الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الساخرون

الساخرون
30 مارس 2008 03:53
في كل صباح أفتح بريدي الإلكتروني وأبحث بسرعة بين العناوين· هناك ذلك العدد القانوني الإجباري من زوجات الزعماء الأفارقة اللاتي توفي أزواجهن بعد ما سرقوا عدة مليارات من الشعب، وهؤلاء الزوجات اخترنني أنا بالذات من بين سكان الكرة الأرضية كي أقاسمهن هذا المال المسروق لأنهن يتوسمن فيَّ الأمانة ولأنني أوحي بالثقة· طبعاً لابد من مسح هذه الخطابات ومنعها من الوصول، لكن العنوان يتغير في كل مرة على كل حال· هناك خطابات من (جينا وصاحباتها) يؤكدن لي أنهن رأين صورتي وأنهن وجدنني وسيماً لدرجة لا تصدق· تعال لتقابلنا في الموقع الفلاني· طبعاً (رأيناك) و (وسيم) كلمتان تدلان على تناقض مخيف كأن تقول (برد حار) أو (شمس مظلمة) أو (فقر فاحش)··· امسح، امسح· هناك النداءات الحارة من طراز (تعال لترى الفنانة الفلانية···) أو (شاهد المطربة العلانية···) حتى تشعر بأن الفنانات العربيات لا يفعلن شيئًا سوى أن أن يتعرَّيْن أمام الكاميرا، فلو جربت أن تدخل على سبيل (الفضول العلمي) لوجدت نفسك مطالباً بالتسجيل في منتدى اسمه (فضيحة) أو (كشف المستور) حتى يحق لك أن ترى هذه الصور·· امسح··· امسح· يطلقون على هذا النوع من الرسائل اسم (سبام Spam) وبصراحة لم أجد لها معنى في القاموس سوى نوع من لحم الخنزير المعلب، لكنها تعني إغراق الإنترنت بنسخ من رسالة واحدة غالباً ما يكون محتواها إعلاناً عن منتج رديء أو طريقة زائفة للثراء· من ضمن ''السبام'' الشهير تلك الرسالة التي تقول لك وهي تلهث: ''لقد عرفنا أن شركة ''هوتميل'' سوف تلغي خدماتها المجانية، أرسل هذه الرسالة لعشرة من أصدقائك كي تعرف الشركة أن حسابك نشط''· تلقيت هذه الرسالة منذ عشر سنوات وبدا لي المنطق سخيفًا، هل الشركة عاجزة عن معرفة إن كنت تستعمل حسابك أم لا؟ لماذا إذن يتم إلغاء الحساب لو لم تستعمله لمدة ثلاثة أشهر؟ هل لابد من هذه الطريقة الطفولية؟·· لكن الذعر المعتاد من أن أكون الأحمق الوحيد جعلني أرسل لشركة ''هوتميل'' رسالة مهذبة: ''هل تنوون خراب بيت من لا يرسل الرسالة إلى عشرة أشخاص؟''، فكان ردهم أكثر تهذيباً: ''لا تكن حماراً، لا تصدق هذه السخافات''· هكذا نسيت الأمر، لكن الأمر لم ينسني··· في كل يوم يصلني خطاب من صديق يحمل عنوان (تحذير مهم)، هنا يتجمد الدم في عروقي وأفتح الخطاب لأجد من يقول: ''لقد عرفنا أن شركة ''هوتميل'' سوف تلغي خدماتها المجانية، أرسل هذه الرسالة لعشرة من أصدقائك كي تعرف الشركة أن حسابك نشط''· أمسح الرسالة فأجد بعدها عشر رسائل أخرى كلها تنذرني بالويل والثبور: ''ألم تعرف أن شركة ''هوتميل'' سوف تلغي ··· الخ ··· الخ ···؟''