الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

دعوة عالم التأمل بعيدا عن ضوضاء التكنولوجيا

دعوة عالم التأمل بعيدا عن ضوضاء التكنولوجيا
21 أكتوبر 2007 00:56
عندما أنظر للمحيط أدرك أن اللون الأخضر عبارة عن أكذوبة نعيشها عبر بوابة العين، أي عبر الخلايا المخروطية التي تسكن على سطح الشبكية ولكن هذه الأكذوبة تجعل الحياة ذات طابع جميل ويشدنا نحو التفكير العميق بمغزى اللون الأخضر والأكثر روعة في تلك الكذبة تدخل عنصر الضوء لكي يغرس في خلايا الدماغ اللحظة الزمنية لدوران الأرض حول نفسها ودورانها حول الشمس التي تجعلنا نعيش مع اليوم والسنة بشكل تيار موجب الاتجاه· الغريب أن هذه الكذبة لها تأثير ثقافي على الإنسان هذا التأثير لا يقتصر على الجانب الإيجابي فقط بل على الجانب السلبي أيضا فقد تعتبر اليابان اللون الأخضر رمز السلامة والترف بينما في الصين القديمة يرمز إلى الشرق والغابات واعتبر من الألوان الخمسة الرئيسية ولكن في الستينات في الولايات المتحدة كان ارتداء اللون الأخضر يوم الخميس يعتبر إشارة إلى الشذوذ أو المثلية الجنسية· ويدخل اللون الأخضر الدائرة الاقتصادية أيضا من خلال مؤشرات الاسهم· ولكن إذا فتحنا ظرف رسوم الكاريكاتير فاللون الأخضر يعبر عن المرض· العلم ينظر للون الأخضر بمنظور يشابه المنظور الإيماني لدينا، أي أنه منبر للأمل والراحة البصرية وذلك لأن الساحة البصرية له أصغر من الساحات البصرية لبقية الألوان، كما أن طول موجته وسطي فليست بالطويلة كاللون الأحمر وليست بالقصيرة كالأزرق، وهنا نجد أن الجانب السلبي إنما هو بئر حفرته البشرية لخلق ثقافة مغايرة للواقع· شذى الوادي المولودة عام 1984 فى البحرين تنظر للون الأخضر عبر عنصر الصداقة، بناء عملها يقوم على عنصر التشابه بين الإنسان والشجر فهي تلغي الثقافة التي تدعو عبر اللون الأخضر نحو الجانب السلبي بل تجد في اللون الأخضر منفذا نحو عالم متكامل ومتأمل بعيد عن ضوضاء وصخب التكنولوجيا التي غزت بيوتنا وحتى جفوننا التي لم تعد تتذوق النوم، عمل شذى الوادي يعتبر فنا بيئيا وهو فن ولد نتيجة التحولات البيئية الحادثة في المجتمعات الحديثة ويعتبر من فنون ما بعد الحداثة ، خطاب شذى الوادي خطاب نابع من طبيعتها الإنسانية فقد عمدت إلى كسر إطار الشجرة واللون الأخضر عبر صور ألصقتها على جذع الشجر لتبحث وسط تلك الزوبعة عن وجودها كشيء مستقل وتبني درعا يقيها من شر التلوث البصري، العملية التي تقوم بها شذى الوادي عملية لصق كأنها تسرد الأحداث المحيطة بالشجرة وتجبرها على الاستماع، لقد أحاطت عملها الفني بالإرادة للتغيير عبر الفكر الثقافي، ثورة صامتة عبر اللون الأخضر تخترق جدران الشجر لكي تستيقظ من السبات· فن البيئة الذي تتكلم عنه شذى الوادي فن نابع من بيئتها المتكسرة داخليا وخارجيا وهنا فهي لا تعمد إلى الرثاء بل تصرخ كي لا نغرق وسط إعصار البناء فوق الطبيعة، هذه الصرخة تجبرنا على الاستيقاظ وإعادة النظر في مصداقية علاقتنا بالشجرة· هي لا تتاجر بهذا العمل لأنها ترفض فكرة الفنان المنتج بشكل منفرد، بل تدرك وظيفتها للتواصل مع المجتمع · إنها لحظة تواصل مع الجمهور بهدف التأمل العقلي وطرح التساؤلات؛ أي تحول من كونه شيئا ذاتيا ووجدانيا إلى نشاط ثقافي وهمزة وصل مع مجريات الأحداث اليومية، وأصبحت الفكرة العمود الفقري للعمل الفني وبدأ عنصر التهجين بالجريان وسط المتاحف الفنية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©