الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديمقراطية إيران ضرورة ملحة

21 أكتوبر 2007 00:54
في الخميس الماضي وقع العشرات من النشطاء السياسيين على بيان صاغه المجلس الإيراني الأميركي الوطني، يدعو فيه الكونجرس إلى وقف تمويل منظمات المجتمع المدني الإيراني، ويجادل الموقعون، الذين يتوزعون بين ممثلي فاعل الخير والملياردير ''جورج سوروس''، وبين جماعة ''العالم لا يستطيع الانتظار''، أن تمويل المجتمع المدني بدلا من أن يساعد الديمقراطية يشجع الحكومة الإيرانية على ملاحقة المعارضة وقمع رموزها! الواقع أن هذا التبرير ينطوي على مغالطة كبيرة؛ فإذا لم يتواصل الدعم المالي إلى منظمات المجتمع المدني المستقلة ستفقد هذه الأخيرة الكثير من زخمها، كما سنفقد أداة فعالة لتشجيع الاعتدال في إيران وتعزيزه داخل المجتمع، وهو ما سيعجل بالمواجهة بين قوى الاعتدال والقوى المتشددة· والأكثر من ذلك أن الأموال الفدرالية المستثمرة لتعزيز المجتمع المدني الإيراني ضئيلة ولا تكفي حتى لتشييد جسر يربط بين منطقتين، حيث ارتفعت الاعتمادات المرصودة لهذا الغرض من 1,4 مليون دولار عام 2004 إلى 66 مليون في العام الماضي· وتختفي 36 مليون دولار في خزينة كل من راديو ''صوت أميركا'' وراديو ''أوروبا الحرة''، كما تخصص وزارة الخارجية الأميركية مبلغا إضافيا يقدر بحوالي 5 ملايين دولار موجه لبرامج التبادل الثقافي وترجمة محتوى بعض المواقع الإلكترونية إلى اللغة الفارسية· ولا يبقى من المبلغ الإجمالي سوى 20 مليون دولار تذهب لنشطاء الديمقراطية في إيران، إذن تبقى الحجة التي يسوقها مناوئو الدعم دلالة على فقدان للبوصلة الأخلاقية، لا سيما وان السلطات الإيرانية لا تحتاج إلى تبريرات لخنق المعارضة· ليس كل المعارضين الإيرانيين يرون في الدعم المالي الأميركي شهادة موت لأنشطتهم؛ فمنذ شهر ديسمبر من العام 2005 حاول سائقو الباصات في طهران تنظيم أنفسهم في أول اتحاد نقابي تشهده الجمهورية الإسلامية، ومع أن زعيمهم ''منصور أوسانلو'' يقبع في السجن منذ ثلاثة أشهر، إلا أن زوجته طالبت في برنامج إذاعي عدم وقف الدعم الخارجي والاستمرار في تمويل أنشطة المدافعين عن الحرية والديمقراطية في إيران· وفي المقابل يندد بعض الإصلاحيين بالمساعدات الخارجية، وهو أمر ليس بالغريب لأن الإصلاحيين إنما يسعون في النهاية إلى تجميل وجه الحكم الديني وإدخال بعض الروتوشات البسيطة بدلا من المطالبة بإحلال الديمقراطية· فعندما انتفض الطلبة الإيرانيون في يوليو 1999 للمطالبة بإقرار حرية التعبير والتجمع ساند الرئيس الإصلاحي وقتها ''محمد خاتمي'' اعتقالهم وطردهم من الجامعة· وبكلمات الكاتبة ''لورا سيكور'' ليس الإصلاحيون سوى ''معارضة موالية للدولة الفاشية''· تأتي الجهود الأخيرة لوقف الدعم المالي الأميركي إلى منظمات المجتمع المدني الإيراني بعد الاعتقالات الأخيرة التي طالت أكاديميين أميركيين من أصل إيراني اتهموا بالتخطيط للقيام ''بثورة مخملية'' في الجمهورية الإسلامية· وقد تعرضت الخطوات القمعية التي قامت بها طهران ضد المعارضة إلى انتقادات واسعة، فضلا عن أنها تظهر انعدام ثقة النظام في الشعب الإيراني والدور الفعال لمساندة الديمقراطية في تحريك الساحة الداخلية· وذهب المجلس الإيراني الأميركي الوطني إلى اقتراح أنه بدلا من تقديم الدعم المالي لمنظمات المجتمع المدني فإنه من الأفضل دعم برامج التبادل الثقافي، وهو ما تفرض عليه السلطات في طهران قيودا شديدة· ففي ذروة ''حوار الحضارات'' أصدرت وزارة الخارجية الأميركية 22 ألف تأشيرة دخول للولايات المتحدة، بينما لم تصدر وزارة الخارجية الإيرانية سوى 800 تأشيرة مع إعطاء الأفضلية للشخصيات التي تعتبرها إيران متعاطفة مع مواقفها؛ وإذا كانت الجمهورية الإسلامية لا تقبل المنافسة الأيديولوجية، فإن المجلس الإيراني الأميركي الوطني لا يختلف عنها كثيرا، ففي الوقت الذي يطالب فيه المجلس بوقف الدعم المالي للمجتمع المدني الإيراني وافق هو على تلقي مبلغ مالي من ستة أرقام من مؤسسة ''الوقف الوطني للديمقراطية'' لتدريب المنظمات غير الحكومية، ربما تلك التي لا تهدد الجمهورية الإسلامية· وعلى رئيس المجلس الذي يفتخر بقدرته على التواصل مع السلطات الإيرانية أن يفسر لماذا يقبل مجلسه الأموال بينما يرفضها لمنافسيه من المنظمات الأخرى· وأخيراً يتعين على أي برنامج لدعم الديمقراطية أن يتحلى بالشجاعة والقوة· ولتمكين المجتمع المدني الإيراني فإننا نوفر أفضل فرصة لتفادي التصعيد العسكري على خلفية الملف النووي الإيراني، وأسوأ ما يمكن للكونجرس فعله في هذا المجال هو تضييق الخناق على الخيارات السياسية المتاحة مثل وقف الدعم للديمقراطية الإيرانية· باحث في مؤسسة أميركان إنتربرايز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©