الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من عنده لغة بوسعه أن يبني بيتاً

من عنده لغة بوسعه أن يبني بيتاً
13 ابريل 2016 21:42
رسول حمزاتوف إعداد واختيارـ رضاب نهار تكاد لا تُذكر داغستان إلا ونذكر رسول حمزاتوف (1923 - 2003)، والعكس صحيح. فلا يمكن أن ننطق باسم هذا الشاعر الكبير إلا ويتبادر إلى الذهن في الحال وسمه الأصيل «الداغستاني».. قضى حمزاتوف في داغستان معظم سنين عمره. ودأب على تمثيلها والتعريف بها في كل الأمكنة الغريبة. وكأن هذا البلد الجميل هو أمه التي يصرّ على الاعتراف بفضلها أينما حلّ، مقبّلاً جبينها مرةً ويديها مرات أخرى. وهكذا صار شعره مرآة لروح وطنه، تعكس لنا وله من قبلنا، مآثر المكان، طبائع أهله، فرحهم، حزنهم، وجمال وجوههم. لطالما كتب عن نفسه ككاتب. وكتب عن علاقة الكلمة بالفكرة وبالموضوع وبالمحيط من حوله، مشيراً إلى أن المواضيع حيوات عميقة، لا بد من الغوص لاكتشافها. ومن الضروري المخاطرة لتقديمها. لنفهم أن العلاقة بينه وبين الكتابة، عبادة لها أركان إبداعية متينة. في كتاباته، عاطفة لا تنتهي، تجذبك إليها وتخترق مشاعرك على امتداد رقعة جسدك. تناديك لتصغي وترتعش. وتسافر بك إلى عوالمه الخاصة التي لا بد أن تتقاطع مع ما تعيشه أنت من حياة. الأمر الذي يجعله يحكي عنه وعنا، فتقرأه دون أي شعور بالملل.. من أعماله: «حوار مع أبي» 1953،«بنت الجبال» 1958، «قلادة السنين» 1973، «السمراء» 1966، واشتهر بكتابه «داغستان بلدي» الذي كتبه واصفاً وطنه بجميع تفاصيله كملحمة من التاريخ والجغرافيا والشعر. الطفل الذي يأتي إلى الحياة لا يتعلم الكلام مباشرة، إنه قبل أن ينطق كلمة يتمتم ويتلعثم بألفاظ لا تتبين. ويبكي إذا لم تستطع أمه أن تعرف ما يريده وما يؤلمه. أليست روح الشاعر مثل روح الطفل؟ *** قلمي الصغير لا يقوى على مثل هذا الحمل. وقطرة الحبر في نهايته لا تستطيع أن تستوعب الأنهار الجارية بهدوء، ولا السيول الجبلية الهادرة، ولا مصائر العالم، ولا مصير إنسان واحد. *** نحن الشعراء مسؤولون بالطبع عن العالم كله، لكن الذي لا يرتبط بجباله لا يمكنه أن يمثل العالم كله. *** حين تُسأل من أنت، يمكنك أن تقدّم وثائقك، هويتك التي توجد فيها كل المعطيات الأساسية، وإذا ما سُئل شعب من يكون، فالشعب يشير إلى العالِم، الكاتب، الفنان، المؤلف الموسيقي، رجل السياسة، القائد الذي أنجبه ويعدّ كلاً منهم وثيقة تدلّ عليه. *** العيون التي لا حياة فيها تشبه حبات العنب. *** أنا لا أريد أن أبحث عن كل ظواهر العالم في بيتي، في قريتي، في بلدي داغستان، في شعوري بالوطن في كل ظواهر العالم وفي أركانه. فموضوعي، من هذا النحو هو العالم كله. *** للوحش مأوى كما للطائر عش. *** الشعراء يشبهون أحياناً ذلك الجبلي الذي ظلّ يبحث عن قبعته طوال النهار، في حين كانت هذه تستقر بهدوء على رأسه الرديء. *** الموضوع لا يعوم على السطح وبطنه إلى الأعلى كالسمكة الغافية. إنه في العمق، في المجرى السريع، في التيار الأصفى والأعنف. اعرف كيف تمسكه هناك، اعرف كيف تنتشله من قلب التيار ومن تحت الشلال. ترى هل تتساوى قيمة مال اكتسب بعمل طويل وشاق، ومال التقط مصادفة على الرصيف؟ *** الشاعر لا يمكنه أن يكون ظلاً، بل إنه نار ومصدر نور بغض النظر عما إذا كان ضوءاً باهتاً أو شمساً كبيرة. *** الطيور تحب أن تطير في وجه الريح. والسمكة الجيدة تسبح ضد التيار. والشاعر الحقيقي يثور، حين يأمره قلبه، «على آراء المجتمع». *** مع أنني لست قمحاً، ولستِ شعيراً ليس باستطاعته أن يرحمنا حصادٌ أبيض الوجه اسمه النهار أو أسوده اسمه الليل. *** كانت الآلام الغريبة تطعن قلبي بشكل ملحوظ ولكن ما أن يذبل غصنٌ حتى تنمو أغصان *** ليس الحزن جديداً على نفسي فهي تبعد الفرح العابر جانباً ومع أن نفسي جاهزة لكل شيء لكنني أرجو زن يتأخر الموت كي لا أدع الكلمة يتيمة بعدي ولا أدع من أحبهم بلا حب *** الموضوع حب، الموضوع قسم، الموضوع دعاء والموضوع صلاة. *** من المؤسف أن لا توجد سياط يجلد بها الكتّاب الذين يرددون واحدهم إثر الآخر بمناسبات مختلفة.. الشيء نفسه دون أن يفكر فيه. *** حين يعاقب طفل لهفوة اقترفها، يُسمح حسب التقاليد الجبلية بضربه في أي مكان إلا على وجهه. فالوجه البشري لا يُمس، وهذا قانون بالنسبة لأي جبلي. أنت وجهي يا داغستان، وإني لا أسمح بأن يمسّك أحد. *** عندما أقرر أن أهجر الشعر إلى أمد، كان الشعر هو الذي لا يريد أن يهجرني. إنه مثل قط أليف يأتي ليندس في فراشي وتحت لحافي عندما أنام. وعندما أفتح نافذتي عند الصباح يتسلل إلي كما يتسلل شعاع الشمس من وراء الجبال. إنه ينتظرني في قعر الكأس مع قطرات الخمر الباقية، والتي هي أطيب ما في الكأس: إنه يطاردني في كل مكان كأنه امرأة خدعتها فهي تلقاك فتفسد عليك طريقك. *** أيها الشعر، لا تعرف أنني لا أستطيع لك هجراً؟ أأستطيع أن أهجر كل الأفراح التي تولد في نفسي؟ كل الدموع التي تغرورق في عيني؟ أنت مثل البنت التي جاءت إلى العالم، والعالم كله ينتظر صبياً. *** لولا الشعر لتحولت الجبال إلى كومة من الحصى، والمطر إلى ماء آسن ومستنقع، والشمس إلى جرم سماوي مشع له قدرة حرارية. *** لقد خلقني شعري وخلقت شعري. ويموت واحدنا إن مات الآخر، لا نعود في الوجود. *** إن روحي أكثر خفاء في أعماقي، أكثر خفاء من أضلاعي وعمودي الفقري ورئتي. *** الحياة لها حدود، إنها قصيرة. أما الأحلام فلا تنتهي. *** الصدق أمام الأشخاص وأمام الذات، أكثر ضرورة للشاعر من العمل، وربما من الموهبة. *** العبقرية نار. ولكن النار في يد الأحمق يمكن أن تأتي على كل شيء. *** ترجمات الأشعار تشبه الأبناء الذين يرسلهم أهلهم من القرية للدراسة أو للعمل. وبالطبع يعود الأولاد في كل الأحوال متغيرين قليلاً عما كانوا حين تركوا عشهم. *** من خرج يبحث عن الحقيقة، حكم على نفسه بأن يبقى دائماً في الطريق. *** الإنسان هو الضرورة الأولى، الكنز الأول، والمعجزة العظيمة. *** كانت الأرض من دون الإنسان تشبه فماً دون لسان، وصدراً دون قلب. *** الحرب لا تنجب أناساً. *** داغستاني موجودة! الجمهورية موجودة! الشعب، اللغة، الأسماء، العادات موجودة. هذا هو مصير داغستان. الأعراس تقام، والأسرة تتأرجح والأنخاب ترفع والأغاني تعلو. *** من عنده لغة بوسعه أن يبني بيتاً ويحرث حقلاً، ويصنع سيفاً أو مزماراً ويعزف عليه. *** اللغة الأساسية لكل إنسان هي لغة أمه. من لا يحب جباله، ليس أهلاً لأن يحب سهول الآخرين. والسعادة التي لا يجدها الإنسان في بيته، لن يجدها في الطريق، ومن يبصق على أمه، يبصق على كل النساء. كل أصابع اليد أساسية حين يجب أن تمسك السيف بقوة، أو تشد على يد صديق بقوة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©