوغل عبر الحدود في إقليم كردستان شمال العراق لضرب قواعده هناك ''في أي وقت'' بعد استنفاد الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، كما هددت رسميا بفرض عقوبات تجارية على العراق إذا لم تتحرك سلطاته لوقف المتمردين الأكراد الانفصاليين في أراضيها· وشدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني جوردن براون في لندن على أن توغل الجيش التركي في كردستان سيستهدف فقط معسكرات ''حزب العمال الكردستاني'' مع تجنب تعريض السكان المدنيين للخطر وأن بلاده ''تحترم'' السيادة العراقية '' ولكن صبرها ينفد· وقال ''لا يمكننا أن ننتظر للابد ، ولذلك علينا أن نتخذ قراراتنا وقد أعطى البرلمان التفويض اللازم للقيام بعمليات عسكرية محتملة في شمال العراق وينبغي على الحكومة العراقية أن تعي أنه بإمكاننا التحرك وفقا لهذا التفويض في أي وقت''· وأضاف ''ليس لدينا اي نوايا مبيتة بشأن سلامة أراضي العراق أو وحدته السياسية· لا نعتقد أن السماح بوجود قواعد خلفية لمنظمة إرهابية في هذا الجزء من البلاد أمر جيد، أن القانون الدولي يحظر انتقال منظمة إرهابية من بلد معين الى بلد مجاور''· وصرح بأنه لمس لدى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا خلال مكالمة هاتفية بينهما مساء الأحد الماضي انها ''ترغب في القيام بعملية مشتركة'' ضد المتمردين· وقال ''يمكننا شن عملية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق''· وقال اردوجان في مؤتمر للمستثمرين في لندن '' قد نفرض بعض العقوبات فيما يتعلق ببعض السلع التي نصدرها للعراق· أعتقد ان الدول التي تؤمن بالقتال سويا ضد الارهاب ستفهم هذا الرد، اذا ما اخترنا تنفيذه، لأن الارهاب بلاء على البشرية·'' وذكر دون توضيح تفاصيل العقوبات أن تركيا تساعد العراق في مجالات المياه والوقود والاغذية ولا تستحق غارات عبر الحدود لمتمردي ''حزب العمال الكردستاني''· وفي بغداد، قال وزير الخارجية التركي على باباجان خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبة الثاني طارق الهاشمي ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن تركيا ''اخذت وعداً من العراق بدعمها في محاربة الارهاب''· واضاف ''نحن نتوقع من الدول كافة أن تتعاون فيما بينها من أجل محاربة المنظمات الارهابية· لا يمكننا ان نفرق بين ارهابي جيد وآخر غير جيد وعلى المجتمع الدولي ان يكون جسدا واحدا ضد الارهاب''· وتابع ''القضية على مستوى عال من الجدية وهي ملحة جدا والشعب التركي منزعج كثيرا وفقد صبره''· ورفض إعلان ''حزب العمال الكردستاني''مساء أمس استعداده للالتزام بوقف لاطلاق النار اذا تخلى الجيش التركي عن نيته التدخل العسكري واذا احترمت الدولة التركية الحقوق السياسية والثقافية للاقلية الكردية في تركيا· وقال تركيا ''أود أن أوضح أن وقف إطلاق النار يتم بين بلدين أو بين جيشين وليس مع منظمة إرهابية، ولحل القضية يجب أولا معرفتها بشكل جيد لاننا أمام إرهاب ومنظمة إرهابية ويجب أن نختار بشكل جيد الاصطلاحات التي يمكن أن نستعملها هنا''· ووصف طالباني زيارة باباجان الى العراق بانها ''تاريخية·'' وقال ''نعبر عن اسفنا الشديد لكل الدماء التي اريقت في الاعمال الطائشة ونحن نحرص على كل قطرة دم تركية اريقت كما نحرص على كل قطرة دم عراقية''· وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد استقباله بابا جان '' أن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية سيئة وقد اتخذنا قراراً بإغلاق مكاتبه ومنعه من العمل على الأراضي العراقية· وأكد زيباري أن العراق ''مصمم على اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لمواجهة حزب العمال الكردستاني بما فيها الاجراء العسكري وسيكون آخر هذه الاجراءات''· وقال ''أكدنا حرص الطرفين على مكافحة الارهاب بشكل مشترك وعلى أن لا نسمح لاي مجموعة مهما كانت بمن فيها حزب العمال الكردستاني ونشاطاتها الارهابية بتسميم العلاقات الثنائية الطيبة بين بلدينا وقد اتفق البلدان على بعض الخطوات العملية لتفادي هذه الازمة ومعالجة الامور بحكمة وبالطرق السياسية والدبلوماسية''· وذكر أن الطرفين بحثا ''مجموعة من الاجراءات، تتعاون فيها الحكومة العراقية والسلطات الإقليمية في حكومة كردستان على منع استفادة المتمردين من حرية الحركة والتنقل والتمويل''·