الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منتدى "الاتحاد" يناقش أزمة الثقافة العربية

منتدى "الاتحاد" يناقش أزمة الثقافة العربية
23 أكتوبر 2007 03:04
تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وبحضور سمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان رئيس هيئة كهرباء ومياه أبوظبي وسعادة محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام، عقد أمس منتدى ''الاتحاد'' السنوي بعنوان ''تحديات الثقافة العربية في عصر العولمة'' الذي افتتحه معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني في فندق شينجريلا بأبوظبي· وشهد المنتدى نقاشاً ساخناً حول الثقافة العربية، حيث تباينت رؤى رموز الفكر العربي بشأن اسباب أزمة الثقافة العربية وعلاقة النخبة الثقافية بالمجتمع، مروراً بالعلاقة الشائكة مع ثقافة العولمة، وانتهاء بكيفية وضع السياسية الثقافية للعالم العربي· ثقافة النخبة وثقافة المجتمع ودعا معالي الدكتور أنور محمد قرقاش عبر كلمته الافتتاحية في الجلسة الأولى للمنتدى إلى ضرورة الانفتاح على العالم والتعايش الإيجابي مع الآخر· وشدد على أن هذا الانفتاح يقوم على موقعنا في العالم، وكوننا ورثة لحضارة مستنيرة هي الحضارة العربية والإسلامية· وسارت الجلسة الأولى على خط ساخن بين رؤى متعارضة حملها كتاب ''وجهات نظر'' بشأن العلاقة بين ثقافة النخبة وثقافة المجتمع· وبعد كلمة قرقاش، ارتفعت درجة حرارة الجلسة الأولى لمنتدى ''الاتحاد'' بصراع فكري راق بين الرؤى المختلفة للعلاقة بين ثقافة النخبة وثقافة المجتمع في العالم العربي· وكان وصف د·موزة غباش للجلسة بأنها ''جلسة ساخنة ذهنياً'' يختصر ما حدث داخل قاعة ''المنتدى'' التي نجح رئيسها محمد خلفان الصوافي بالعبور بها إلى بر الأمان وسط بعض الصعوبات· كان الجدل الرئيسي في الجلسة الأولي يدور بين د· محمد عابد الجابري ود· رضوان السيد بشأن رؤيته ثقافة الوطنية وعلاقة الحداثة بالتراث وإمكانية ''التجديد من الداخل''· وتمسك السيد بفكرة بقوله إن ثقافة الجماهير العربية هي ثقافة ''إسلامية''· في المقابل كان طرح د· وحيد عبد المجيد في مداخلته بشأن ثقافة العلاقة بين النخبة والمجتمع مثار جدل، خاصة بقوله إن المجتمع العربي قام بمقاومة ثقافة النخبة الأحادية والسلطوية بالاحتماء بأسوأ مخزوناته وهو التعصب للانتماءات الأولية الدين والقبيلة والمذهب·· الخ، كخط دفاع تحصنت بها ثقافة المجتمع في مواجة ثقافة النخبة· أزمة أحياء التراث وسعى الجابري عبر محاضرته إلى سرد تاريخ العلاقة بين ثقافة النخبة وثقافة المجتمع عبر 50 عاماً، كمشارك في هذه المسيرة· وبعد ان استعرض المعني الانثربولوجي لكلمة الثقافة، طرح كون الثقافة الوطنية كبديل للثقافة الاستعمارية· وأوضح الجابري في جدول عن تغير مفردات الخطاب العربي تحول المشهد الثقافي العربي منذ الخمسينيات، بالمقابلة بين مفردات الخطاب العربي في الخمسينيات واليوم· وأكد أن الإصلاح والتجديد في الثقافة العربية، بما فيها النظام التربوي وفكر النخبة، يجب أن يستهدف أولا وقبل كل شيء إنشاء مرجعية ثقافية عربية واحدة عامة، مرجعية