الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولة كاجان الأوروبية-الآسيوية... وبناء تحالف المتخاذلين

جولة كاجان الأوروبية-الآسيوية... وبناء تحالف المتخاذلين
16 أكتوبر 2007 23:27
لقد قامت مسؤولة رفيعة المستوى من البنتاجون بجولة غامضة ومحيرة -خلال الشهر الحالي- لعدد من الدول الأوروبية والأوروبية الآسيوية المغمورة، في مسعى منها لاستقطاب قوات إضافية محدودة لنشرها في كل من أفغانستان والعراق· وقد شملت الجولة التي قامت بها ''ديبرا كاجان'' -مساعدة وزير الدفاع الأميركي لشؤون التحالف الدولي- كلاً من ''تيرانا'' و''سكوبجي''، وصولاً إلى ''شيزينو'' و''أستانا'' بين عدد من عواصم الدول المعنية الأخرى· يجدر القول إن الزيارة هذه كانت أقرب إلى غزوة جيوسياسية محدودة؛ ففي ''شيزينو'' عاصمة جمهورية مولدوفيا، طالبت ''كاجان'' بزيادة عدد الخبراء العسكريين المشاركين الآن في الحرب على العراق، مع ملاحظة أن لـ''مولدوفيا'' في الوقت الحالي أحد عشر خبيراً من خبراء المتفجرات فحسب؛ أما في العاصمة الألبانية ''تيرانا'' -عدو الأمس وأكثر عواصم شرقي أوروبا حاجة للمساعدات- فقد مارست ''كاجان'' الضغوط على حلفاء بلادها الألبان، بغية إقناعهم بزيادة مشاركتهم الحالية في الحرب على العراق، خاصة وأن القوة المشاركة حالياً لا يزيد عدد أفرادها على 120 جندياً من جنود الطوارئ· وقد أفضت هذه الضغوط إلى تفكير المسؤولين الألبان في زيادة عدد القوات بما يتراوح بين 125 إلى 150 جندياً إضافيين· كما شملت جولة ''كاجان'' كلاً من جمهورية أوكرانيا التي وعدت بتقديم مساعدة عسكرية لواشنطن، وكذلك جمهورية التشيك التي وعدت أيضاً بزيادة قوتها الحالية المؤلفة من 100 جندي، في مقابل وعد واشنطن لها بإمدادها بالمعدات الحربية· ومما لا شك فيه إن ارتفاع عدد كبير من أعلام الدول الصديقة هذه في سماء العراق، بات أمراً ضرورياً للغاية في سبيل البرهنة على مصداقية التحالف الدولي هناك، والدليل أن القوة الأميركية البالغة 168 ألف جندي المنتشرة حالياً في العراق، تعادل حوالي 94 في المائة من إجمالي قوات التحالف الدولي المرابطة الآن، أما بريطانيا التي تعد المشارك الثاني الأكبر من حيث عدد القوات، فيتوقع لها أن تخفض وجودها العسكري بنسبة 50 في المائة، أي إلى 2,500 ألف جندي فحسب بحلول العام المقبل· والحقيقة أن الولايات المتحدة الأميركية تعيش عزلة قل أن تمر بها دولة عظمى مثلها، فإن فكرة قضاء مسؤول رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأميركية في جولة يائسة في عدد من الدول المستضعفة التي تعاني مشكلاتها وضغوطها المالية الخاصة، من أجل المشاركة بكتيبة أو كتيبتين عسكريتين في الحرب الدائرة على الإرهاب، يبدو غريباً ولا طائل يذكر منه· وإذا كان بوش قد أمضى ولايته الأولى كلها في الهيمنة على أصدقائه وفي التباهي الزائف بدعوته لـ''تحالف الراغبين'' بدلاً من إقامة التحالفات الراسخة على دعائم قيم التعاون الدولي الحق، فإن هذه الأخطاء الكارثية لم تصححها دبلوماسية ''إعادة الإعمار'' التي انتهجها خلال فترة ولايته الثانية هذه، ما يعني أن الجراح لم تبرأ أو تندمل بعد· ومن ناحيتي فلست ممن يعرفون ''كاجان'' ولا أتوقع منها أن تتحدث إليّ عن جولتها هذه، غير أن سمعتها العسكرية تشير إلى قربها أكثر من نهج ''رامسفيلد''، قياساً إلى المسافة الكبيرة الفاصلة بينها ووزير الدفاع الحالي ''روبرت جيتس''، وكان اجتماع عسكري سياسي لحلف الناتو عقد خلال الفترة 19-20 سبتمبر الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل، قد أثار مخاوف كبيرة إزاء زيارتها المرتقبة وقتئذ· وقد بعث إليّ أحد مسؤولي الناتو الذين حضروا ذلك الاجتماع من المقيمين في أوروبا برسالة إلكترونية أطلعني خلالها بالجهود التي يبذلها الدبلوماسيون الأميركيون في سبيل التقليل من حجــم الدمــار الدبلوماسي الذي ستخلفه الجولة هذه بكل تأكيد، وقد وصفت تلك الرسالة ''كاجان'' بأنها أكثر قرباً من نهج ''جون بولتون'' في تعامله الفظ مع حلفاء أميركا ''الصغار المستضعفين'' الذي لا يكرس لشيء سوى الهيمنة عليهم· أمــــا مـــن جانبــه فتصـــــف البنتاجــــون - الموقـــع الإلكتروني- مسؤولتها ''كاجان'' باعتبارها لاعباً على قدر كبير من الأهمية والفعالية في مجال تأمين حقوق الإنسان والدفاع عنها في منطقة آسيا الوسطى، إلى جانب تثمين دورها في الحرب على الإرهاب، لا سيما في بناء التحالفات العسكرية مع الدول الصديقة والحليفة لأميركا، ويذكر الموقع أن المنتقدين أنفسهم يشهدون لها بقدرتها على التوصل إلى نتائج إيجابية، لكن وعلى رغم هذه الإشادة الرسمية بها، إلا أن مشاعر قلق شبيهة بتلك التي تم التعبير عنها في الاجتماع المعقود في بروكسل -على نحو ما أشير إليه آنفاً- عمّت اجتماعاً آخر عقد في واشنطن في الحادي عشر من سبتمبر المنصرم، وضم ستة من الأعضاء البرلمانيين الزوار، أي قبل أسبوع واحد فحسب من اجتماع بروكسل· وكان قد جرى إطلاع النواب البرلمانيين البريطانيين بمصاعب المحادثات مع طهران، إلى جانب ما أبدته واشنطن من قلـــق إزاء الانسحـــاب المحتمل للجنود البريطانيين من جنوبي العراق، باعتبار أن الجهة الوحيدة المستفيدة منه هي طهران· هذا وتشير المعلومات المتسربة عن زيارة ''كاجان'' المذكورة، إلى أن لها صلة بمخاطر الانسحاب البريطاني المحتمــــل من جنوبي العراق· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©