· أرد على من أرسل لي الرسالة أطمئنه، لكنني نسيت أنه أرسل رسالته لعشرة وهم جميعاً أرسلوا لمائة آخرين· هذه متوالية أبدية لن تتوقف أبداً· لا يوجد ما يمنع أن تستمر هذه الأكذوبة إلى يوم الدين· الآن فقط وصلتني رسالة من صديق عزيز يحذرني من أن هناك خطراً داهماً ينتظرني· قمت بفتح الرسالة فوجدته يحذرني من أن ''هوتميل'' سوف··· في طفولتي وصلتني رسالة ممن يزعم أنه خادم مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأن علي أن أنسخ عشر نسخ من هذه الرسالة وأرسلها لضحايا آخرين وإلا حل بي الخراب ومت أو مت ثم حل بي الخراب، وهكذا سهرت ليلة كاملة أنسخ الرسالة وأبكي لأن نحسي جعل الرسالة تقع في يدي بالذات، وقمت بتوزيعها في المدرسة اليوم الثاني، وبعد أسبوع رأيت شيخًا فاضلاً على شاشة التلفزيون يؤكد أن هذه الرسالة لعبة سخيفة لا أساس لها من الصحة ولا لوم على من تجاهلها تماماً· الغريب أن هذه الرسالة ما زالت تصلني على بريدي الإلكتروني حتى اليوم!، تطور الأمر منذ النسخ اليدوي حتى ظهرت آلة تصوير المستندات ثم ظهرت الإنترنت، لكن الرسالة مستمرة، ومن الواضح أنها ستظل تنتشر حتى في عصر الرسائل الأيونية البيولوجية· نعم لا سبيل للقضاء على ''السبام''، إنه مستمر إلى الأبد، ولسوف تأتي دوماً أجيال لم تسمع عن الأمر وتأخذه بجدية· على كل أنا أنصحك بأن تنسخ هذا المقال وترسله عبر الإنترنت لألف واحد من أصدقائك، أنت حر في أن تفعل أو لا تفعل، فقط أذكرك أن من لم يفعلوا هذا صار لونهم أخضر، ونبتت لهم عين ثالثة، وتساقط شعرهم، وصاروا ينطقون حرف الجيم سيناً· ليت هذا كل شيء، لقد فوجئوا بأن شركة ''هوتميل'' ألغت بريدهم المجاني كذلك!· أنت حر وقد أعذر من أنذر· د· أحمد خالد توفيق اعرف نفسك ''تقليص الحاجات من أجل تقليص العذابات التي يُكلف إشباعها كثيراً، وهكذا توصلت إلى أن الأشياء التي أحتاجها صارت قليلة، لأن السعادة الحقيقية يا صديقي ليست في أن تملك وإنما في ألا تحتاج'' الروائي الأسباني أنطونيو جالا يُقال: ''إنك عندما تعرف نفسك، من السهل عليك أن تتعرف على الآخر''، فبعد تخبط سنين طوال، ما بين تأجيل وتأخير وشطب وحذف وإضافة، ومُداراة خواطر هذا وذاك، ''وحَب اخشوم'' بلا طائل، قررت أن أبحث عن نفسي بمعزل عن سطوة المجهول، وبعد كفاح مرير وجدتها· لن أقول بأنني جئت متأخرة، فعرفت ما هو مطلوب مني وما أريده من الآخر، واتضحت حدودي وخطوطي، ولملمت أشلائي ونفضت الغبار عن أوراقي، ورسمت حداً وخطاً للآخر في رحلة العمر، وبعدها شرعت مقبلة نحو غايتي وأحلامي الصغيرة المؤجلة، زادي ما تبقى لي من ثقة وكبرياء ولوثة عناد، ودمعة معلقة من أمس، ما بين القلب والهدب، وشيء من اجتهاد لبلوغ المراد، في عالم هو أشبه بمزاد، مفتوح على مصراعيه، وعلى جميع الخيارات وعلى كل الاتجاهات، وبكل الألوان!· تحديد الهدف يحدد الوجهة للوصول إلى غايتك المنشودة، لذا أن تعرف ماذا تريد، سيوفر كثيراً من عناء المسير على غير هدى وكثيراً من الانتظار أيضاً· كلام جميل ومنطقي ومعقول، وإن تضمن بعداً فلسفياً نوعاً ما، فربما استهوتني الفلسفة هذه المرة، فأغرتني لخوض غمارها في سياق هذه ''الشخبوطة'' دون أن أدري!· أحياناً قد تقودنا الخطى نحو تحقيق رغبة جامحة تتملكنا صوب شيء ما، للشروع في مغامرة ليست في الحسبان، فقط للشعور بنشوة عابرة لا تتفق ربما لا حجماً ولا جهداً مع تلك الرغبة ونتائجها!