أم ترتبط بها جميع المرجعيات الفرعية فضلا عن المذاهب الدينية والفكرية· وإنشاء مثل هذه المرجعية العامة المشتركة التي تصل الماضي بالحاضر في اتجاه المستقبل يتطلب - - تبني استراتيجية ''التجديد من الداخل''، وهي استراتيجية تتحرك على محورين متكاملين: محور النقد وإعادة الترتيب والبناء لتراثنا الثقافي بمختلف منازعه وتياراته، ومحور التأصيل الثقافي لقيم الحداثة وأسس التحديث· وفي تعقيبه، أكد د· رضوان السيد أنه يختلف مع عابد الجابري في توصيفه الثقافة الوطنية، معتبراً إياها ثقافة أيديولوجية مثل غيرها· وقال السيد إن هناك بالفعل هناك ثقافة حالية في العالم العربي مكتملة في جوانبها من حيث طرق الحياة ورؤية العالم وهي الثقافة ''الإسلامية'' التي تسعى إلى بناء المجتمع الإسلامي المثالي· وفي مداخلته، شدد د·وحيد عبد المجيد على أن التحليل الثقافي للتطور الاقتصادي والاجتماعي منقوص ولا يتم البحث فيه كثيرا· وأكد عبد المجيد أن الناس فرت من قهر الدولة إلى حضن الحياة الاجتماعية التقليدية وانتماءاتها الأولية وتجذرها ، وهو ما جعله أهم مكونات المشهد العربي· ومن جانبه، طرح د· خالد حروب عدة ملاحظات في مداخلته، متفقاً مع رضوان السيد أن تعريف الجابري للثقافة الوطنية هو تعريف ايديولوجي· وأشار إلى ان مفهوم ''روح الشعب'' الذي طرحه الجابري مفهوم مطاط وكذلك الحديث عن آمال الكادحين، وأيضاً القول إن روح الشعب تتجلى في اللغة ، متسائلاً عن وضعية الأكراد والبربر في هذا الإطار· ورفضت الدكتورة موزة غباش بشدة استخدام وحيد عبد المجيد كلمة ''الأسوأ'' في وصفه لعودة المجتمعات إلى جذورها الاجتماعية والتاريخية· واهتم د· أحمد يوسف أحمد في تعقيبه على الجابري بالجدول الخاص بالمفردات، وقال إن هذا الجدول لخص المعالم الأساسية التي طرات على المشهد الثقافي العربي· ولكنه أشار إلى أن الجدول لا يحمل التطور الزمني لتحولات المفردات بالإضافة إلى عدم تحدي إذا ما كان يمثل مفردات النخبة او المفردات الرسمية· ورأى خليل علي حيدر أن القول إنه كان هناك صراع بين الثقافة الاستعمارية والثقافة الوطنية يخفي في طياته القول إن هناك صراعا بين التفكير الحديث والتخلف· العولمة أما الجلسة الثانية التي حملت عنوان ''العولمة والخصوصية الثقافية''، فأدارها واستهلها الدكتور أحمد عبدالملك بالتأكيد على أن منتدى ''الاتحاد'' السنوي يفتحُ آفاق الحوار وتبادل الرأي في قضايانا المعاصرة، الورقة الرئيسية للجلسة كانت للدكتور طيب تزيني، أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق، فهو يرى أن ثمة حالة أخذت تتفشى في أوساط الباحثين والمثقفين والكتاب في مناطق واسعة من العالم، ومن ضمنها البلدان العربية، وهي التناول الواسع والمعمّق في أحوال معينة، والتناول السريع واليومي الصحفي في أحوال أخرى، لثنائية العولمة والثقافة· ولعل اتساع الإهتمام بالظاهرة المذكورة على النحو المذكور يعود إلى أنها ظهرت وبرزت تحت تأثير الحدث الأعظم، نعني نشأة النظام العالمي الجديد على أنقاض العوامل الثلاثة الشهيرة، تفكك الاتحاد السوفييتي ونتائج حرب الخليج الثانية وثورتي الاتصالات والمواصلات· وكما