الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتنياهو يواجه لحظة الحقيقة

نتنياهو يواجه لحظة الحقيقة
15 مارس 2010 22:27
أخيراً وجد نتنياهو نفسه في موقف الدفاع، إثر سلسلة من الانتقادات غير المسبوقة التي وجهها إليه مسؤولون أميركيون على خلفية تصاعد غضب واشنطن الدبلوماسي من تل أبيب في نهاية الأسبوع الماضي، بسبب إذن حكومته ببناء مستوطنات جديدة في مدينة القدس الشرقية. وقد وصف أكثر من مسؤول أميركي إعلان إسرائيل عن بناء 1600 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في القدس الشرقية، بأنه إعلان مسيء للولايات المتحدة -وخاصة أنه تزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي للمنطقة بهدف إطلاق مبادرة لاستئناف التفاوض السلمي بين طرفي النزاع. ولذا فربما يتعين على نتنياهو الاختيار الآن بين أمرين، كلاهما صعب: إما أن يسمح لهذا التوتر بين بلاده وأهم حليف دولي لها، بأن يتصاعد، وإما أن يسعى إلى تحييد وإبعاد الجناح اليميني المتطرف من تحالفه الحكومي الحالي. ويرى جيدون دورون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، أن نتنياهو أصبح اليوم في مواجهة لحظة الحقيقة. فعليه الاختيار بين إطلاق قوى السلام في بلاده، أو تجريب لعبة كسب الوقت. ولكن ما أصعب كلا الخيارين، لأن كلاً منهما يعني انتحاراً سياسياً له. وضمن التصعيد الذي أحدثه الإعلان الإسرائيلي عن الموافقة على بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية، أثناء زيارة بايدن للمنطقة، تحدثت هيلاري كلينتون لمدة 43 دقيقة موجهة الانتقادات القوية لسلوك إسرائيل في الأسبوع الماضي. وكما سبق القول، فإن القصد من زيارة بايدن هو تخفيف التوتر ومساعدة طرفي النزاع على إطلاق مفاوضات سلمية غير مباشرة بينهمـا. غير أن هذه الزيارة أفسدتها إسرائيل بإعلان إحدى لجان التخطيط العمراني التابعة لوزارة الداخلية، عن الموافقة على بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة رامات شلومو المقامة على جزء من القدس، يعتبر جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وكانت ردة الفعل المباشرة على ذلك هي تراجع الفلسطينيين عن المفاوضات، في حين أصدر بايدن إدانة للسلوك الإسرائيلي. وبينما اعتذر نتنياهو عن توقيت إعلان قرار حكومته بشأن بناء المستوطنات الجديدة، إلا أنه لم يعتذر عن محتوى القرار نفسه. ومن جانبه وصف ديفيد أكسيلرود، كبير مستشاري أوباما لشبكة "إن بي سي" يوم الأحد الماضي القرار الإسرائيلي المذكور بأنه لا يمثل إساءة إلى الولايات المتحدة الأميركية فحسب، وإنما يهدف إلى تقويض الجهود المبذولة من أجل استئناف عملية السلام، التي تتسم بالهشاشة والضعف أصلاً. ولا يبدو أنه يكفي استدعاء الخارجية الأميركية لسفير إسرائيل للاحتجاج على ما حدث، بل إن هناك ما يشير إلى أن واشنطن تطالب إسرائيل إما بإلغاء خططها الاستيطانية الجديدة الخاصة برامات شلومو، أو أن تخاطر بتوتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب. وقد ذكر نتنياهو في اجتماع مجلسه الوزاري أنه شكّل لجنة خاصة لمنع حدوث تصعيد كهذا في المستقبل، على حد ما نشرته صحيفة "هآرتس". وفي الوقت نفسه تم شطب الخطة المتعلقة ببناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية، من أجندة اجتماع لجنة التخطيط التي أعلنت عن هذا المشروع مؤخراً. ولكن مكمن المشكلة هو أن تقديم المزيد من التنازلات السياسية لحل هذه الأزمة، يهدد بحدوث انشقاقات وتفسخات في صفوف التحالف الحزبي الحاكم في إسرائيل، بل يهدد بزعزعة وحدة حزب "الليكود" نفسه الذي يتزعمه نتنياهو. وعلى رغم دعوة الأخير الجميع في الاجتماع الوزاري المذكور إلى الهدوء، فإن من الواضح أن هذه الدعوة لن تؤدي إلى تهدئة الأوضاع بالفعل. يجدر بالذكر أن الصحافة الإسرائيلية وصفت نتنياهو بأنه مشعل أزمات لا ضرورة لها. كما تمت المقارنة بين أدائه الحالي، وأدائه في أول ولاية له في المنصب نفسه وانتهت إلى خسارته للمنصب، حين أدت سياساته الاستفزازية إلى إغاظة الولايات المتحدة وحلفائها. ومن بين الانتقادات الرئيسية الموجهـة إلى نتنياهـو أيضاً أنه لا يستطيع المضي قدماً في مفاوضات إدارة أوباما السلمية هذه، بتحالفه الحكومي الحالي. يذكر أن نتنياهو نفسه كان قد وصف على نطاق واسع بأنه يمثل أكبر عقبة أمام عملية السلام منذ تنصيبه رئيساً لوزراء الحكومة الجديدة. وبعد تعيين اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان، وزيراً للخارجية، تأكد للكثير من المراقبين لعملية السلام، أن فرص السلام باتت ضعيفة للغاية في ظل تشكيل حكومي يغلب عليه اليمين المتطرف. ولكن هناك من يرى أن في وسع العلاقات الأميركية- الإسرائيلية تجاوز الأزمة، والعودة إلى ما كانت عليه، لأنها أقوى من نتنياهو ومن أوباما. ذلك ما كتبه المحلل السياسي "بن كاسبيت" في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية. ولكن كاسبيت استطرد قائلاً: "المشكلة الوحيدة هي أنه يصعب الآن الحفاظ على ذات الود ودفء العلاقات التي ظلت تربط دائماً بين أميركا وإسرائيل، علماً بأن العام القادم أو الذي يليه، سيكون هو الفترة التي تحتاج فيها إسرائيل إلى دفء العلاقات مع أميركا أكثر من أي وقت مضى، لأنه سيكون بمثابة العام الأكثر أهمية لوجودها ومستقبلهـا". جوشوا ميتنك محلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©