، فأحياناً تكون ''الحِسبة'' باهظة، لتترك نتوءاتها وندبها في النفس أمداً طويلاً، هكذا هي حسابات القلب في ظل ''غفوة'' العقل!· ما علينا من كل ما قد سلف· ''حبيت اليوم أتفلسف شوية بس طلع نفسي قصير''!· المهم، قد يصادفك في مشوار الحياة نموذج محيّر وبشكل مستفز، يجهل غايته ومبتغاه أو ما يريد، فيضيع سنين العمر ''طيّاري'' ما بين مسافر عابر، أو مشاغب مغامر· أحياناً تجده المقامر في كل شيء وعلى كل شيء وبكل شي!، لا لشيء إلا الرغبة في العناد والإصرار على الخسارة مدى الحياة!، فتلك هي البطولة في ''نظره القصير''! فلا تعرف له مزاجاً معيناً ولا برجاً ولا فصيلة دم!· وفي ''الآخر'' يضطرك لتبحث وتنبش في جذور شجرته، أو لخوض تجربة فحص جيناته الوراثية، ربما توصلك إلى تحليل شاف وواف عن شخصيته تستطيع من خلاله تحقيق تواصل وتفاهم آمن معه!· وربما تحتاج إلى معرفة الرسم البياني التقريبي لجمجمته!، أو التنبؤ باتجاهات امتداد العروق و''الفيوزات'' عنده، من دون أن تحزر على أي برّ سترسو بعد كل تلك المحاولات، فقد تنبت نخلة ''برحي'' أو شجرة صبار في قمة رأسك ''والله المستعان''!· إنها أشبه بمحاولات ميتة في الوقت الضائع لن يسعفك الوقت باستدراك نتائجها، لتبقى رهن حظك!، فالنتيجة غالباً ما تكون ضبابية، خصوصاً عندما لا ترتكز إلى قاعدة بيانات واضحة، لتسهل عملية البحث والتنقيب والتجريب· ''الزبدة''، هناك من يحيط نفسه بهالة معينة ليس حباً في الانطواء أو الانزواء أو العزوف عن الأضواء والأنواء!، لا··· بل لترهيب البعض أحياناً بظهور مختلف!، فيوحي للبعض بأنه فوق المساءلة، وممنوع الاقتراب منه، و ما يحق له لا يحق لغيره، وكأنه يقول أنا حالة خاصة لا أشبه غيري، وما يسري عليكم لا يسري أو يجري عليّ، فأنا قبلك وأنت من بعدي، أسأل ولا أُسأَل!، جلَّ اهتمامهم ينصب على خلق خصوصية معينة لهم كماركة مسجلة، للفت الانتباه بمعنى ''إللي موشايفني تراني موجود·· ما تشوفوني؟!''· وغالباً ما تجد كل ''فنتوكة'' أو صرعة غريبة دارجة هم مصدرها، يتفنون في تضخيم الذات وتغذيتها إلى حد التخمة!، ناهيك فيما لو كان أصل كل ''المشكل'' عقدة، أو نقصا أو خللا في الشخصية، ''فيطلّعه'' من عيون خلق الله، وخلق الله ليس لهم ذنب بكل الأحوال!· رأيت وليتني لم أرَ، وسمعت وليتني لم أسمع· رأيت من يتشاطر و''يتعنتر'' على عامل مسكين بسيط في مطعم صغير، فيوبخه أمام زبائن المحل لعدم توفر المياه الغازية ذات العلامة التجارية الأشهر وتقديمها لحضرة جنابه!· رأيت تلك التي تصفع عاملة للعناية بالأظافر لأنها قصّرت ظفر الخنصر أكثر من البنصر!· ورأيت من ''يبدّي'' حاجة ''صديقته'' على حاجة ''أم العيال''!· ورأيت من يدفع ألوفاً في سلعة غير ضرورية، لزوم ''الفشرة'' ويفكر ألف مرة قبل أن يترك ''بقشيش'' بائس عند دفع فاتورة طعام غداء أو عشاء، أو ذلك الرجل الميسور الحال الذي استكثر باقي ''فكة'' أن يضعه في صندوق الهلال الأحمر، الذي مر من أمامه أكثر من تسع وتسعين مرة أثناء صولاته وجولاته في مول·····؟! ؟ همسة: على الرغم من قسوة الحياة أحياناً، لم يفقد بعضنا دفء إنسانيته، ولم تفقد بعض العيون حياءها وسخاءها!· فاطمة اللامي المزاج الإسفنجي و الإنترلوكي ثماني سنوات وأنا رهينة بيد أو بحنجرة ''أبوبكر سالم'' وسجائر ''فيليب موريس'' و''كرك'' الهنود، فكل صباح، أثناء الطريق إلى العمل، لا بد من الاستماع والتدخين والشرب، معاً، وبضربة رجل واحد· وكان كلما نبهني أحد إلى خطورة التدخين أو نهاني عن سماع الأغاني، وبعضهم كان يحذرني من الكرك أيضاً، كنت أقول لو الأبقار طارت بأجنحة في السماء وهطلت علينا أمطارا من الحليب، لن أترك هذه العادة لأنها متغلغلة في فصوص مخي، لكن لا أدري ماذا حصل بعد ذلك، فأنا اليوم اذهب إلى عملي وفمي مغلق وأذنياي لا تسمعان كأنني جثمان في طريقه إلى المقبرة· وكنت فيما مضى أضيف كيسين سكّر إلى ''الكابتشينو''، ومع الخوف من السمنة والأمراض، أو بالأحرى الخوف على الذكورة، اقتنعت بكيس ونصف الكيس، وكان ''الكابتشينو'' مرّ الطعم في المرة الأولى، لكنه كان لذيذاً في المرة التالية، ثم اكتفيت بكيس واحد، ثم بنصف كيس، ثم استسغت طعمه من غير سكّر أصلاً، واليوم لا أطيق ''الكابتشينو'' لأنه حلو أكثر من اللازم· ولم أكن أتخيل أنه يمكن الخروج من المنزل حاسر الرأس، اليوم بت أخرج حاسراً بل وأصلع، وانتظر بفارغ الصبر اليوم الذي أتجول فيه في ''سيتي سنتر'' بـ ''بيجامة'' صفراء و''نعال زنوبة'' أحمر اللون يُصدر أصواتاً أثناء المشي، وكنت في الأيام الخوالي لا أستطيع النوم إلا في مكان هادئ ومظلم، اليوم أنام مع أنغام ضوضاء الأطفال وتحت إضاءة ''التيوب ليت''· النجاة من العادات الضارة أو المزعجة أو المرهقة للصحة والمال والمؤثرة سلباً في العلاقات الأسرية والاجتماعية وفي العمل، لا تحتاج إلى الكثير من الجهد، بل اترك الأمور على طبيعتها وتقبّل التغيير التدريجي بروح رياضية، أي اجعل مزاجك إسفنجياً يمتص الجديد، أما صاحب المزاج الصلب مثل ''الإنترلوك''، فنهايته مؤسفة ومضحكة· فواحد من جماعة ''الإنترلوك'' لم يترك للظروف الصحية الفرصة لتغيير طباعه، فقد كان الرجل مصاباً بالسكّري والأطباء يحذرونه من الحلويات لكنه ''يطنّش'' ويصر على أكل الكنافة، اقترح عليه أحد المجانين تناول ما يشاء منها شريطة المشي لساعات طويلة حتى يحرق جسمه السكّر الناجم عن الكنافة· طار عقل رجل السكّر وراح يمشي كل يوم من منطقة القصيص، حيث يسكن، إلى شارع الرقة، حيث محل الحلويات، وهناك يلتهم كيلوجراماً أو متراً مربعاً من الكنافة ثم يعود أدراجه سيراً على الأقدام، والمسافة بين النقطتين، مع شيء من البهارات، كالمسافة بين السمحة والسلع أو بين عسير وعرعر أو بين كربلاء وكركوك· وفعلاً استطاع الرجل المحافظة على نسبة السكّر في دمه إلى أن بتر الأطباء رجله التي ''تغرغرت'' واستشهد بعد ذلك في سبيل مزاجه ''الإنترلوكي''· أحمد أميري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©