السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون».. فرصة بعد مجزرة «باركلاند»

27 فبراير 2018 01:49
ربما تتحول المجزرة التي شهدتها المدرسة الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا الأسبوع الماضي، إلى ما يشبه المدّ الأحمر. ويبدو أن تلاميذ المدارس بدؤوا يأخذون المسألة على محمل الجدّ، وهم يخططون لتنظيم مسيرة ضد العنف المسلح ودعوة السياسيين إلى العمل، بمن فيهم حاكم ولاية فلوريدا «ريك سكوت»، والرئيس ترامب الذي سبق لحملته الانتخابية أن قبضت مبلغ 30 مليون دولار من مخصصات «رابطة البنادق الوطنية». وتتصاعد المخاوف بشكل متواصل في الولايات المتحدة من التساهل في معالجة الأمور، وعدم اتخاذ أي إجراء لضبط الأوضاع بعد أن أصبح في وسع الرجال غير الأصحاء عقلياً أن يمتلكوا ترساناتهم من الأسلحة الفردية. وخلال فترة عمله، وقّع «سكوت» بعض مشاريع القوانين التي تبيح انتشار استخدام الأسلحة الفردية، بما فيها القانون غير الدستوري الذي يمنع الأطباء من التحدث مع مرضاهم عن الأسلحة النارية وظروف إصابتهم بها. ومع بدء انطلاق المسيرات الاحتجاجية لطلاب المدارس الثانوية، بدأ يساوره القلق من تطارح أفكار تشير إلى وجود علاقة تستحق البحث والاهتمام بين الحق في امتلاك البنادق والصحة العقلية لمالكيها. وعلينا أن نتذكر أن هذه الحركة الاحتجاجية كانت قائمة بالفعل منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وتقودها منظمات وطنية غير حكومية مهتمة بالدعوة لإعادة النظر في قوانين اقتناء وحمل الأسلحة الفردية، وتجنّب استخدامها كوسيلة لنشر الخوف وإشاعة العنف. ولقد أصبحت هذه المنظمات جاهزة الآن لاغتنام الفرصة التي هيأتها لها مجزرة مدرسة باركلاند الثانوية. وفيما يتعلق بمواقف الأحزاب السياسية، فليس يبدو أن كل «الديمقراطيين» متفقون أو متحمسون لاغتنام هذه الفرصة كحال دعاة حركات تنظيم ومراقبة حمل السلاح. إلا أن «ديان فاينشتاين» السيناتورة عن ولاية كاليفورنيا، اقترحت مؤخراً إصدار قانون جديد يحظر شراء وحمل الأسلحة الخطيرة التي يمكن استخدامها في عمليات القتل الجماعي. ويُعرف عن كاليفورنيا أنها الولاية التي قطعت شوطاً بعيداً في مجال تنظيم ومراقبة حيازة واستخدام الأسلحة الفردية. ودَعت أيضاً إلى رفع السنّ الذي يسمح فيه للأميركي أن يشتري البندقية نصف الآلية إلى 21 عاماً. ويُذكر أن المجرم الذي أطلق النار على تلاميذ مدرسة باركلاند يبلغ من العمر 19 عاماً، وكان يمتلك حرية شراء بندقية من طراز AR 15 من أحد مخازن بيع الأسلحة في فلوريدا. ويبدو الآن أن زمن اقتراف مثل هذه الجرائم البشعة والتي نشرت الذعر بين السكان وكانت نتاجاً لنفوذ جماعات الضغط المساندة لصنّاع الأسلحة، قد ولّى أو اقترب من نهايته. وتلوح أمام «الديمقراطيين» فرصة سانحة للرفع من سقف مطالبهم في مجال مراقبة وضبط حيازة الأسلحة الفردية. والآن، أصبحت معالجة قضية امتلاك البنادق الفردية شأناً حزبياً بامتياز. ولعل من الغريب أن تستخدم «الرابطة الوطنية للبنادق» نفوذها ومصادرها للتهجّم حتى على «الديمقراطيين» المؤيدين لشراء وحمل السلاح الفردي من أمثال السيناتور السابق عن ولاية أركنساس «مارك بريور». وهذا يعني أن هذه المنظمة ليست مجرد أداة للضغط في أيدي صنّاع الأسلحة الفردية، بل باتت تبدو من خلال سلوكها وكأنها منظمة غارقة في سياساتها العنصرية ونهجها الميّال لتشجيع العنف. وبالرغم من أن البنادق الفردية أصبحت موجودة في كل مكان، خاصة في الولايات الحمراء «معقل الحزب الجمهوري»، إلا أن الولايات الزرقاء «معقل الحزب الديمقراطي» التي تمتد من هاواي حتى كونيكتيكت، تشهد حركة نشيطة في الاتجاه المعاكس. ويمكن القول، إن «الديمقراطيين» باتوا جاهزين الآن لابتداع الحلول الفعالة المتاحة لعلاج المشكلة. وينبغي عليهم أن يبدؤوا حملات الترويج لها على المستوى الوطني من دون تأخير أو اختلاق الأعذار والمعوّقات. ودعنا ننظر إلى ولاية هاواي التي تعمل بموجب قانون محلي يفرض على مشتري الأسلحة أن يمتلك رخصة، كما أن كل البنادق الفردية التي تباع في مخازنها المرخصة يتم تسجيلها بأسماء مشتريها. وبدلاً من التعامل مع البنادق وكأنها ألعاب أطفال، فإنها تتعامل معها بطريقة التعامل مع السيارات، وهي تنبه أصحابها إلى أن استخدامها يتطلب التحلي بدرجة كافية من الشعور بالمسؤولية القانونية والأخلاقية. ولعل من الغريب أن تنظر «الرابطة الوطنية للبنادق» إلى هذه السياسة التي تتبعها هاواي وكأنها نوع من الاستبداد. ولا شك في أن نسبة كبيرة من الأميركيين تؤيد هذه الإجراءات الاحترازية الأولية التي تبنتها هاواي. وفي ولاية كاليفورنيا، يتطلب شراء بندقية إجراء بحث استقصائي من طرف البائع المرخّص حول السلوك الاجتماعي للمشتري. ويمكن لأعضاء العائلة أو السلطات أن يحصلوا على أمر قضائي يسقط بموجبه الحق بامتلاك البنادق على الأشخاص ذوي السلوكيات الخطيرة أو المنحرفة. وفي عام 2016، شرّعت الولاية قوانين عدة لضبط حيازة البنادق ومراقبة استخدامها، وكانت الولاية الأولى التي تفرض إجراء تحرّيات حول الخلفية السلوكية لمشتري الذخائر. *محلل أميركي في السياسات الوطنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©