الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الآخر والمثقف الحر

الآخر والمثقف الحر
20 أكتوبر 2007 01:32
حين تتساءل وعيناك ترنوان نحو الأفق، تبحث برؤية فاحصة ، تجرك التساؤلات نفسها، تبحر بك الأفكار عباب الأيام التي تحدوها الأمل، ودهاليز السنوات التي مضت، تتوهج ابعد من جناح يشق عنان السماء، لربما تحط على بيئة ثقافية أبعد من تلك التي ألفتها، أو ما زالت الملامح نفسها إلا تعظم الزيف، وكأنها لا تثبت على جوهر ولا مبدأ يطوق نبراسها! ثقافتنا المحلية المهجورة على خوائها فجأة طوقت بسلاسل من ذهب، فعاد أصحاب الشعارات الرنانة ليلبسوا عباءة الزخرفة المزيفة التي لا تشكل جوهرا فكريا ولا عمقا ثقافيا! ثقافة الغوغاء المبهرجة دعت إلى غياب ينتاب المثقف الأصيل وكأنه يسير كالنجمة يتنبأ الأفق بفكره ولا يحيد، كأنه على درب التيه الجديد يبحث عن مداه الأصيل!لا يتخلى عن بيئته الثقافية مهما كانت محاولة طمسها بمبدأ العالمية وتأويلها بالمحلية المملة! يظل المثقف الحق يبحث عن ذاكرة المكان حيث ترسو الأفكار الحرة والجميلة وتبقى تلك عبر السنوات رافضة حجبه أو تمزيق جهده أو النظر إليه بإسفاف! فالمثقف الحق يمتنع عن المشاركة في تأويل الثقافة وإفرازها بما لا يليق! وما بين أوراق أجندته يرفض التسول أمام ذلك الكائن المؤجر،الباحث عن نفسه في خضم بيئة ثقافية ولدت حرة لكن الشعارات وأصحابها أجهدته ثقافيا كما يبدو، والمقام المبتذل أوجد بيئة تلبس صولجانا مجانيا، فكان لا يليق بالمثقف المبدع الذي يبحر في فلك الإبداع ومجرة الفكر! المتشبثون بالثقافة لا يحط بهم رحال إلا أينما وجدوا المجد الأخضر وبقايا العشب والمرعى، كالقطيع يتسابق إلى حضن الدفء ينشأ بينهم مراد أينما تهب الروائح! وأينما المكاسب ترسو المراكب وتعلو المراكز وتحلو الغنائم ! هولاء هم الآخر والمثقف الحر على ثبات لا ينحنيى خلف الوهم والابتذال، لا يأكل الشاعر الحقيقي ولا الباحث الأصيل من طراوة التصنع إلا أذا فطر على ذلك، ولا يبيع المفكر من تعرية أفكاره ولا بتسول المثقف ولا يستجدي القوي كي يحنو عليه ! فالمثقف الحر مبدأ اكبر من أن يصبح أمام الملأ يلهث باحثا عن حفنة مال يستطرد الولائم طارقا الأبواب باحثا عن تلك الغنائم متسترا تحت عباءة الثقافة والفكر! راكعا تحت وطأة سحر المال! فالمثقف الحر بداخله حجم الفكر واليقين أكبر من أن يدركه المرء لذا لا يساوم عبر الأيام والسنوات على المبدأ فلا يرفض لغة الحوار ولا ينأى بنفسه عن المجتمع الذي يمد جسور الثقافة المتحضرة والرصينة بين خلايا المجتمع لكي تسطع في الأفق وفي الزمن نفسه يرفض تجيير الثقافة إلى عالم من الادعاءات المأجورة وتقويض المبادئ لتصبح ثقافتنا في إطار الترفيه المبتذل!! لذا فالمساحة يوما بعد آخر تتسع أكبر من زمن مضى وبات المشهد الثقافي يتشح بألوان لها فضاء خاص ومبتور لا ملامح حقيقية ترمي إلى ذلك الوهج الثقافي الجميل والمحبب لكن ما يبدو أن ثقافة الوهم حاضرة والاتجار بالثقافة أصبح أكبر عبء على الثقافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©