الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قص ولصق يكرر الأخطاء القديمة

قص ولصق يكرر الأخطاء القديمة
15 أكتوبر 2007 04:02
تتلخص ثيمة فيلم '' قص ولصق '' للمخرجة والمؤلفة هالة خليل كالكثير من الأفلام المصرية بمعالجة هموم الشباب المصري المعيشية واليومية والتشويش الحاصل جراء تفاقم هذه المشاكل الذي يقود إلى قطيعة بين الأجيال الجديدة ويرسم مستقبلا غامضا لا يمكن التكهن بنتائجه · ثمة مشكلتين في المعالجة الإخراجية وكتابة السيناريو ساهمتا في إضعاف الفيلم · المشكلة الأولى تجلت في الكلائش الكثيرة والأغاني التي قضت على الإيحاء الذي كان يمكن إن تقوم به الكاميرا والإنارة · إما المشكلة الثانية فهي خلل في السيناريو ، فالمؤلفة تقدم لنا أشخاصا مأزومين يعيشون صراعا مريرا من اجل لقمة العيش وبناء المستقبل في ظروف معقدة كليا ، ولكنهم بدوا في الفيلم جميعا أقوياء ويتمتعون بهدوء غريب ورجاحة عقل نادرة بحيث كانوا كما لو أنهم يعيشون في مجتمع غير عربي أو شرق أوسطي · مجتمع مثالي مفترض لا نقع على مثال له حتى في البلدان المتقدمة · فيوسف مثلا '' الفنان شريف منير '' الشاب الذي تخرج في الجامعة ولا يكاد يجد عملا طيلة الوقت يتعامل مع الآخرين بمنتهى العقلانية والهدوء حتى وهو يعرف انه ينبغي عليه مغادرة الشقة التي يتقاسمها مع شقيقه المقبل على الزواج · المفارقة الأخرى مع الشاب سامي الذي يجاهد من اجل الحصول على عمل أيضا ·· نراه أحيانا يشارك صديقا له في محاولة لسرقة احد البيوت في بداية الفيلم ولكنه يتحول إلى منظٌر سياسي حينما يدلي برأيه حول المتغيرات الاقتصادية أو السياسية دون أن تطرأ على شخصيته أية تغييرات · وبرغم إن الفيلم مكون من كادر قليل فإن الشخصيات بدت متشابهة وعديمة الخصوصية · لقد كان الزمن ثابتا في الفيلم ولم تستطع الكاميرا أن تلتقط ذلك الخيط النحيف من الضوء الذي تراكمت عليه الألوان المعتمة ، فقد بدا كما لو أن الفيلم صٌور في الليل فقط · ولولا تغير المشاهد في الأماكن المفتوحة مثل مشهد سقوط الصحن اللاقط في النيل لما تسنى لنا أن نشعر بحركة الزمن · وإذا كانت المخرجة تريد أن تظهر لنا الوجه الكالح للأوضاع في مصر من خلال هذا اللون المعتم ، فقد كان بإمكانها إن تستخدم إمكانات التصوير في إبراز هذا الوجه الكالح عن طريق الظل والضوء واللون معا بدل من أن تكتفي بهذه التقنية ذات البعد الواحد · في مشهد القبض على النصاب الذي باع العصفورة إلى جميلة '' الفنانة حنان الترك '' نشاهد الشرطة وبعض المدنيين ينهالون بالضرب على النصاب بطريقة تدعو إلى الضحك بدل أن تثير في نفوس المشاهدين حالة من التعاطف · ويستمر المشهد أكثر من دقيقة ونصف الدقيقة دون طائل ، حيث بدا واضحا للجميع كيف نفذ الشرطة - الكومبارس عملية الضرب الكاذبة · نحن نعرف حجم العنف الذي تمارسه بعض السلطات العربية في الشوارع أو السجون إزاء المواطنين ، ولكن تنفيذ هذه المشاهد بهذا السوء يجعل من الصعب جدا على المشاهد العربي أو الأجنبي أن يصدق مثل هذه المشاهد · هناك مشاهد أخرى يصعب على السينما العربية أن تنفذها بشكل معقول هي المشاهد الحميمة التي تبدو اكبر عائق أمام المخرجين العرب · وفي قص ولصق أيضا بدا المشهد الأخير الذي اختتم به الفيلم سرياليا ويثير العجب بدل الإثارة · على اية حال الفيلم نجا بفضل الممثلين النجوم والوجهين الجديدين كذلك مروى مهران وفتحي عبد الوهاب الذين كان أداؤهم تلقائيا إلى درجة كبيرة خلص جوهر القصة من الملل وأضفى على إيقاع الفيلم طابعا متناميا · كما ساهمت المفارقات التي وقعت في وسط الفيلم بين يوسف وجميلة إلى شد المشاهد من جديد عن طريق بناء المشهد وهدمه أكثر من مرة · كما ساهمت القفشات التي توزعت بين المشاهد من تخليص الفيلم من التراجيديا · هذه التقنيات الثلاث ، الأداء التلقائي والمفارقات وبناء المشاهد وهدمها أكثر من مرة هي التي ساهمت بشكل أساسي في إنجاح هذا الفيلم وهو ما يحسب للمخرجة هالة خليل في تجربتها الثانية دون أن ننسى طبعا ظلال المخرج الكبير يوسف شاهين على هذه التجربة الناجحة ·
المصدر: لاهاي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©