يشق جمال جوكة، موظف في الثلاثينات من عمره، طريقه كل يوم من منزله بالشارقة إلى مقر عمله بدبي قبل بزوغ الفجر، وعلى الرغم من أن المسافة لا تزيد عن 25 كيلومتراً، إلا انه ينطلق قبل موعد العمل بساعتين، كي لا يقع في شبح الازدحام المروري المؤرق ويتأخر عن موعد عمله ربما لعدة ساعات• من جهتها أكدت وزارة الأشغال أنها بصدد إنشاء طرقات خاصة بالشاحنات فقط لحل مشكلات الازدحام المروري في مختلف مناطق الدولة، بينما تبذل وزارة الداخلية بدورها جهوداً كبيرة لتسهيل حركة انتقال السكان• وبحسب التقرير الصادر عن إدارة الدراسات بدائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي في الربع الأخير من ،2008 فإن اقتصاد الإمارات يتكبد خسائر مادية كبيرة تصل إلى 5 مليارات درهم سنوياً بسبب أزمة المرور وازدحام حركة السير داخل المدن، لا سيما الازدحام الشديد الذي يشهده ''دوار ناشونال'' على شارع الإمارات الدولي الكائن في إمارة الشارقة ويربط معظم الامارات الشمالية مع دبي وأبوظبي• قبل الفجر من هنا تبدأ رحلة المعاناة مع جوكة، حيث قال إن ''شارع الامارات أصبح طريق الهلاك والحوادث، طريق الفوبيا وأمراض العصر بسبب الضغط الكبير''، نتيجة الازدحام• وحول المعاناة اليومية التي تلازمه، لفت جوكة إلى أن حاله ''أصبح مثل صيادي السمك الذين يخرجون للبحر قبل بزوغ الفجر''• وبحسب تقرير إدارة الدراسات بدائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي فإن خسائر اقتصاد الإمارات تمتد أيضاً إلى الوقت الذي يمضيه الموظف في الوصول إلى عمله يوميا بسبب أزمة السير، حيث أصبح الزحام يكاد يتحول تدريجيا إلى سمة دائمة للحركة المرورية في معظم ساعات اليوم ولم يعد يقتصر على أوقات الذروة، نتيجة التغيرات العمرانية والاقتصادية ودخول عدد من الوافدين• ولفت التقرير إلى أن مشروعات التنمية والتوسع الاقتصادي الكبير الذي تشهده الدولة في كافة أرجائها، ولد زيادة مماثلة في الضغط على البنية التحتية، بسبب اللجوء إلى العمالة الوافدة كحل وحيد لسد النقص في متطلبات مشروعات التنمية• المواقف والنوم ''النوم في مواقف السيارات أصبح جزءاً من حياتي اليومية''، بهذه الواقعة الغريبة بدأ حسين الحمادي الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية حديثه، لافتاً إلى أنه بعد ان يجتاز قطار السيارات الطويل الذي لا ينتهي بعد رحلة المعاناة اليومية من أجل الوصل إلى مقر عمله لا بد له أن يأخذ قسطاً من الراحة حيث ''أعوض فترة النوم بسبب الانطلاقة المبكرة''• من جهته، قال علي عبدالله الموظف في أبوظبي إن مشكلة الازدحام المروري ''ستبقى كما هي طالما لا توجد طرق بديلة للشاحنات''، مضيفاً أن إدارات المرور تساهم في تكريس المشكلة عندما تسمح لمختلف الفئات الحصول على رخصة القيادة من دون أن تحدد ضمن استراتيجياتها عدد السيارات المفترض ترخيصها للأجانب والسيارات الواجب شطبها• وأبدى عبدالله استغرابه للازدحام والاختناقات المرورية في الطريق الواصل بين الشارقة ودبي والتي هي مسافة قصيرة تصل إلى عدة كيلومترات لكنها تحتاج إلى أكثر من ساعتين لاجتيازها، هذا إذا لم يكن هناك حادث مروري، أو شاحنات كبيرة محملة بمواد البناء، مضيفاً ''لا أعلم لماذا لم تحل هذه القضية حتى اليوم، وعلينا الانتظار حتى يأتي الفرج''• جهود وزارة الداخلية وفي هذا الإطار شدد المقدم علي سعيد المطروشي رئيس قسم المرور والترخيص في عجمان على أن وزارة الداخلية تبذل جهوداً جبارة بشأن تسهيل حركة السير، وسن القوانين التي تضمن الالتزام بقواعد المرور والسلامة• ودعا المطروشي لأن يكون هناك تعاون بين إدارات التخطيط لدى أجهزة المرور والبلديات قبل تنفيذ مشاريع الطرق الداخلية والخارجية، موضحاً أن ''الأزمة المرورية لن تنتهي في يوم وليلة طالما المشاريع العمرانية قائمة والاستثمار العقاري يلتهم معظم المناطق في مختلف إمارات الدولة''• مسار خاص للشاحنات من جهته، أكد الدكتور المهندس عبدالله بلحيف النعيمي المدير العام لوزارة الاشغال العامة أن الوزارة تعتزم تنفيذ طريق خاص للشاحنات يعبر مختلف مناطق الدولة لحل مشكلة الاختناقات المرورية على المسارات الحالية ويجنب الطرق الرئيسية الازدحام المروري• وقال النعيمي إن الوزارة كلفت أحد الاستشاريين من بيوت الخبرة بإنشاء دراسة مستفيضة لرسم طريق جديد ''للشاحنات فقط'' يعبر جميع مناطق الدولة، على أن يكون ضمن الطرق الخارجية التي لا تمر على المدن والطرق الداخلية، ومن المتوقع أن يكشف عن نتائج الدراسة خلال الشهور المقبلة، مؤكداً أن الوزارة تعمل حالياً على تنفيذ حزمة من مشاريع الطرق من أجل الحد من الاختناقات المرورية•
عدد اليوم
