الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الديون وغياب التوافق السياسي يجمدان برنامج الإصلاح الاقتصادي في لبنان

21 أكتوبر 2007 22:33
ضمن مواضيع أخرى طارئة يستوجب التصدي لها فإن حكومة فؤاد السنيورة يمكن إيجاد العذر لها في عدم الاهتمام بمسألة الإصلاح الاقتصادي· فهذه الحكومة ما زالت تحاول الدفع لسلسلة من التدابير الهادفة لإنعاش الاقتصاد وتهدئة الآثار الناجمة عن عبء الديون التي تتجاوز قيمتها 62 تريليون ليرة لبنانية ما يؤكد كثافة حجم التحديات المالية التي تواجه السلطات في بيروت· ومن المؤسف أن غياب التوافق السياسي بات يلحق أضراراً جسيمة بالمساعي الحكومية الرامية إلى خصخصة موجودات الدولة وترشيد الانفاق العام· بل إن الاختلاف السياسي المتسع في المنطقة يجعل من الصعوبة بمكان دعم وإسناد النشاط الاقتصادي في الدولة بسبب تصاعد عامل المخاطرة· كما أن السلطات ما زالت تحاول جاهدة إزالة الآثار التي خلفتها القنابل والذخائر الاسرائيلية منذ العام 2006 في نفس الوقت الذي تسعى فيه للسيطرة على الضغوط المالية الناجمة عن حرب يوليو عام 2006 بحيث تسترد الإيداعات المالية الهاربة بعيد ذلك النزاع، إلا أن ثقة المستثمرين ما زالت سلبية فيما يبدو· وكما ورد في ''ميد'' مؤخراً فإن الحكومة لم يعد بإمكانها تحمل أن يؤدي الخلاف السياسي إلى تعطيل مسار البرنامج الإصلاحي الأكثر أهمية في التصدي للعوائق المالية المتوسطة المدى التي تحيط بالدولة· وهنالك عجز في الميزانية ارتفع إلى مستوى 2,3 تريليون ليرة في أغسطس 2007 نتج بشكل رئيسي عن تكاليف باهظة في خدمة الدين وتزامن مع كميات هائلة من الإنفاق العام الذي ظلت تواجهه أكثر من عامين من عدم الاستقرار السياسي· ويذكر أن تكاليف خدمة الديون التي بلغت 3,2 تريليون ليرة لبنانية قد شهدت التضخم بفعل إنفاق اجمالي بمعدل 13,2 في المائة في الأشهر الثمانية الأولى من عام ·2007 أما الدين العام فقد انقسم مناصفة ما بين الدين المحلي والأجنبي بنسبة 55 في المائة من اجمالي الديون في الأشهر الأولى الثمانية في العام بينما شاركت خدمة الدين المحلي بنسبة 45 في المائة الباقية· وما زالت السلطات تبذل جهودها لخفض نسبة الدين إلا أن هذا الأمر شأنه شأن العديد من المشاكل الأخرى أصبح في حاجة ماسة للتوافق السياسي· ويقول نسيب نوبريال رئيس ادارة البحوث في بنك بيبلوس في لبنان: ''هنالك حاجة ماسة لإجازة القوانين العالقة في البرلمان لفترة عام كامل تقريباً· وهو الأمر الذي يعتبر المعوق الأكبر في الوقت الذي أصبح فيه الوضع بأكمله لا يعمل لمصلحة النمو الاقتصادي''· إلا أن العبء المتضخم للديون قد جلب معه بعض الأنباء السارة فيما يبدو· فقد شهدت ايرادات الدولة زيادة بنسبة 19 في المائة إلى مستوى 5,9 تريليون ليرة لبنانية في غضون فترة الأشهر الثمانية الأولى من العام ·2007 وأتت هذه الزيادة بشكل أكبر من ايرادات القيمة المضافة والايرادات الجمركية· وهو أمر يشير إلى أن الجهود الحكومية لزيادة كفاءة وجودة الادارة المدنية قد بدأت تؤتي ثمارها على الأقل في المناحي التي لا تتطلب المصادقة البرلمانية· ومما لاشك فيه أن تحصيل الايرادات بشكل أكبر حجماً مما كان متوقعاً قد ساعد على احتواء عجز الميزانية الرئيسية التي شهدت فائضاً في ميزان المدفوعات بمقدار 438 تريليون ليرة في فترة الأشهر الثمانية الأولى من العام· إذ يقول جو صاروح مستشار رئيس مجلس ادارة فرانس بانك في لبنان ''لقد اتسمت بعض المؤشرات الاقتصادية بأداء أفضل بكثير عما كانت عليه في النصف الأول من عام ·2006 فالصادرات قد شهدت زيادة بعد أن انخفض حجم الاستيراد بمستوى قليل بينما أصبح قطاع العقارات والبناء يؤدي أداءً طيباً· بيد أن الأزمة السياسية تبدو أبعد من أن تتجلى في وقت قريب حيث لاحظ مصرف ميريل لاينش الرائد في مجال الاستثمار في الدولة في تقريره عن الديون الخارجية للبنان الذي أصدره في أوائل اكتوبر الجاري تدهور مستمر في العملية السياسية وعدم قدرة الحكومة على الالتزام ولو بجزء من تعهداتها التي بذلتها في مؤتمر باريس الثالث الذي كان قد وافق في يناير الماضي على منحة بقيمة 11,5 تريليون ليرة للتمويل الحكومي ضمن سلسلة من الالتزامات التي وافقت عليها الحكومة للاضطلاع بالاصلاحات الاقتصادية وهي الاستراتيجية التي كان من المؤمل أن تفضي إلى تنفيذ تدابير مالية ناجحة تعادل حوالى 10 في المائة من اجمالي الناتج المحلي خلال فترة خمس سنوات متزامنة مع جهود للخصخصة واسناد خارجي من الدول المانحة· ويهدف مؤتمر باريس الثالث إلى تقليص حجم الديون الحكومية إلى أقل من 130 في المائة في اجمالي الناتج المحلي بحلول العام من مستوى يزيد على 180 في المائة حالياً· إلا أن التقدم الذي تم احرازه ما زال مختلطاً، إذ أن الأموال التي تعهدت بدفعها الحكومات المانحة في مؤتمر باريس الثاني في عام 2002 لم تصل بعد إلى الخزينة الحكومية· وكذلك فإن بعض الاتفاقيات التي تم التوصل إليها آنذاك بدأت تأخذ وقتاً أطول من المتوقع في انفاذها بسبب معوقات ادارية وفنية في مؤشر يدل على الاجراءات البيروقراطية التي بدأت تمسك بخناق بيروت بسبب الحصار السياسي الذي استمرت تفرضه جماعات المعارضة السياسية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©