الكرة والاحتلال!

* كلما تابعت مشاركة فلسطينية في أي بطولة ·· عربية كانت أو دولية أجد من الطبيعي أن أسأل نفسي: هل مازال في قلب إخواننا متسع لهذه الأمور؟ ·· هل يجدون وقتاً وسط أصوات المدافع والقنابل للعب والبحث عن بطولة؟، وهل بإمكان رجال وأطفال الحجارة وصواريخ القسام أن يعيشوا طقوس الرياضة التي تتضاءل كثيراً أمام جلال المقاومة وعظمة صمود إخواننا في الأرض المحتلة؟ * هذه التساؤلات بددها لقائي بعيسى ظاهر رئيس البعثة الفلسطينية في تصفيات كأس آسيا للناشئين المقامة حاليا في أبوظبي·· لم أكن بحاجة صريحة إلى إجابة مباشرة فقسمات الرجل وما بين سطور حديثه يفسران هذه المعادلة·· إنه التمسك بحق الحياة بكافة تفاصيلها، والتأكيد على أن فلسطين الدولة باقية ولن تنال منها غطرسة المتغطرسين ومحاولات الإبادة للشعب العربي الصامد· فلسطين الأبيّة ترفض السقوط من حسابات الزمن أو التهميش على خريطة العالم حتى لو كان ذلك بالمشاركة في فعالية رياضية فمن حق أبنائها أن يتعاطوا الحياة كما حددها ناموس البشر بكل ما فيها ·· لا أن تفرض عليهم طقوس بعينها من أعداء الحياة· * عيسى ظاهر وبرغم ملامح فلسطين المرسومة على وجهه والألم الممتد بطول وعرض بلاد أول الحرمين·· حاله هو حال كافة أهله·· يرفض الاحتلال على طريقته·· هذا الاحتلال الذي فرض على الفريق الفلسطيني حالة من الشتات والانقسام ليتدرب في بلدين ·· غزة والضفة·· ومنع اثنين من مدربي المنتخب من الحضور للمشاركة في التصفيات· * يرفض ظاهر مثل كل الفلسطينيين الانزواء والخروج من منطقة الضوء·· يأبى أن يسلبه أحد حقه وحق أبنائه في العيش مثل كل البشر، وكم كان قاسياً ومؤلماً أن يؤكد أن هؤلاء اللاعبين الصغار يسافرون لأول مرة خارج فلسطين بعد أن حرمتهم الظروف حقوقاً يمارسها غيرهم كل يوم·· حضورهم إلى أبوظبي فرصة لرسم البسمة على شفاههم قبل العودة من جديد للأرض الملتهبة التي شهدت سقوط أخيهم محمد الدرة وربما حتى استشهد ولم يكن قد غادر فلسطين· * وما قاله رئيس البعثة عن الموقف الإماراتي ممثلاً في مبادرة سعادة يوسف السركال رئيس اتحاد الكرة باستضافة الفريق يمثل حالة وجدانية تمتد في قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج ·· كلنا هذه الأرض الساكنة في سويداء القلب·· نفرح لأفراحهم ولو كانت قليلة ونحزن لآلامهم الكثيرة التي أصبحت فقرة أساسية في نشرات الأخبار· * فلسطين ستبقى وستعود حرة بجهاد المخلصين من أبنائها وأبناء الوطن العربي والإسلامي، وسيأتي يوم تشرق فيه الشمس على أبنائها وهم يلعبون في شوارع القدس وغزة والضفة والخليل وخان يونس، وحتى يأتي ذلك اليوم لا تنسوا فلسطين ·· القدس وقبة الصخرة والشعب الذي يولد أطفاله رجالاً·