السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البشمرجة» والجيش العراقي.. التنسيق ضد «داعش»

14 ابريل 2016 00:18
لا تكاد أصوات العيارات النارية تتوقف عبر السهول العشبية التي تنبسط في المنطقة الشمالية للعراق، ولا تتوقف عربات الإسعاف عن نقل الجرحى والمصابين من خطوط النار. وكنت أشاهد لتوّي انفجاراً ضخماً هزّ بلدة «نصر» التي تبعد بنحو 1600 متر عن المكان الذي أراقب منه سير المعارك حيث غطت سحابة من الدخان المكان، وربما يكون الانفجار قد وقع بسبب هجوم انتحاري لمقاتلي تنظيم «داعش» أو غارة جوية للتحالف. وفي هذا المكان، تحاول البشمرجة الكردية والقوات العراقية شق طريقها باتجاه الشمال الغربي لملاقاة مقاتلي «داعش» على تخوم مدينة الموصل التي تقع على بعد 80 كيلومتراً. ولا تشكل بلدة «نصر» أكثر من عشرين بيتاً قائمة فوق هضبة، ولكن أهميتها تكمن في أنها تمثل نقطة انطلاق العمليات العسكرية لإعادة السيطرة على الموصل، ثانية أكبر المدن العراقية، وهذا الهجوم الذي انطلق رسمياً بتاريخ 24 مارس الماضي، ترافق مع تهجير جماعي لسكان تلك المناطق وبما يهدد بوقوع أزمة إنسانية. وفرّ ألوف المواطنين من بطش مقاتلي «داعش» باتجاه بلدة «مخمور» في اليوم التالي لانطلاق الهجوم ليتعرضوا للتحقيق من طرف مقاتلي البشمرجة خوفاً من وجود خلايا نائمة لتنظيم «داعش» في صفوفهم. وكانت «مخمور» قد وقعت تحت سيطرة «داعش» في شهر أغسطس 2014 بعد أن تمكن التنظيم الإرهابي من بسط سيطرته على مدينة الموصل، وما لبث «الجهاديون» أن طُردوا منها على أيدي القوات الكردية، إلا أن مقاتلي «داعش» رابطوا في المناطق المحيطة بالبلدة حتى الشهر الماضي. ويوم 31 مارس، تمكن الجيش العراقي ومقاتلو العشائر السنية والبشمرجة بدعم من الغطاء الجوي للتحالف من السيطرة على عدة قرى مجارة للبلدة كانت تحت سيطرة «داعش». وتولى الجيش العراقي دور قيادة التقدم باتجاه الموصل فيما كانت البشمرجة تراقب التطورات عن قرب بسبب عدم اقتناعها بالروح القتالية والمعنوية للحلفاء الذي تقاتل إلى جانبهم. ولا تبدو المهمة سهلة أبداً بالنسبة لجنود الجيش العراقي المقاتلين في هذه المنطقة، والذين بلغ عددهم نحو الألفين. وقريباً من خط النار، تجمع عدد من المقاتلين حول جندي عراقي كان يبكي بمرارة وقد تضرجت سترته بالدماء فيما كان يحتضن جثة أخيه الذي لقي حتفه على أرض المعركة، وصرخ بغضب: «ما هذه الحرب البشعة التي تدور بين الشيعة والسنّة؟ ولماذا يحدث هذا في العراق؟». وكانت البشمرجة تكتفي بمراقبة مقاتلي الجيش العراقي، وهم يتقدمون ببطء وقد بدت عليهم علائم الإحباط، وخاصة بعد أن فشلوا في استعادة بلدة «نصر» خلال ثلاثة أيام من القتال، وبما يدل على ترددهم ونقص خبرتهم في خوض مثل هذه المعارك. وقال أحد مقاتلي البشمرجة في وصف حال جنود الجيش العراقي: «لقد فقدوا الروح المعنوية والقتالية تماماً، وأصبحوا عاجزين عن مواصلة القتال». وإذا لم يشعر مقاتلو البشمرجة والجيش العراقي بأنهم يقاتلون عدوهم المشترك تنظيم «داعش»، فسوف يتحولون إلى طرفين متنافسين بدلاً من كونهما طرفين متحالفين، وذلك لأن القوتين تعملان لمصلحة حكومتين مختلفتين لكل منهما أجندتها السياسية المنافسة لأجندة الأخرى، بالإضافة لانعدام تاريخي للثقة المتبادلة بينهما، ومن شأن هذا الانقسام واختلاف المواقف والأهداف أن يهدد بإضعاف الروح القتالية ضد تنظيم «داعش». وقال مقاتل من البشمرجة يدعى جمعة طالب وهو في عامه الثامن والثلاثين: «إن درجة ثقتي بمقاتلي الجيش العراقي تبلغ الصفر تماماً، وبالنسبة لنا فإننا ندافع عن أرضنا، وبالنسبة لهم فإنهم يعدونها حرباً دينية». وفيما تخوض البشمرجة والجيش العراقي القتال على خطوط النار في ظروف تفتقر إلى أبسط مفاهيم التعاون والتنسيق والثقة المتبادلة، فإن تنظيم «داعش» يوظف تكتيكات تهدف إلى نشر حالة من الارتباك واليأس في صفوف أعدائه. ويردد بعض مقاتلي البشمرجة عبارات ناقدة عامرة بالسخرية للوضع الذي يوجد عليه الجيش العراقي، ومنهم مقاتل عمره 42 عاماً يدعى عبد الله عزيز، والذي قال لي وهو يبتسم ويشير إلى سترته العسكرية وهي تخلو من الأوسمة والنياشين المصنوعة من السيراميك الملون في إشارة منه إلى سترات الضباط العراقيين التي تزدحم بها: «نحن موجودون هنا لأننا نخاف من انهيار الجيش العراقي، ونحن هنا من أجل منع حدوث هذا الانهيار. والبشمرجة لا تخاف ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، ولقد تطلب الأمر من الجيش العراقي ستة أيام حتى تمكن من احتلال قريتين، وأما نحن ففي وسعنا أن نحتل ست قرى في ظرف ساعتين». *كاتب ومصور ميداني أميركي يعمل في العراق وسوريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©