يلاحظ، فإن ذلك كان له ومازال وقع ذو دويّ عالمي عمومي تشترك فيه القارات الكونية كلها· لكن على طرف آخر من ذلك الاتساع للظاهرة المعنية، تعود أهمية هذا الاتساع لسبب له خصوصية عربية وبالضبط تحديداً في إطار المثقفين العرب، نعني بها انتشار المقولة أو الفرضية أو الأطروحة التالية، وهي أن ''الثقافة والجبهة الثقافية'' هما صمّآم الأمان الأخير في ''معركة الوجود'' العربية· فمع الإخفاق في المشاريع الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، ومع السقوط في الحقل السياسي والآخر التنموي والثالث القضائي والرابع المتعلق بالتعليم العالي···إلخ، برزت المقولة المذكورة بوصف كونها الرهان الأخير في أيدي العرب· وأكد أن المقولة، التي أتينا عليها حول كون الثقافة العربية (ومن ثم الهوية العربية) هي صمام الأمان الأخير في الواقع العربي الحُطامي للخروج به من المأزق الذي دخلت فيه أو ستدخل فيه تحت قبضة النظام العولمي الجديد، نقول، إن تلك المقولة، والحال كذلك، تدلّل على بطلانها، لأن الثقافة المذكورة، سينظر إليها حالئذ وفي أساسها الإبستيمولوجي العربي، خارج السياق التغييري التاريخي، حتى قبل أن ينشأ ذلك النظام الجديد· وبهذا يجري تجاوز ما يعتبره فريق من الباحثين العرب ''إشكالية مفتوحة''، على صعيد العلاقة بين الخصوصية الثقافية (العربية تحديداً) والعولمة· أما الدكتور برهان غليون، رئيس مركز دراسات الشرق المعاصر بجامعة السوربون، فعقب على ورقة الدكتور طيب تزيني، منتقداً غياب الصرامة في تحديد المفاهيم التي تطرقت إليها الورقة بحيث تفتقر إلى الصرامة والوضوح· للصرامة لأنها لم تعن كثيرا بتحديد المفاهيم التي تستخدمها، وفي مقدمها مفهوم العولمة· وللوضوح لأنها حفلت بالتعميمات سواء في ما يتعلق باستعراض أفكار الباحثين الذين تشير إليهم، أو في ما يتعلق بأسلوب عرض تأكيدات وأفكار تحتاج إلى حجج وبراهين لا تظهر في النص· ولذلك غلبت على الورقة الرؤية الذاتية والأيديولوجية· وتستحق العولمة والثقافة مناقشة أكثر رصانة وعلمية وبرودة أعصاب في المنتديات العربية اليوم بعد أن كتبت باللغة العربية حول العولمة والثقافة محاولات عديدة يتحلى كثير منها بدرجة كبيرة من الجدية والعمق· تحليل ونقد السياسات الثقافية العربية اكد رئيس الجلسة الثالثة د· عبد الله جمعة الحاج على أن الحديث عن الثقافة لابد ان يتطرق إلى المثقفين، فالمثقف العربي حاضر مغيب، فالمثقفون لهم الدور الريادي في المجتمع الغربي في اتخاذ القرارات ورسم السياسات· ولكن في العالم العربي فالمثقفون يتحدثون كثيراً دون أن يكون لهم دور· فالمثقف وفقا لجمعة الحاج يعامل على أنه مواطن من الدرجة الثانية خاصة في المجتمعات التي تدعي الطليعية والثورية ·ولفت إلى أنه ربما تواجدت بؤر في الإمارات والدول العربية الناشئة التي بدأ يأخذ فيها المثقف دوراً جزئياً· وأكد أننا نحرث في البحر عندما نتحدث عن الثقافة دون الحديث عن المثقف· وفي محاضرته، رد السيد يسين على عبد الله جمعة مؤكدا أنه يعتبر نفسه كمثقف عربي مواطن من الدرجة الأولى وليس الثانية حيث يمارس النقد الاجتماعي المسؤول ولا يعتبر نفسه