الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السينما الإماراتية تحمل ميزات إيجابية ومستقبلها مشرق

السينما الإماراتية تحمل ميزات إيجابية ومستقبلها مشرق
15 مارس 2010 21:18
حصد الفيلم الكرتوني “أصيلة” الذي يعتبر من أضخم الأعمال الفنية في هذا المجال التكريم والاحتفاء في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال الأخير، هذا الفيلم تم إنتاجه من طرف شركة “الرحباني برودكشن” الموجودة في دبي، صاحب الشركة المنتجة لهذا العمل هو المؤلف والمخرج المسرحي والسينمائي والمنتج اللبناني مروان الرحباني. في هذا الحوار يتحدث مروان عن نشاطاته وبداياته الفنية، كما يتحدث عن تأثير مدرسة الأخوين الرحباني عليه، لن يغفل الكلام أيضا عن فيلم “أصيلة”، وعن السينما بشكل عام وعن المسرح وعن الإنتاج الفني في ظل ظروف اقتصادية متغيرة..فإلى التفاصيل... - كلمة في البداية للقارئ عن مروان وعن دراسته وتكوينه وعن بداياته الفنية. شكراً لكم على هذا اللقاء، بخصوصي، مروان هو مؤلف ومنتج ومخرج ، درست الموسيقى بحكم انتمائي العائلي وأكملت الدراسة في مجال المسرح والسينما، وقد بدأت العمل في هذا المجال بعمر صغير جداً، حيث شاركت كعازف مع الأوركسترا كما قمت بأدوار ثانوية مع الأخوين الرحباني، في سنة 1975 كان التحول في حياتي، حين تم اسناد مهمة مخرج مساعد لي مع الراحل الكبير عاصي الرحباني، ومكثت معه حتى سنة 1982حيث شاركت معه ضمن فرقة الاخوين رحباني في جميع الرحلات والمسرحيات المقامة في تلك الفترة. وقد كانت بحكم الوسط والمحيط ميولي موسيقية بالدرجة أولى، لكن وجدت عندي اهتمامات أخرى بدأت تكبر مع الوقت، في مجالات كالسينما والمسرح فأردت تنميتها ووجدت الفرصة لذلك، حيث كانت هناك آفاق مفتوحة للإبداع في هكذا مجالات، فاستحدثت عدة أساليب وطريقة فنية اخراجية جديدة في المسرح الغنائي، حيث استخدمت تقنيات السينما في المسرح وكان لها تأثيرها الكبير في أسلوب العرض وطريقته، والتي تم استخدامها مثلا في مسرحية “الانقلاب” سنة 1996 التي تم عرضها في سوريا ولبنان وفي الإمارات، كما كررت نفس العملية حين أخرجت أعمال الراحل منصور الرحباني كمسرحيات “آخر أيام سقراط” و”المتنبي” و”قام في اليوم الثالث” و”جبران والنبي” و”عودة الفينيق” و”زنوبيا” و”صيف840” وغيرها من المسرحيات, وكل هذا كان يسخَر لإبراز الكلمة والنص الذي هو الأساس في الفن وخلق أبعاد ثانية مرئية له. - ماذا يمثل منصور الرحباني بالنسبة لكم؟ - منصور الرحباني عدا كونه بالنسبة لي أب متميز جداً فهو أسطورة وحالة إبداعية وفكرية لن تتكرر بسهولة، فهو الصديق والأخ والمعلم والمرشد لجميع العائلة، والفراغ الذي تركه في الساحة الفنية والثقافية العربية فراغ كبير لا يمكن ملأه بسهولة، وكما خسرناه نحن كأب خسرته الساحة العربية أيضاً، أما بالنسبة للمحافظة على تراثه، فنحن نقوم بجهود حثيثة للمحافظة على هذا التراث وإن كانت على مستوى فردي بحت، فالآن مثلا قمنا بإعادة تقديم مسرحية “صيف 840” برؤية جديدة، حيث تعرض في كازينو لبنان للشهر الثاني على التوالي، وهي تقدم بعد 23 سنة من إنتاجها الأول كتحية لمنصور الرحباني مني ومن شقيقي غدي وأسامة، كما تم تقديم هذه المسرحية في وقت سابق في مهرجان “بيبلوس” الشهير، وشاهدها أكثر من 30 ألف مشاهد خلال ستة أيام من العرض. وبالإضافة الى الجهود الفردية هناك جهود أخرى تستحق الإشادة والشكر، كجهود وزارة التربية اللبنانية، التي قامت بادخال مسرح الأخوين الرحباني ومسرح منصور الرحباني في المناهج التعليمية، وقد أصبح يدرس في كافة المراحل التعليمية، تماما كما يدرس مسرح شكسبير والمسرح الفرنسي وروائع المسرح العالمي. - هل ترى أن للمسرح جمهوراً في ظل تنامي سيطرة الشاشة؟ - المسرح هو أب الفنون كما انه أكثرها نبلا، والجمهور العربي أصبح متطوراً وواعياً ومثقفاً بشكل كبير، فحين تقدم له عملا مميزاً ورائعاً لاشك سيأتيك الجمهور كما سيتعاطى معه، والحمدلله مسرحنا مازال يستقطب جمهوراً واسعاً من جميع الفئات العمرية والأوساط الثقافية، فالمهم ان تكون صادقاً في ما تقدمه ونبيلا في التعامل مع المسرح ومتطلبات العمل المسرحي، ومما لا شك فيه انه في فترة من الفترات طغى التلفزيون على السينما، خاصة في فترة الستينيات والسبيعينيات، لكن اليوم عادت السينما للصدارة لأنها تقدم أبعادا فنية ومؤثرات على المشاهد لا يمنحها التلفزيون، وما ينطبق على السينما والتلفزيون ينطبق على المسرح أيضاً، فالممثلون المسرحيون يقدمون حالة فنية حقيقية تمثل أمامك بشكل حي، لذلك يتمتع المسرح بديناميكية وحركة وتغير لأن نفس المشهد الذي تم تمثيله الليلة سيقدم في الليلة الموالية، وقد يختلف العرض في التفاعل والأداء مع انه نفس المشهد، وهنا تكمن صعوبته وجماليته، أما في السينما فإن الصورة تحنط بمجرد ما يشير المخرج بتوقيف التصوير وطباعة تلك اللقطة التي ستحفظ وتعاد لمئات السنين القادمة. - هل جمهور المسرح نخبوي؟ - لا أحب تصنيف الجمهور، فجمهور مسرح الرحباني يتألف من الجمهور النخبوي، كما انه من عامة الطبقات الفكرية والاجتماعية، فالجمهور سواء كان في المسرح أو في السينما يريد ان يقضي بعض الوقت الممتع، وأن يخرج وهو يمتلك مجموعة من الأفكار حول العرض ومضامينه، ونحن نؤمن بأن هناك جمهور يشاهد الأعمال وينتقي كما انه ينتقد ايضاً وله رؤية واعية حول ما يقدم وحول الرسالة المسرحية. - زنوبيا عمل مسرحي ملحمي ضخم ما هو صدى هذا العمل وهل تفكرون في عمل آخر على غراره؟ - مسرحية “زنوبيا” التي قدمت في دبي سنة 2007 وكانت من إنتاج حكومة دبي نظمت على مسرح بني خصيصاً لهذه المسرحية، وهو الأكبر من نوعه على المستوى العالمي، من حيث المساحة ومن حيث الحجم، حيث وصلت فتحة المسرح لـ100 متر، فيما بلغ عمق المسرح مع الخلفية حوالي400 متر، فهناك مدينة على هذه الخشبة كانت تحرق في كل مساء ويعاد بناؤها في اليوم الثاني استعدادا لعرض آخر، واستمر العرض لستة ليال، كما حضر العرض الواحد أربعة آلاف شخص، فحقق هذا العمل نجاحاً كبيراً وكانت متميزة في الحجم وفي الأداء، متميزة من حيث متطلبات العمل من ديكور وأزياء وتصميم، فكان المتفرج على هذا بمثابة من يشاهد فيلماً سينمائياً في الواقع، وعلى خشبة المسرح مع أناس حقيقيين ومعارك وخيول في ساحات المعارك حقيقية. - تقيمون بشكل دائم في الإمارات هل لذلك علاقة بنشاطكم الفني؟ - طبعاً لذلك علاقة، فقد بدأت نشاطي الفني في عام 1977، حين أسست شركة “الرحباني برودكشن” مع شقيقي غدي، وانتقلت الشركة الى الإمارات سنة 1989، واليوم تمتلك هذه الشركة أربعة فروع في بيروت ودبي وأبوظبي والدوحة، وطبعا بحكم طبيعة نشاط الشركة ومصالحها يتطلب مني الأمر الإقامة بشكل دائم هنا لأن المقر المركزي لها في الامارات، مع ان لكل فرع من الفروع الأخرى استقلاليته في العمل. ويقوم نشاط الشركة على الإنتاج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني والنشاطات الدعائية والإعلانية وإنتاج البرامج الترفيهية على متن الطيران، كما تقوم الشركة بتنظيم المهرجانات والفعاليات كالمهرجان الثقافي في قطر 2003، حيث كانت احتفالية وطن وقائد من إخراجي بينما كانت من تأليف وإنتاج قطري كامل، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات منها اخراج حفلة مغني الاوبرا الراحل “بافاروتي” وفرقة “البولشوي “ في نفس المهرجان. وكما أسلفت بدأت الشركة ممارسة نشاطها في الامارات عام 1989 وتحديداً في دبي، لتفتح في وقت لاحق فرعا لها في أبوظبي. وتعمل الشركة في عدة مجالات كإعداد البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية والتلفزيونية والمواد الدعائية، وبذلك اصبحت “الرحباني برودكشن” متأصلة في المشهد والحراك العام على مستوى الإنتاج الفني والعمل في هذا المجال على مستوى السوق الإمارتي، ومن هذه السوق تنطلق إلى الخليج والى أوروبا وإلى بقية مناطق العالم. - ماهي الأعمال الحالية والمستقبلية ؟ - على المستوى المسرحي نفكر بدراسة مجموعة من الأعمال المشابهة لعمل “زنوبيا” الملحمي، لكن مثل هذه الأعمال تحتاج لوقوف دول وحكومات وليس أناس عاديين لأنها تتطلب امكانيات لوجستية ضخمة، ولنا عملين ندرسهما الآن لا يمكننا الافصاح عنهما في الوقت الحالي. - هل تأثر قطاع الإنتاج الفني بجميع أنواعه بالأزمة الاقتصادية؟ - مما لا شك فيه ان الأزمة الاقتصادية التي أثرت على جميع أوجه النشاطات الاقتصادية أثرت كثيراً على مجال الإنتاج الفني، ولسوء الحظ مازال في عالمنا العربي من يعتبر ان الفن والمسرح والإنتاج الفني والإبداعي من الكماليات، وهذا ما يضر بالحركة الفنية، خاصة اذا كانت في ظرف اقتصادي سيئ، وسأعطيك مثالا بسيطاً على دور الفن في ظل الأزمات وازدهاره، فأثناء الحرب العالمية الثانية وحين ماكانت لندن تعيش تحت القصف أجبر تشرشل المسرحيين على إكمال مسرحياتهم وعرضها رغم انها كانت تقدم في المسارح تحت الأرض، التي كان يختبىء فيها الناس. فمن المعروف ان المسرح والفنون عموما تزدهر في ظل الأزمات الخانقة، ولهذا أنا أؤمن ان المعالجة بالمسرح والفن للأزمات يعطي أمل أقوى وأكبر للجمهور والمتلقي، لأن الرسالة التي يقدمها المسرح أكبر بكثير من محاضرة جامعية أو مقال صحفي أو تطمينات تلفزيونية أو خطاب سياسي. وبخصوص شركة الرحباني، طبعا ككل الشركات في محيطها المحلي والاقليمي تضررت، فهي جزء من المجتمع وتتأثر بالتغيرات المحيطة بها، وتمثل التضرر في التراجع في نسب الطلب على الإعلان والمواد الدعائية وتقليص بعض الميزانيات المخصصة للفعاليات والأنشطة بدعوى الأزمة، وتخفيض بعض المؤسسات الحكومية والخاصة لكمية الطلب التي كانت تقدمها لإنجاز برامج وثائقية عن أعمالها، وكل هذه الأشياء أثرت على حركة السوق وعلى الحركة التجارية بشكل عام. - ما رأيك في جوائز الأوسكار التي تم الإعلان عنها؟ - بخصوص جوائز الأوسكار سعدت بها جداً لهذه السنة، حيث برهنت الأكاديمية ولجنة التحكيم التي تضم حوالي 5500 محكم انها على مستوى التحكيم، حيث لم تنجرف وراء الزخم الذي حققه فيلم “آفاتار” من نجاح جماهيري، بل تم اختيار فيلم متواضع في الإمكانيات بالمقارنة معه، وهذا ليس انتقاصاً من قيمة فيلم “آفاتار” فهو فيلم مميز وحقق ايرادات هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما، ولكنهم نظروا الى الفيلم من منظور آخر، مستشفين مضامينه الانسانية ومحاكاته للواقع بشكل كبير. - “أصيلة” فيلم مشترك بين أكثر من جنسية، ما هي هويته؟ - الفيلم يحمل هوية شركة “الرحباني برودكشن”، ففي الفيلم لم يشترك معنا في إنتاجه أي جهة حكومية أو خاصة، لكن الفيلم نفذ تقنياً في المجر وتم تأليف الموسيقى في بيروت وتسجيل الأصوات مع الممثلين بالنسبة للنسخة العربية في مصر، وبطبيعة الحال نتيجة لوجود الشركة في الإمارات احببنا ان تكون الإمارات منطلقاً لهذا الفيلم الى العالمية. وقد أخذ فترة من التصوير تجاوزت حوالي سنتين ونصف بدأت من عام 2007 ، ومدة الفيلم 93 دقيقة، وهو من إخراج المخرج العراقي المجري ثامر الزيدي الذي يقيم في بودابست منذ 35 سنة، وتم انتاج نسخة من الفيلم باللغة العربية تم تنفيذ أصواتها في مصر مع حنان ترك وعلاء مرسي وجمال اسماعيل وغسان مطر وسمير الليثي وغيرهم. أما بالنسبة للنسخة الانجليزية فالعمل منكب الآن على كتابة نصها في لوس انجلوس بالولايات المتحدة، وستسجل الأصوات في أواخر شهر ابريل من العام المقبل حتى يكون الفيلم جاهزاً للعرض مع بداية الصيف المقبل، وقد تم عرض النسخة العربية في مهرجان “ترايبيكا” بالدوحة في شهر نوفمبر الماضي وقد شارك مؤخرا” في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة الدولي السينمائي للأطفال، وهو أول فيلم طويل يشارك بمقاس 35 ملم في هذه المسابقة، وقد حاز على جائزة وزارة الثقافة، كما لقي صدى وإقبال جماهيري واسع. - تم تصوير الفيلم في هنجاريا ألا تمتك الدول العربية تقنيات لصناعة مثل هذا العمل؟ - بعض الدول العربية تمتلك هذه التقنيات، لكن ليس بمستوى العمل الذي تم به في هنجاريا، وأوجه الاختلاف تكمن أساساً في الخبرة والتجارب، وقد وصل عدد الرسامين من هنجاريا 250 رساماً، هذا إلى جانب التقنيين الآخرين والفنيين، وهو يزاوج من حيث تقنية العرض بين الرؤية ثنائية الأبعاد “2D” وثلاثية الأبعاد “3D”. - هل يمكنك ان تعطينا الرقم المالي المحدد الذي تطلبه إنتاج هذا العمل؟ - هذا الفيلم ستتجاوز تكاليفه مع اكتمال النسخة الإنجليزية التي هي في خطوات الإنجاز الآن أكثر من مليوني دولار، مع انني لا أحب التكلم عن الميزانيات، فالمهم هو العمل والزخم الذي يتركه، لذلك أتمنى ان يكون لهذا الفيلم حظ ويرضي جمهور المشاهدين، وما يعتمد عليه أولا هو الإيرادات من عروض السينما وكذلك التلفزيون، لكن مالا نعول عليه إطلاقا هو أقراص “DVD” والفيديو كاسيت لأن القرصنة الفنية في عالمنا العربي في أوجها في الفترة الحالية. - مارأيك في السينما الإماراتية وماهي آفاق تطورها؟ - السينما في الإمارات مازال عودها طرياً، وهي في بداياتها الأولى وهذا يمنحها عددا من الميزات الإيجابية، فهناك محاولات جريئة ضمن الأفلام القصيرة، وبعضها جيد، كما أن هناك العديد من المهرجانات تحتفي بهذه السينما في كل من أبوظبي ودبي، ومما لا شك فيه ان مثل هذا الحراك سيؤثر على مستواها مستقبلا وعلى مستوى اهتمام الأجيال الجديدة بها، والذين تقع على عاتقهم مسؤولية الرفع من شأن هذه السينما وتقديم أفلام إماراتية تنافس على المستوى العربي والدولي.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©