احتدام المنافسة بين تحالفات الطيران الدولية

تسعى شركات الطيران العالمية لبناء تحالفات عبر البحار لمواجهة المنافسة المتصاعدة في الأجواء الدولية· وقالت شركتا ''اير فرانس/ كيه·ال·ام'' و''دلتا اير لاينز'' أمس إنهما ستتعاونان في الرحلات بين جانبي الاطلسي في اطار مشروع مشترك جديد يبدأ اعتبارا من ابريل ·2008 وفي بيان صحفي قالت شركتا الطيران إنهما تتوقعان ان يدر المشروع ايرادات قدرها 1,5 مليار دولار سنويا في البداية تزيد لاحقا الى ثمانية مليارات دولار، وستعمل الشركتان معا في الخطوط التي تربط مدنا اميركية كبرى ومطار هيثرو في لندن في تحد مباشر لمنافستهما الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش ايروايز)· وكانت اير فرانس قد ابلغت المحللين يوم الاثنين أنها تنوي فتح خط جوي جديد من هيثرو الى لوس انجلوس· وكان المشروع المشترك متوقعا في ضوء اتفاقية السماوات المفتوحة التي ينتظر ان تحرر قواعد العمل بين جانبي الاطلسي في الربيع المقبل· وفي سياق متصل ارتفعت أرباح شركة ''دلتا'' الأميركية العملاقة للطيران بواقع أربعة أضعاف في أول ربع سنوي لها عقب رفع رقابة فرضت عليها لمدة نحو عامين من قبل الدائنين واجهت خلالهما خطر التصفية بسبب تفاقم الديون· ونجحت الشركة، بحسب ما أعلنت أمس الأول في مدينة أطلنطا الأميركية، في تحقيق فائض بلغ نحو 220 مليون دولار مقــــــابل فائض بمقدار 52 مليون دولار العام الماضي· وقضت الشركة 19 شهرا تحت حماية الدائنين بهدف إعادة هيكلتها مما أدى إلى تسريح الكثير من عمالها، وتقليص نفقاتها بمقدار ثلاثة مليارات دولار سنويا· واجتازت شركة دلتا، وهي ثالث أكبر شركة أميركية للطيران من حيث عدد الركاب الذين تقلهم سنويا، عملية إفلاس نهاية أبريل الماضي· وارتفعت أرباح دلتا ايرلاينز بنسبة 10% خلال الفترة المذكورة لتصل إلى 5,23 مليار دولار، وهي أفضل نتيجة لها حتى الآن، وذلك رغم معاناتها على مدار الأعوام الماضية من ارتفاع أسعار الوقود وتراجع عدد الركاب، غير أنها استفادت كثيرا من إلغاء العديد من خدماتها خلال السنوات الماضية وتزايد الطلب على العروض السياحية· وعلى صعيد بناء تكتلات الطيران أيضاً اتسع تحالف ''ستار'' الدولي لشركات الطيران بقيادة شركة لوفتهانزا الألمانية بعد 10 سنوات من تأسيسه ليضم شركة مصر للطيران التي أعلن التحالف انضمامها له أمس الأول في القاهرة ليكسب الاتحاد بذلك موقعا هاما وجسرا حيويا للطائرات المدنية المتجهة إلى الشرق الأوسط وكوريا ودول شمال أفريقيا· وكان الاتحاد قد أعلن في مايو الماضي انضمام الشركة الأولى للطيران في الصين ''ليتراجع حجم البقع البيضاء التي تخلو من شريك للاتحاد في خارطة العالم'' حسب تعليق متحدث باسم اتحاد ستار آنذاك، ومن المقرر أن يشمل الاتحاد الأكبر من نوعه على مستوى العالم 21 عضوا عندما يكتمل انضمام مصر للطيران المملوكة للدولة خلال الثمانية عشر شهرا المقبلة، ويضم الاتحاد في عضويته إلى جانب شركة لوفتهانزا كلا من شركة يونايتد الأميركية و''لوت'' البولندية و''سويس اير'' السويسرية· ويهدف هذا التكتل إلى تقديم شبكة عالمية من الخطوط الجوية لعملاء الشركات الأعضاء به، وبلغ عدد المطارات التي تقصدها طائرات الشركات الأعضاء بالاتحاد أكثر من 800 مطار في 155 دولة حتى الآن، كما ترمي الشركات المشاركة في الاتحاد من خلال التعاون مع الشركات الأعضاء بالاتحاد إلى خفض النفقات من خلال تنسيق المبيعات بين هذه الشركات على سبيل المثال أو استخدام منافذ مشتركة في المطارات· وتسعى القاهرة التي يقطنها نحو عشرين مليون نسمة إذا أخذنا في الاعتبار المدن الصغيرة التابعة لها إلى أن تصبح بوابة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهناك مشاريع توسعية بمطار القاهرة الدولي منها إنشاء ممر رابع للطائرات وصالة ركاب جديدة، ومن المقرر أن تضاعف هذه التوسعات من طاقة المطار الذي تشرف على تشغيله شركة ''فرابورت'' الألمانية لإدارة المطارات منذ عام ·2004 وتشير التقديرات إلى أن عدد ركاب مطار القاهرة سيبلغ هذا العام نحو 12 مليون راكب وهي الطاقة القصوى الحالية له، ويعتبر مطار القاهرة أحد أكبر المطارات في المنطقة ولكنه أصغر بكثير من مطار فرانكفورت على سبيل المثال والذي يمكن أن يستوعب 50 مليون راكب سنويا، غير أن نسبة النمو بمطار القاهرة أكبر بكثير منها في مطار فرانكفورت وإن كانت خطط توسيعه أقل بكثير مقارنة بمطار دبي الدولي الذي تسعى شركة طيران الإمارات المنافسة لشركة لوفتهانزا لجعله نقطة التقاء عملاقة لمختلف شركات الطيران العالمية· يذكر أن شركة مصر للطيران هي أكبر شركة مصرية للطيران، وأقلت الشركة نحو ستة ملايين راكب العام الماضي ومن المقرر أن يرتفع هذا العدد إلى 10,6 مليون راكب تقريبا عام ·2010 وتسير مصر للطيران رحلات إلى الكثير من دول القارة الأفريقية بنحو 50 طائرة كما أنها تسير العديد من الرحلات إلى أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا· وفي معرض تعليقه على أهمية انضمام مصر للطيران لاتحاد ستار الدولي لشركات الطيران قال رئيس الاتحاد يان ألبريشت ''إن انضمام مصر للطيران للاتحاد ينسجم بشكل جيد مع خططه''، وقال رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران عاطف عبد الحميد ''إن لمصر، وطن شركة مصر للطيران، أهمية استراتيجية بحكم توفيرها للاتصال الجيد بين أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وبقية أنحاء العالم''· ومن المنتظر أن يصب انضمام مصر للطيران لاتحاد ستار لصالح تحسين جودة أداء الشركات الأعضاء بالاتحاد وتلبية رغباتهم· كما ينظر بعض العاملين في مصر للطيران لانضمام مصر للاتحاد على أنه بمثابة دليل على إحراز الشركة للمزيد من النجاح بعد أن دأب الكثيرون على اتهام مصر للطيران بعدم الالتزام بالمواعيد وذلك قبل أن يتم إعادة هيكلة الشركة بشكل شامل قبل سنوات قليلة· ورغم انضمام شركة بحجم مصر للطيران في دولة بحجم مصر إلى اتحاد ستار الدولي لشركات الطيران إلا أن الاتحاد مازال يسعى لتغطية ''البقع البيضاء'' التي تخلو من أعضاء للاتحاد على خارطة العالم، ويأمل الاتحاد في انضمام شركات طيران عملاقة له في كل من الهند وروسيا والبرازيل وفقا لما صرح به متحدث باسم الاتحاد أمس الأول· وفي روسيا قررت شركة ايروفلوت التابعة للدولة الانضمام لاتحاد ''سكاي تيم'' المنافس لاتحاد ستار الذي تقوده شركة ايرفرانس الفرنسية، ولكن اتحاد ستار يجري حاليا مفاوضات مع شركة طيران الهند ''اير انديا'' لكسبها ضمن أعضائه· وفي نفس السياق قال مسؤول بارز بصناعة الطيران في افريقيا أمس الأول إن على شركات الطيران الافريقية أن تضم جهودها لكي تصمد في وجه احتدام المنافسة مع الناقلات الغربية والشرق أوسطية· وقال نيك فادوجبا الرئيس التنفيذي لشركة الخدمات الجوية الافريقية إن 70 في المئة من حركة الرحلات الجوية بعيدة المدى الخارجة من افريقيا تسيرها شركات طيران أجنبية، وأضاف خلال مؤتمر صحفي ''لماذ لا تتعاون شركات الطيران الافريقية من خلال مشروعات مشتركة أو عمليات اندماج أو استحواذ؟· هذا هو سبيل المضي قدما· يتعين على الحكومات وشركات الطيران الافريقية أن توحد جهودها داخل القارة وعدم السماح بهيمنة الناقلات غير الافريقية على السوق الافريقية''، وتابع أنه رغم اتفاق الزعماء الأفارقة على تحرير صناعة الطيران وفتح الأجواء قبل نحو عقدين من الزمن إلا أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر· وأفلس الكثير من شركات الطيران الافريقية بسبب الديون والمنافسة من شركات أجنبية أفضل تمويلا، وقال فادوجبا إن أفريقيا تفقد طيارين ومهندسين وموظفين إداريين كبارا لصالح شركات الطيران في الشرق الأوسط التي تتوسع بسرعة في القارة· واضاف ''من قبل كانت شركات الطيران الأوروبية القوية وحدها هي التي تهيمن على الأجواء الافريقية· أما اليوم فتخترق شركات الطيران الغنية في الشرق الأوسط السوق وتستعرض عضلاتها في جميع أنحاء افريقيا''·