من مثقفي السلطة ومبرري السياسات· وفي مقدمة محاضرته حول تحليل ونقد السياسة الثقافية العربية، اكد السيد يسين ان ما يطرحه هو قواعد لمنهج جديد لوضع السياسة الثقافية العربية، التي قاد فشلها المتواصل إلى استشراء التطرف الايديولوجي· واوضح السيد يسين في ورقته كيفية وضع سياسة ثقافية فعالة، وقال السيد يسين إن أزمة رؤى العالم تقود إلى ظاهرة التطرف الإيديولوجي، وهي البنية الأساسية التي قادت إلى الإرهاب· وفي تعقيبه، شدد د·سعد بن طفلة العجمي على أن ورقة السيد يسين ركزت على التشخيص أكثر من العلاج، واكد أن الخطاب الرسمي العربي مساهم رئيسي في خلق واستمرار ظاهرة التطرف، لأن الدول العربية وفقا للعجمي لا تواجه التطرف بالبديل بل بالمزايدة على المتطرفين· وفي مداخلة د·رياض نعسان اغا، اخذ على السيد يسين عدم الإشارة إلى الدور التاريخي والراهن للصهيونية في رسم سياسات التطرف الإيديولوجي، وكذلك التطرف المسيحي الصهيوني وانعكاسه على التطرف الإسلامي· إلى جانب استنكر نفي وجود العقل النقدي في الثقافة العربية ورفض الاقرار بتقدم الغرب ثقافياً وفكرياً·واعتبر ان العولمة ظاهرة تطرف ايديولوجي · وفي التعقيبات، دعت د·زينب حنفي إلى التركيز على تثقيف الأسرة لمواجهة غلو المتطرفين، فيما حذر عبد الله أحمد حسن من تكرار القول بفقدان العقل النقدي العربي وتحول المثقفين إلى متفرغين لتبرير السلطة معتبرا أنه قد يعتبر قبولاً بأن الأمة قد انهزمت ونقل هذا الاحساس إلى الأجيال الجديدة· وتسأل د·خالد حروب عن الحركات الاحتجاجية الجماهيرية غير المتطرفة التي يمكن أن تنشأ في العالم العربي على غرار ما حدث في بورما· وطالب د· عبد الله مدني الدول العربية بعدم الوقوف عند المنتصف، وأنها أمام خيار التنوير أو التخلف،معتبراً أن بعض انظمة الخليج العربي بادرت في الدفاع عن التنوير كما حدث في البحرين في حادثة مهرجان الربيع الماضي الذي حاول الإسلاميون إلغاءه بسبب حفل لمارسيل خليفة ودافعت الدولة عن المهرجان فسكتت الأصوات المعارضة· وجهات نظر الأهم عربياً أشاد المفكرون العرب بصفحات ''وجهات نظر'' بجريدة الاتحاد· ووصفها معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني بأنها المساحة التي ميزت نفسها في الصحافة العربية بفضل مساهمات الكتاب القيمة· ووصف الدكتور برهان غليون منتدى ''الاتحاد'' بأنه الفريد في العالم العربي الذي يجمع بين كتاب الآراء لتبادل الأفكار· وأكد الدكتور محمد عابد الجابري أن علاقته بجريدة ''الاتحاد'' تعود إلى عام 1992 حيث كان أحد كتاب الجريدة، مشيداً بشكل خاص بصفحات ''وجهات نظر'' التي انطلقت منذ 6 أعوام كإضافة مهمة لصفحات الرأي العربية· واعتبر د· وحيد عبد المجيد أن هذه الصفحات هي الأفضل والأقوى على الإطلاق في الصحف العربية· وقال د·بهجت قرني إن باحثة ألمانية أكدت له أنها تتعلم اللغة العربية عبر صفحات ''وجهات نظر''· أزمة رؤية العالم أكد السيد يسين انه لابد من دراسة خريطة التيارات الفكرية في المجتمع من أجل فهم السياسة الثقافية، كما تمارس في واقع المجتمع العربي من خلال مجمل الأنشطة الثقافية والمؤسسات والأجهزة الرسمية وغير