الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تهدد محتكري الإسمنت بالتسعيرة الجبرية

الحكومة المصرية تهدد محتكري الإسمنت بالتسعيرة الجبرية
25 ابريل 2009 00:07
قامت الحكومة المصرية، في أقل من ثلاث سنوات، بعدة محاولات لوقف ارتفاع أسعار الإسمنت الذي يتم انتاجه بالكامل بخامات محلية وطاقة مدعمة، إلا ان هذه المحاولات كانت تنتهي دائما بالفشل، بسبب اساليب المراوغة والممارسات الاحتكارية للشركات الاجنبية التي تستحوذ على 82 في المئة من انتاج الاسمنت في مصر، مما دفع الحكومة مؤخرا لأن تكشر عن انيابها، وتهدد بفرض تسعيرة جبرية للاسمنت، بعد ان قفز سعر الطن من 450 الى 700 جنيه• وخاصة بعد ظهور سوق سوداء للإسمنت عرض فيها بعض التجار الطن بسعر 900 جنيه، وهو الأمر الذي دفع وزير الصناعة والتجارة المهندس رشيد محمد رشيد لأن يصدر عدة قرارات في 12 ابريل الجاري تترجم التوجه الجديد للحكومة باللجوء الى التسعير الجبري، الذي قد يثير ـ رغم شرعيته القانونية ـ جدلاً حول مدى فاعلية استخدام آليات العرض والطلب في ضبط الاسعار بالسوق المصرية• وتضمنت إجراءات 12 ابريل ثلاثة قرارات رئيسية استهدفت فك الاختناقات وزيادة المعروض من الاسمنت في السوق، عن طريق فرض حظر على تصدير الاسمنت والكلنكر لمدة اربعة اشهر، وتيسير اجراءات الافراج عن شحنات الاسمنت المستورد في الجمارك في مدة ثلاثة ايام كحد اقصى، بشرط مطابقته للمواصفات القياسية المصرية، وذلك بدلا من 28 يوما كان يستغرقها اجراء الاختبارات والفحوص على المنتج، وهو الامر الذي كان عائقا امام المستوردين، لان هذه المدة الطويلة تعرض الاسمنت للتلف• كما ألزمت القرارات جميع المصانع بطبع سعر بيع المصنع وسعر البيع للمستهلك على العبوة، واعطاء الشركات مهلة شهرا لتنفيذ ذلك، واحالة احدى الشركات الى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار للتحقيق في ممارساتها الاحتكارية بالسوق• وفي استجابة فورية لهذه القرارات، انخفض سعر طن الاسمنت في اليوم التالي من 700 الى 480 جنيها الا انه عاود الارتفاع مرة اخرى الى 600 جنيه، مما دفع الحكومة الى اعطاء اشارات للسوق بأن السعر يجب ان يعود الى ما كان عليه عقب إصدار قرارات 18 فبراير الماضي في حدود 510 الى 520 جنيها حسب التزام الشركات طواعية بذلك عندما قفز السعر الى 800 جنيه خلال اضراب سائقي المقطورات• والواقع ان هذه القرارات كانت تستهدف اطفاء حرائق الاسعار في السوق بزيادة المعروض استنادا الى ان الطلب على الاسمنت قد زاد خلال الشهور الثلاثة الاخيرة بنسبة 30 في المئة نتيجة قيام الكثير من الشركات والافراد بمعاودة البناء اثر تراجع سعر طن الحديد الى 3100 جنيه بعد ان تجاوز سعره خلال العام الماضي 6 آلاف جنيه وقد ادى انخفاض السعر العالمي لخام البليت، وفتح الباب امام استيراد الحديد من دول مجاورة وبالذات من تركيا، الى ارغام الشركات المحلية المنتجة على خفض اسعارها• ورغم الاتفاق على ان غالبية مكونات الاسمنت محلية من خامات طبيعية تتوفر بكثرة في مصر، مع الطاقة التي تقدمها الدولة مدعمة للمصانع، فإن الشركات المصنعة، ومعظمها اجنبية ايطالية ومكسيكية وفرنسية، تصر منذ عام 2006 على اتباع ممارسات احتكارية وفرض اسعار مرتفعة على المستهلك اعلى في معظم الاحيان من الاسعار العالمية• وحسب دراسات لهيئة التنمية الصناعية المصرية، فإن التكلفة الفعلية لطن الاسمنت تتراوح بين 188 الى 220 جنيها، فإذا باعت الشركة الطن للمستهلك بسعر من 300 الى 320 جنيها فإنها