الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن الصلاح.. «العمدة في توثيق المصادر وتحقيق النصوص»

24 ابريل 2009 02:18
برز ابن الصلاح في علوم التفسير والحديث والفقه، واحتل مكانة علمية مرموقة بين علماء عصره وتميز في الفقه الشافعي وجمع بين طريقي المذهبين «الخراساني والعراقي» وروى في الحديث أمهات الكتب عن كبار مشايخه، وشهد له علماء عصره بغزارة العلم، وعمق النظر، وسعة الاطلاع، وتعد مقدمته «العمدة في توثيق المصادر وتحقيق النصوص» من أشهر مؤلفاته. ولد تقي الدين عثمان بن الصلاح عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي النصر في سنة 577 هجريا ببلدة شرخان قرب «شهرزور» التابعة لأربيل بالعراق، واشتهر بلقب أبيه الصلاح عبد الرحمن، فصار لا يعرف إلا به، وهو أحد الفضلاء المقدمين في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال. وكان والده عالما، فقيها، مفتيا من مشاهير شيوخ الكرد، وشيخ شهرزور في وقته، وتولى التدريس بالمدرسة الأسدية بحلب. ونشأ ابن الصلاح في جو علمي فأولاه والده عنايته، وتعهده بحفظ القرآن وتجويده وتلقى على يديه علومه الأولى في الفقه والحديث، وعندما ظهرت نجابة ابن الصلاح أرسله والده إلى الموصل، فسمع الحديث من ابن السمين أبي جعفر عبيد الله بن أحمد الوراق، وقرأ عليه كتاب «المهذب «لأبي إسحاق الشيرازي في فقه الشافعي، وتتلمذ على عدد من شيوخ الموصل ليسمع الحديث ومنهم نصر الله بن سلامة الهيتي المقرئ، وعبد المحسن بن عبد الله المعروف بـ «ابن الطوسي «ولازم شيخه عماد الدين أبا حامد محمد بن يونس الإربلي الموصلي، إمام عصره في المذهب الشافعي والأصول. وارتحل في طلب العلم إلى همذان ونيسابور ومرو وبغداد ودمشق يسمع من أعلامها الحديث ويروي عنهم. وعمل مدرسا بالمدرسة الصلاحية نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي بالقدس، فذاع صيته وأقبل الناس عليه لما اشتهر به من علم وتقوى. وانتقل ابن الصلاح إلى دمشق، وتولى التدريس في المدرسة «الرواحية»التي أنشأها الزكي أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن رواحة الحموي، ولما بنى الملك الأشرف ابن الملك العادل بن أيوب دار الحديث الأشرفية بدمشق تولى ابن الصلاح التدريس بها، وعقد مجلسه لعلم الحديث، وتولى التدريس في مدرسة «ست الشام» التي أنشأتها زمرد خاتون بنت أيوب شقيقة صلاح الدين. وقال تلميذه القاضي ابن خلكان عنه: «كان غزير العلم وقوي الدين وأحد فضلاء عصره في التفسير، والحديث، والفقه وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث ونقل اللغة، وكانت له مشاركة في فنون عديدة، وكانت فتاواه مسددة، وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم». وقال تلميذه الفقيه الحنبلي صفي الدين أبو الصفاء المراغي: «الشيخ الإمام الفقيه الحافظ ذو الفضائل أحد الأئمة المشهورين، والعلماء العاملين، والحفاظ المذكورين، جمع بين علوم متعددة علم الفقه، وعلم أصوله، وعلم الحديث، وعلم العربية، مع ما أوتي من التحري والإتقان والتحقيق»• وقال تاج الدين السبكي: «رب الفوائد والفرائد، ومجمع الغرائب والنوادر، أحد أئمة المسلمين علما ودينا، وكان إماما كبيرا فقيها محدثا، زاهدا ورعا، مفيدا معلما»• وقال الحافظ شمس الدين الذهبي: «كان ذا جلالة عظيمة، ووقار وهيبة، وفصاحة وعلم نافع، وكان متين الديانة»• وقال ابن كثير: «كان يكره طرائق الفلاسفة، ويغض منها، ولا يمكن من قراءتها بالبلد، والملوك تطيعه في ذلك، وله فتاوى سديدة وآراء رشيدة، ما عدا فتياه في استحباب صلاة الرغائب»• وتتلمذ عليه كثيرون منهم، ابن خلكان، وفخر الدين عمر بن يحيى الكرجي، وزين الدين الفارقي، والكمال بن حسن بن عمر بن سعيد الإربلي، وأبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، والضياء صالح بن إبراهيم، وتقي الدين المعروف بابن رزين، وعبد الله بن مروان الفارقي، ومحمد بن محمد بن عبد الله الكتامي التلمساني وغيرهم• وحظي -رحمه الله- بحظ وافر في علوم شتى، ويظهر ذلك من مؤلفاته المتعددة ومنها «المقدمة في علوم الحديث» و «شرح صحيح مسلم» و«الأمالي» و «النكت على المهذب لأبي إسحاق الشيرازي» و«شرح مشكل الوسيط لأبي حامد الغزالي» و «صلة الناسك في صفة المناسك» و«الفتاوى» و«أدب المفتي والمستفتي»، و«طبقات فقهاء الشافعية»، و«المنتخب من كتاب المذهب في ذكر شيوخ المذهب للمطوعي» و«حلية الإمام الشافعي» و«الرحلة الشرقية»• ويعد كتابه المعروف «مقدمة ابن الصلاح»عمدة في المنهج النقلي لتوثيق المصادر وتحقيق النصوص في مجال الدراسات الإسلامية. وتوفي ابن الصلاح -رحمه الله- سنة 643 هجريا في دمشق وذكرت بعض المصادر أن قبر ابن الصلاح قائم إلى الآن داخل مبنى كلية طب الأسنان خلف مشفى التوليد، بجوار قبري الإمامين ابن تيمية وابن كثير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©