الرسمية· وعبر دراسة ما يعرف بـ''تخصيص الوقت'' أي البحث ميدانيا للتعرف كيف يقضى الناس أوقاتهم وعمل خريطة كيف يستخدم الوقت في المجتمع· وبالتالي تحديد المستهدف من السياسات الثقافية· وتحديد رؤية العالم، بمعني نظرة المجتمع للكون والعالم والانسان· وأشار إلى أن صلب المشكلة في العالم العربي هو الصراع الحاد بين الرؤى المتعارضة للعالم بين رؤية ليبرالية مشتته ليس خطابها لا يصل إلى الجماهير ورؤية إسلامية متشددة تصل للناس· وقال عن رؤية العالم هو صلب موضوع السياسيات الثقافية لأنه يجب أن ندرك كيف ينظر الإنسان إلى العالم والاختلاف بين الأجيال وبين الرجال والنساء والريف والحضر ·· الخ· وكذلك أهمية معرفة المؤشرات الثقافية لنوعية الحياة، فهناك أهمية وفقا للسيد يسين لمعرفة كيف يعيش الناس ونوعية حياتهم، وفهم ما هو معنى الحياة بالنسبة لهم· وقال إن معرفة معني الحياة بالنسبة للإنسان يفسر عدم اقتناع جماعات بالحياة الحديثة وهو السؤال الذي يمثل مصدر الحركات الإسلامية الاحيائية في اللحظة الراهنة· وأخيراً دراسة الاحتياجات والمطالب الثقافية للمجتمع· اتساع المقدس نقد د· رضوان السيد أطروحات الجابري بشأن إمكانية إحياء التراث· وقال إن التراث لا يمكن إحياؤه أو تجديده بل فهمه واستيعابه وقراءته قراءة نقدية· وأوضح أن ابن خلدون وابن رشد تراث مضى وانقضى وجزء من التاريخ الإنساني· وبالتالي يجب مراجعته ونقده· وشدد السيد أن الدين بالنسبة للإسلاميين ليس موروثا بل يتجدد وعبر آليات مختلفة تماماً عن التراث· وأكد السيد أن أطروحة الجابري الخاصة أنه يجب بناء حداثة خاصة بنا لا تتجمد عند الماضي ولا تذوب في المعاصر وتقوم على الوسطية· فبالنسبة لرضوان السيد لا يمكن بناء حداثة خاصة بنا عبر القول إنها تستند إلى ابن رشد أو الشاطبي لأن هناك قطيعة بين جمهور التراث· فالمشكلة كما يراها السيد هي اتساع المقدس إلى حدود إرادة إلغاء الدولة المدنية، التي يعتبرها الحصن الأخير· هذا الحصن الذي يعتبر السيد أن العسكريين بدأوا هدمها ليكمل الهدم الإسلاميون الجدد· الغرب لا يتسامح علق محمد عابد الجابري على فكرة التسامح بالقول إن ما يحدث اليوم هو رد فعل من جانب الشعوب العربية، مؤكدا اننا لو كنا نعيش عصر الماركسية لأصبح من يفجرون أنفسهم يفعلون ذلك باسم الماركسية· وأشار إلى أن الحداثيين لم يتسامحوا مع الإسلاميين، فقد كان الحداثيون وهو منهم يتصورون انهم يركبون قطار التاريخ · وشدد الجابري على أنه يجب ألا نكون سجناء اللحظة الراهنة، موضحاً أن كل ما يحدث هو مؤقت· زمن راكد أكد د· طيب تزيني إنه، إذا كانت المخاوف من أن تُطبق ''العولمة'' على الثقافة العربية وتفكّكها، لم تعد ذات بال· ولكن، لماذا ذلك؟ هل الثقافة العربية حال تتوضّع خارج التاريخ وفوقه؟ فهي، من ثم، بنية متعالية على الزمان والمكان، مِما يحتفظ بها بوصفها رهاناً حيّاً وفاعلاً، وواعداً أبداً وبالطبع، يترتب على ذلك إقرارٌ، بقدر ما، بأن خصوصية هذه الثقافة تكمن في أنها ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان· ونحن إنْ وضعنا ذلك مُنمْذجاً، وليكنْ بصيغة ما كتبه محمد عابد الجابري، مثلاً، فإننا نجد أنفسنا أمام مجرى الأفكار التالي:''الهوية الثقافية هي حجر الزاوية في تكوين الأمم''· وإن ''الهوية العربية هوية مكتملة وثابتة، ولكن التجارب والتحديات تجعل من الضروري بين حين وآخر إعادة ترتيب عناصر هذه الهوية''· وعلى هذا، فـ''الثقافة العربية بوصفها الإطار المرجعي للعقل العربي، نعتبرها ذات زمن واحد منذ أن تشكلت إلى اليوم، زمن راكد يعيشه الإنسان العربي اليوم مثلما عاشه أجداده في القرون الماضية''· فيضان من المصطلحات أكد الدكتور أحمد عبدالملك، أن بعد الحرب الباردة ظهرت علينا مصطلحاتٌ عديدة، بعضها ما زال يمارس اغتصاب الحقائق ويقهر الشعوب، وبعضها فكك الدول وشطرها، وبعضها ما زال خفياً ولم تظهر نتائجُ استعماله· تغنينا كثيراً بالنظام العالمي الجديد، والشرق الأوسط الجديد، والجلاسنوست، والبيروسترويكا، والناس الأخيار والناس الأشرار ومحور الشر ومحور الخير، وفسطاط الخير وفسطاط الشر، واقتصاد السوق، والغزو الفكري، (كما قال فوكوياما)، حيث يعني تجاوز الدول دون إحضار أو حضور أو استرجاع التاريخ؟! وغيرها· ولأن دول العالم الثالث- ومنها الدول العربية- دولٌ متلقية دائماً، فلقد تلقينا تلك المصطلحات وتداولناها كما تداولنا السيارة الأميركية، والتلفزيون الرقمي، والحواسيب، والدوت كوم! والعولمة أحد المصطلحات التي دخلت قاموسنا اليومي، وبدأت حكوماتنا تعميمه علينا، وتأكيد حتمية التعامل معه· وظهرت بوادر استحسان واستهجان في قضية ذلك الدخول، فهنالك من يقول: إن عدم الدخول في العولمة، يعني بقاء الدولة والمجتمع خارج التفاعل الأممي! وهنالك من يقول: إن الدخول فيها يعني ضياع الهُوية وتلاشي القيم؛ ويشمل ذلك المعتقدات والسلوكيات والطموحات أيضاً· وظهرت طبقاً لذلك مساحات ثقافية (علوية) ومساحات ثقافية (دولية) لدى المُنظرين المؤمنين بأيديولوجية التمييز· وكان هؤلاء من مؤيدي النظرية الفاشستية، تماماً كما ظهر تيار التعددية الثقافية- المؤمن بتعايش مشترك بين الشعوب المتقاربة والمتباعدة جغرافياً وحضارياً؛ وإن كانت لها خصوصياتها الثقافية وعروقها الإثنية· من التعريفات الغريبة للعولمة:''أنها تعني كل شيء، ولا تعني شيئاً بعينه''· ولعلنا نشير هنا أن العولمة -فيما تعنيه- زوالُ الحدود والاندماج وانتهاء الاختلاف، والنحو تجاه محو الخصوصية الثقافية للشعوب· قرقاش: التسامح جزء من قصة نجاح الإمارات شدد قرقاش على تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي شهدت نهضة وتغييراً جارفاً تناول كافة مناحي الحياة· وأشار إلى أنه عندما يستعيد الذاكرة يدرك كم هي قدرة الانسان على التكييف مع التغيير الهائل والمطرد ولعلنا في مثل لحظات التأمل هذه ندرك كم هو حجم التغير الذي طال بيئتنا، ببعدها البشري والمادي وقال إن هذا التغيير السريع بقي إلى جانبه جوانب ثابتة ترتبط بالهوية العربية والدين الإسلامي والنزعة العائلية المحافظة· معتبراً أن الانفتاح والتفاعل مع المحيط المجاور والحفاظ على الثوابت تحت عنوان التسامح والانفتاح الاجتماعي والثقافي تمثل جزءا رئيسيا من قصة نجاح الإمارات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©