تحقق هامش ربح لا يقل عن 60 في المئة الا ان هذه الشركات تصر على بيع الطن بسعر يزيد على 500 جنيه، لتحقيق هامش ربح يصل الى 112 في المئة من التكلفة الفعلية، وهو ما دفع وزير الصناعة والتجارة لأن يطلب من جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار دراسة ميزانيات شركات الاسمنت في السنوات الثلاث الاخيرة، للاطلاع على التكلفة الحقيقية لطن الاسمنت، ومحاسبة هذه الشركات عن الارباح الكبيرة التي حققتها، وحصول الدولة على حقوقها من هذه المكاسب بناء على الاسعار التي تحصل بها الشركات على المادة الخام الطبيعية من الارض المصرية، والطاقة المدعمة من الدولة، وفي نفس الوقت تحديد تسعيرة مناسبة لطن الاسمنت تعيد الاستقرار للسوق• وقد اتهم الحكم الذي اصدرته محكمة الجنايات في فبراير الماضي 20 من مسؤولي شركات الاسمنت بالتلاعب في الاسعار وتعطيش السوق وتقرر تغريمهم 10 ملايين جنيه لكل منهم• وأشار الحكم، الى ان التكلفة الفعلية لطن الاسمنت لا تتجاوز 150 جنيها، وان بيعه في عام 2007 بسعر يتراوح بين 400 الى 450 جنيها للطن يحقق اضعاف التكلفة الفعلية، فيما يرى الدكتور مصطفى الرفاعي وزير الصناعة المصري الاسبق ان السعر العادل لطن الاسمنت يتراوح بين 300 الى 320 جنيها، وان الدولة لا بد ان تقوم بتسعير هذه السلعة، وتفرض رقابتها على الشركات الاجنبية من خلال مراجعة ميزانياتها للتحقق من التكلفة الفعلية• ويرى المسؤولون بشركات الاسمنت ان تكلفة تصنيع الاسمنت ارتفعت في السنوات الاخيرة بعد قيام الدولة بتحرير اسعار الطاقة، حيث ذكر محمد حسن -رئيس شركة اسمنت قنا - في اعلان مدفوع بالصحف ان سعر طن المازوت ارتفع من 175 الى 1000 جنيه، والكهرباء من 9 قروش الى 25 قرشا للكيلو وات، والخامات الى 57 جنيها متضمنة رسوما حكومية عليها بالاضافة الى اعباء اخرى مما ادى الى ارتفاع التكلفة الفعلية لطن الاسمنت• ومع التسليم بارتفاع التكلفة في ضوء الزيادة الكبيرة لاسعار الطاقة، فإن هذه الاسعار مازالت اقل من الدول المجاورة، كما ان شركات الاسمنت اعلنت في بيان لها عقب اضراب سائقي المقطورات ان السعر المعلن سيكون في حدود 490 جنيها للطن، وهو الامر الذي دفع وزير الصناعة لان يصدر قرارا يلزم الشركات بالاعلان عن الحد الاقصى لسعر الاسمنت• ومع ذلك فان الاسعار تجاوزت هذه المستويات وقفزت الى اكثر من 700 جنيه للطن، وهو ما يشير الى ان هذه الشركات ـ التي يبلغ عددها 11 شركة ـ استغلت زيادة الطلب على الاسمنت عقب تراجع اسعار الحديد، وقامت بخفض كميات صادراتها من 19851 طنا في يناير الماضي الى 15990 طنا في مارس الماضي، وهذه الكميات تمثل نسبة محدودة لا تتجاوز 5 في المئة من انتاجها الذي يصل الى 40 مليون طن في السنة• والمؤكد ان الطلب المحلي على الاسمنت قد زاد خلال الشهور القليلة الماضية، ولكن: هل حجم هذه الزيادة يمكن ان يشكل عجزا كبيرا في السوق يقفز بسعر الطن الى هذه الاسعار غير المبررة ؟ والمرجح ان هناك قصورا في قنوات توزيع الاسمنت على مستوى المحافظات، الامر الذي أتاح لبعض المسؤولين في الشركات التآمر مع التجار ضد المستهلك لفرض اسعار احتكارية، وتعطيش السوق، استغلالا لنواحي القصور وضعف رقابة الدولة على الاسواق وعلى الاسعار المتداولة مما دفع كثيرين لأن يطالبوا بفرض تسعيرة جبرية للاسمنت توقف استغلال الشركات المصنعة واحتكارها لهذه السلعة المهمة، والعمل على تعزيز المنافسة في السوق بتيسير اجراءات الاستيراد
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©