الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بناء الكنائس في إندونيسيا...دروس للتعددية

12 فبراير 2012
منَعَت الإدارة المحلية في مدينة "بوجور" بإقليم جاوا الغربية الإندونيسي، الطائفة المشيخية "Presbyterian GKI Yasmin"، من عقد شعائرها الدينية في كنيستها منذ سنوات عديدة. وقد أصدرت محكمة إندونيسيا العليا قراراً بأن إلغاء ترخيص الكنيسة أمر غير قانوني. هذه الطائفة والكثير من الكنائس الأخرى مثلها لم تكن محمية من أقلية صغيرة، ولكنها تملك صوتاً قوياً في إندونيسيا، حاولت منع الكنائس من الحصول على تصاريح بناء وممارسة للشعائر الدينية، بل وقامت في بعض الحالات بتنظيم جماعات من الرعاع الغوغائيين لمهاجمة الكنائس والمصلين. وتعتبر قضية GKI Yasmin مزعجة، ولكنها لا تمثل وضع جميع الكنائس في أنحاء إندونيسيا. فهناك كنائس في إندونيسيا تحصل بنجاح على تصاريح بناء، ويمارس أتباعها شعائرهم الدينية بسلام في أحياء يتسم سكانها بتنوع ديني. ويستطيع هؤلاء الذين يعملون لحل المشاكل في "بوجور" الاستفادة من الأمثلة الإيجابية للعلاقات بين الديانات في مجتمعات تمكنت من التغلب على التوترات الدينية. تم إعداد تقرير بحث عام 2011 عنوانه "الخلاف حول الكنائس في جاكرتا الكبرى" من قبل فريق من الباحثين من مؤسسة "بارامدينا"، وهي منظمة مجتمع مدني مسلمة تركز على التسامح الديني، مع عدد من المنظمات المجتمع المدني ذات مهمات مماثلة. ويلقي التقرير بعض الضوء على العوامل التي تؤدي إلى علاقات بناءة في مجال حوار الأديان، تحصل فيه الكنائس وبنجاح على تصاريح بناء، وتظهر قصص النجاح (نصف حالات بناء الكنائس التي تمت دراستها)، وجود ثلاثة عوامل تعتبر حاسمة لجموع المصلين ليتمكنوا من بناء الكنائس دون خوف. وضمن هذا الإطار، يمكن للقادة الدينيين والسياسيين، التعلّم من هذه القصص. العامل الأول هو الدعم الذي يتم الحصول عليه من قبل الحكومة المحلية والشرطة. وتملك هذه المجموعات سلطة قبول أو رفض طلبات البناء لوقف عناصر من الفوضويين الذين يريدون مقاطعة عملية البناء. وفي حالة كنيسة GKI Terang Hidup بجاكرتا، على سبيل المثال، قامت الشرطة المحلية بتيسير الحوار بين جمعية بناء الكنيسة والجماعات التي تقاوم العملية. وقامت الشرطة كذلك بتوفير الأمن، وأبلغت المجتمع المحيط بالمنطقة بالعملية. العامل الثاني هو دعم النخب الدينية في الجوار، وفي حالة كنيسة "سانت مايكل" في بيكازي بجاوا الغربية، على سبيل المثال، توجهت لجنة بناء الكنيسة إلى زعيم مسلم محلي يتمتع بقاعدة شعبية قوية في المجتمع المجاور، هذه المبادرة أطلقت هذه المقاربة علاقات جيدة وغيرت موقفه تجاه دعم إنشاء الكنيسة. العامل الثالث هو الحوار الناجح مع المسلمين في المنطقة لتجنب سوء الفهم والتأكيد على أن الكنيسة لا يجري بناؤها لتيسير أعمال التبشير بين المسلمين، وإنما لاستخدام أعضاء الكنيسة. تمكنت جميع الكنائس التي تم إنشاؤها بنجاح من إقناع الجاليات المجاورة بأن بناء الكنيسة، لا يعني المساهمة في تحويل المسلمين عن دينهم. على سبيل المثال، عندما كان يجري بناء كنيسة "سانت البيرتوس" في بيكازي بجاوا الغربية، دعت لجنة بناء الكنيسة الجاليات المجاورة ومسؤولي الحكومة المحلية والشرطة إلى عدد من جلسات الحوار. أقنع هذه التوجه المتكرر بالتدريج الجاليات المحيطة بدعم إنشاء الكنيسة. تشكل هذه الأمور عوامل أساسية ومهمة في الحفاظ على العلاقات الجيدة بين الجماعات الدينية ذات الغالبية والأقليات، ويجب الإعلان عنها وترويجها بشكل أكثر اتساعاً. ويمكن أن تنطبق كذلك على إنشاء المساجد بنجاح في المجتمعات ذات الغالبية المسيحية. من الأهمية بمكان أن تتوقع الجاليات ردود فعل المنظمات الدينية الإندونيسية المحافظة، التي رفضت في العديد من الحالات بناء الكنائس. أعربت هذه المنظمات، رغم قلة عددها، وبشكل مستمر وبإصرار عن معارضتها في أماكن محددة واعتمدت على حشد أعضاء الجالية لتعارض بناء كنيسة، أحياناً من خلال أساليب عنفية. لحسن الحظ أن المنظمات الإسلامية من التيار الرئيس، مثل "نهضة العلماء" وهي أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا، وجناح الشباب فيها، دعمت دائماً حق إنشاء بيوت العبادة. يردع بناء كنيسة بموافقة ودعم الفرع المحلي لهذه المنظمات عادة التجمعات المتطرفة عن رفض بناء الكنائس بشكل عنفي. يجب أن تستمر منظمات التيار الرئيس المسلمة هذه في المطالبة بأن تضمن الحكومة المحلية والشرطة الحق في بناء بيوت العبادة، وكذلك تثقيف المسلمين لدعم ذلك الحق بنشاط. يتوجب على الحكومة المحلية أن تتعلم من هذا البحث كيفية التحقيق من النزاعات التي تنتج عن بناء الكنائس، وأن تستخدمها للحفاظ على أجواء في إندونيسيا تضمن الحريات الدينية. تيستر يونو باحث بجامعة الدولة الإسلامية صياريف هداية الله بجاكرتا ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©