الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاهدة الصواريخ··· إما كونية أو ملغية!

معاهدة الصواريخ··· إما كونية أو ملغية!
20 أكتوبر 2007 01:30
في مثل شهر ديسمبر المقبل، وقبل عشرين عاماً وقَّع الرئيس الأميركي ''رونالد ريجان'' ونظيره السوفييتي ''ميخائيل جورباتشوف'' المعاهدة الوحيدة في التاريخ التي نصت على إلغاء مجموعة كاملة من الأسلحة متمثلة في الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى· وقد أسفرت المعاهدة، المعروفة رسمياً باسم معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، عن تدمير البلدين لترسانتهما من الصواريخ الأرضية وصواريخ ''كروز''، تراوح مداها بين 300 و3400 ميل، ويصل عددها إلى 2692 صاروخا· كانت المعاهدة فريدة من نوعها، لأنها لم تكتفِ بوضع سقف على تطوير تلك الأسلحة، بل قامت بإلغائها تماماً؛ لكن بعد مرور عقدين على المعاهدة باتت تشكل اليوم تهديداً للمصالح الأمنية للولايات المتحدة وروسيا على حد سواء، وأصبح من اللازم توسيعها، أو إلغاء العمل بها· وفي عالم يسعى فيه الخصوم المحتملون إلى حيازة الصواريخ متوسطة المدى، فإنه لا أميركا ولا روسيا تمتلكان القدرة على مواجهتها بفعالية· وبرغم عدم تطرق أي مسؤول أميركي بارز إلى احتمال الانسحاب من المعاهدة بالنظر إلى أخطارها المحدقة، إلا أن القادة الروس لم يتحرجوا من الحديث عن الموضوع؛ ففي شهر نوفمبر الماضي أصبح وزير الدفاع الروسي السابق ''سيرجي إيفانوف'' أول مسؤول روسي كبير يحث على إلغاء المعاهدة، معتبراً أنها من ''مخلفات الحرب الباردة''· وقد أعاد الرئيس الروسي ''فلاديمير بوتين'' طرح الموضوع خلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الأميركي ''روبرت جيتس'' ووزيرة الخارجية ''كوندليزا رايس'' إلى موسكو في الأسبوع الماضي، عندما قال: ''سيكون من الصعب علينا البقاء ضمن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في ظل سعي دول أخرى إلى تطوير تلك الأسلحة''· وتتيح الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، المتوفرة لدى العديد من الدول مثل الصين وباكستان والهند، القدرة على شن هجوم خلال دقائق فقط من إطلاق الإنذار، كما لا يمكن اعتراضها إلا من خلال صواريخ دفاعية، أو ضرب بطاريات الصورايخ في أراضي العدو· ومع أن القدرات الدفاعية الأميركية هي أكثر تطوراً مما كانت عليه في العام ،1987 إلا أن الأمر يتطلب أموالا طائلة وجهودا مضنية لتأمين قواعد وقوات تعمل في الخارج؛ والنتيجة أنه من دون صواريخ متوسطة المدى لن يبقى أمام وزارة الدفاع الأميركية سوى شن الغارات الجوية لمواجهة أنظمة الصواريخ لدى العدو، وهي وسيلة عديمة الفعالية وغير مجدية· فقد شنت القوات الجوية الأميركية خلال حرب الخليج في العام 1991 المئات من الغارات الجوية ضد البطاريات المتحركة لإطلاق صواريخ سكود العراقية، لكنها فشلت في تدمير أي منها، وقد لاحظت في تلك الحرب بلدان مثل إيران وكوريا الشمالية وسوريا قدرة الصواريخ على البقاء ووصولها إلى أهدافها، ما دفعها إلى الاستثمار بكثافة لتطوير تلك الصواريخ· وفي هذا الإطار تمكنت سوريا من جمع المئات من الصواريخ بما فيها صاروخ سكود من طراز (د) التي يصل مداه إلى 300 ميل، بحيث يمكنه الوصول إلى عمق إسرائيل ولبنان والعراق· في الحرب اللبنانية الأخيرة لعام 2006 هزت صواريخ ''حزب الله'' إسرائيل، وجاء الرد الإسرائيلي فقط ليؤكد أنه لا يوجد بلد يستطيع شن ما يكفي من الغارات الجوية لتدمير بطاريات الصواريخ المتحركة؛ فلاستباق الضربة الأولى، أو لمهاجمة بطاريات إطلاق الصواريخ متوسطة المدى بعد انطلاق الصواريخ يتعين توفر البلد المعني على صواريخه الخاصة متوسطة المدى، لكن هناك بديلا آخر قد يحول دون عودة سباق التسلح مجدداً بين الدول، حيث يمكن للولايات المتحدة وروسيا استخدام قدراتهما الدبلوماسية ومواهبهما المشتركة لإقناع باقي العالم للانضمام إلى معاهدة ·1987 ومع أن توسيع المعاهدة لن يقضي تماماً على الصواريخ، إلا أنه سيضع قيوداً على تطويرها، وهو ما قد يفتح المجال أمام أنواع أخرى من الأسلحة للحد منها في حال نجاح عملية توسيع المعاهدة لتشمل باقي دول العالم· وقد يبدو من المستبعد اليوم انخراط روسيا وأميركا في تعاون مشترك بالنظر إلى العلاقات المتوترة بينهما في هذه المرحلة، لكن المعاهدة نفسها تم التوقيع عليها في أوج الحرب الباردة بين البلدين، كما أن هناك إشارات إيجابية من بعض القادة الذين بدا عليهم الاستعداد للتحرك وإيجاد الحلول المناسبة؛ فقد دعا الرئيس ''بوتين'' في الأسبوع الماضي إلى توسيع المعاهدة لتتخذ ''طابعا كونيا''، وفي الولايات المتحدة دعا مرشح واحد للانتخابات على الأقل، ''باراك أوباما''، إلى إلغاء الصواريخ متوسطة المدى على الصعيد العالمي· وسيستضيف وزير الخارجية الأميركي السابق ''جورج شولتز'' -الذي ساهم في صياغة بنود المعاهدة- خلال الشهر الجاري، مؤتمراً لنزع السلاح في جامعة ''ستانفورد'' الأميركية· وفي شهر ديسمبر المقبل سيجتمع ''جورباتشوف'' بخبراء دوليين في جامعة ''هارفارد'' لمناقشة السبل الكفيلة بتوسيع المعاهدة لتشمل نزع السلاح النووي· وأخيرا يتعين على الرئيس ''بوش'' الإصغاء هذه المرة إلى ''بوتين'' بأن يسعى إلى انضمام دول أخرى إلى المعاهدة قبل نهاية العام ·2008 فإذا لم نكن مستعدين للقضاء على تلك الصواريخ عالمياً، فلا مناص من سماع نصيحة روسيا والانسحاب من المعاهدة حفاظاً على مصالحنا الأمنية· جنرال أميركي متقاعد وباحث في مركز بلفر للعلوم والعلاقات الدولية بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©