الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غابة «بُرَعْ» اليمنية ثروة تنتظر إنصاف وطن ونظرة سائح

غابة «بُرَعْ» اليمنية ثروة تنتظر إنصاف وطن ونظرة سائح
24 ابريل 2009 02:19
من يحلم أن يتجول في أدغال الغابات ولا يخرج عن نطاق شبه الجزيرة العربية، يمكنه تحقيق ذلك الحلم بزيارة غابة «بُرع» المحمية الطبيعية، فهي لوحة سندسية خضراء بديعة التكوين مازالت بكراً كما أبدعتها يد الخالق. قال عنها الشعراء والكتاب الكثير فأينما يسرح البصرتقع العين على أشجار زاهية ونباتات خضراء تتهادى أوراقها مع خرير المياه المنحدرة من أعلى قمم الجبال على مدار العام، لتعزف أجمل سيمفونية موسيقية من لحن الطبيعة الخلابة، تذهب بخيال المرء بعيداً خارج حدود الزمان والمكان، فينتعش الذهن وصاحبه يستنشق هواءً صافياً عليلاً منزهاً من ملوثات العصر، ويستمتع النظر بمرأى الفراشات مختلفة الأحجام والألوان وهي ترفرف فوق الأزهار، فتختلط زقزقة العصافير النادرة بأصوات الحيوانات الجبلية خاصة القرود المتوارية خلف الأشجار الكثيفة المتناثرة في سفوح الجبال وحتى قممها الشاهقة. تكشف التقارير المتخصصة «ان طبيعة المحمية ماتزال مصانة ولم تمتد إليها يد التدمير أو العبث مما يستهوى الزائرين لها وذلك للتمتع بالمشاهد الرائعة التي تأخذ العيون وتأسر الألباب بما تحويه من مخزون طبيعي ومناظر خلابة تتنوع كلما تم التوغل داخل غاباتها عبر المسارات المحددة بين الجبال وبين الأشجار، مع استنشاق نسمات الهواء المنعشة». إلى ذلك تقع الغابة- المحمية، في مديرية «برع» بمحافظة الحديدة عند أطراف المرتفعات الغربية لليمن على سفوح الجبال التهامية ويمكن الوصول إليها بسهولة عبر طريق مرصوف بالإسفلت يمتد من «المنصورية» إلى «السخنة» إلى المحمية، أو عن طريق آخر يصل المحمية ببلدة القطيع الواقعة على طريق(صنعاء- الحديدة). تعد الغابة من بقايا الغابات الاستوائية بحسب مصادر حماية البيئة «تتمثل أهمية المحمية في كونها من بقايا الغابات الاستوائية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية المغطاة بنباتات الإقليم السوداني وبعض نباتات الإقليم الصحراوي، إذ تنمو فيها (315) نوعاً من نباتات تتبع (83) فصيلة و(209) أجناس، وتقدر بحوالي (10%) من النباتات الموجودة في اليمن منها (63) نوعا نادرا». وتضيف المصادر ذاتها «يوجد في المحمية (9) أنواع من الثديات البرية، 4 منها أفريقية الأصل وتشمل قرود البابون التي يقدر عددها بأكثر من 150 قردا ونوعين من الخفافيش بينهما الخفاش آكل الفاكهة، والنمس الأبيض الذيل، والدعلج الهندي. كما تم تسجيل 8 أنواع نباتية متوطنة أهمها(شواب، والقطف، والبياض، والضبع المخطط، والوشق، وكذلك حوالى (13) نوعا من الزواحف منها سلحفاة المياه العذبة، والسحلية المتوطنة بالجزيرة العربية وهي أكثر السحالي تواجد على الصخور، و»الورل» اليمني، و»الكوبرا» العربية، والحية النافخة، وتوجد (5) أنواع من البرمائيات كالضفادع، وأسماك المياة العذبة». وتشير تلك المصادر إلى «ان الغابة تأتي ضمن (57) موقعا حددته المنطقة الدولية لحماية الطيور في اليمن، حيث يوجد فيها المنطقة وعلى مدار السنة (93) نوعا من الطيور معظمها مقيم، وأكثر الطيور المحيطة داخل المحمية (أبو معول الرمادي، وطائر الذباب، والثرثار العزي). فيما تتكاثر في المنطقة العديد من الطيور الزائرة صيفا منها طائر «الكوكو المتطفل» و «الحمامة الخضراء» وكذلك «ملك العقاب». تعتبر غابة برع من وجهة النظر العلمية والقيمة الوراثية للتنوع الحيوي ثروة وتراث وطني يجب الحفاظ عليه كونها تلعب دورا في الأبحاث البيولوجية والجيولوجية. وانطلاقاً من وصف بعض العلماء المختصين في علم النبات «إن الغابة تشكل أهمية بيولوجية وذلك لاعتبارها -تقريباً- من آخر ماتبقى من الغابات ذات الكثافة المتشابكة التي كانت في شبة الجزيرة العربية، وتعتبر رمزا وطنيا لليمن السعيدة ومركزا لاطلاع الأجيال القادمة لما كانت عليه البيئة اليمنية قبل مئات السنين. كما تعتبر مدخرا وراثيا للتنوع البيولوجي لما بها من أنواع نباتية وحيوانية معظمها مستوطن ونادر». يمتد عند المدخل الجنوبي للغابة جسر طبيعي من صنع الخالق هو صخرة طويلة ملساء محشورة بين جبلين سامقين تربط بينهما كأضخم الجسور، تتدلى من جوانب تلك الصخرة الواقعة على ارتفاع نحو ستة أمتار من أسفل الجبل، أشجار متسلقة ليكتمل بها جمال اللوحة الإلهية. ويجمع المختصون في دراسة الأحياء في اليمن، على تميز التنوع الحيوي الفريد في الغابة، الذي جعل منها متحفا للتاريخ الطبيعي، فإلى جانب تواجد شجرة البرطم بشكل يشد الانتباه، فإن الغابة تحتضن عدداً من الأشجار والنباتات النادرة أهمها: (العرفط، وخرمش، وكمب، بوياض طنب، ومداخ، وأذخر، وضبر، وبزاغ، و عتم). أما مصادر إدارة المحميات البرية والساحلية التابع للهيئة العامة لحماية البيئة، فتقول: خلال زيارته للغابة قال محمد عبد القوي البرعي- أحد مرتاديها: «أصبحت الغابة منتجعاً سياحياً ومزاراً يقصده المئات من الزوار المحليين والعرب والأجانب أفراداً وعائلات من كافة محافظات اليمن، حيث يصل عدد السيارات الداخلة يومياً إلى المحمية وخاصة يومي الخميس والجمعة من 70 إلى 100 سيارة، فضلا عن العديد من السياح الأجانب والعرب الذين يصلون من دول الخليج والوطن العربي». ويضيف البرعي: «إنه على الرغم من الاهتمام المتواضع الذي حظيت به المحمية من قبل السلطات المحلية في المحافظة من خلال منع الرعي والتحطيب في المحمية وشق طريق في وسطها، إلا أن هذا الاهتمام لم يرتق إلى مستوى أهمية هذه المحمية الرائعة من حيث الرقابة، فالتحطيب لا زال مستمراً والرعي كذلك، فعند زيارتي لهذه المحمية شاهدت العديد من المخاطر التي تحيق بالغابة، منها الرعي الجائر والتحطيب حيث تعتلي النساء وأطفالهن الأشجار للقيام بعملية التحطيب وسط غياب الرقابة». وتعتبر الغابة- المحمية، من أكبر المساحات المتميزة بغطاء نباتي كثيف في المناطق الغربية لليمن، وقد تم إجراء العديد من الدراسات على التنوع النباتي والحيواني فيها، أوضحت جميعها أن الغابة تحتوي على قيم عالية للتنوع الحيوي وأن منها أنواعا مستوطنة وأنواعا مهددة، كما أن حشرات وخفافيش برع لم تدرس دراسة تفصيلية. فيما تشكل الغابة بما فيها من تنوع حيوي وفير دورا أساسيا كمركز تطويري للتنوع الحيوي على مستوى جميع المناطق الجبلية في اليمن. وتزداد خصوصية هذه المنطقة من خلال تألقها بالقرى الجبلية والتهامية العديدة التي تحيطها، فهي بين نوعين مختلفين من المجتمع، كل منهما يستفيد من الغابة، إلا أن التهاميين أكثر استفادة من أخشاب الأشجار ومن موارد الرعي بالغابة وهناك صرخات تطالب الحفاظ عليها كثروة وطنية وجعلها فقط مقصدا للسياح
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©