الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروسيات... تحول أيديولوجي وتداعيات ثقافية

الروسيات... تحول أيديولوجي وتداعيات ثقافية
15 أكتوبر 2007 03:59
الروسيات فراشات فقط في فرقة ''البولشوي''، في أي مكان آخر، عليها أن تمارس كل الأعمال المرهقة أو الخشنة ''حتى تبقى جزءاً من التاريخ''· ولكن ما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها؟! لقد بدأ الوضع المعيشي يتحسّن، وتحسنت معه المرأة السريعة التكيّف، لقد دخلت اللمسات الغربية بقوّة؛ في الأزياء ومستحضرات التجميل وحتى الأفكار الروسية تريد أن تكون صارخة· لا تتصوّروا أن المرأة الروسية كانت تعيش في كوكب آخر· الأزياء كانت كئيبة، أو منهكة! هذا صحيح، لكن هناك دوماً فرصة لصناعة الأمل، مع أن إحداهن صرخت في وجه مسؤول الحزب الشيوعي في إحدى ضواحي موسكو: ''نقول لكم إننا نريد أحمر الشفاه، فتقولون لنا إنكم تصنعون راجمات الصواريخ''· الطريف أن تتصدّى الباحثة في الشؤون السوفييتية ''هيلين كارير دانكوس'' لموضوع المرأة آنذاك، لتلاحظ أن التقشف يصنع امرأة رائعة، هذا في روسيا؛ أما في أميركا فالمسألة تختلف· تقول ''دانكوس'': ''لا مشكلة لديّ، فالمرأة هنا أن تأكل بقرة''، لتستعيد ما قاله عالِم الاجتماع ''ريتشارد فوجيل''، من أن بدانة المرأة في الولايات المتحدة هي مسألة ''ايديولوجية''، فالرأسمالية تصنع بالمرأة هكذا، أما الشيوعية فبالكاد تترك للمرأة عظامها التي غالباً ما تكون من الزجاج·· ذات يوم، كانت هوليوود هي المعيار، هناك أجمل جميلات الدنيا، ولا ريب أن الذي كان يمشي على أرصفة موسكو أو ''بطرسبرج'' كان يجد نساء أكثر سحراً، لكن الشاشة هي التي تصل إلى الملايين· السينما الروسية وُصِفَت بالخشبية، فالشاشة يفترض أن ترتبط بهموم الناس: ''إذاً أن تضع المرأة أمامك طبقاً من السمك فهذا أفضل بكثير من أن تتغزل بأصابعها''· هذا أثار غضب ''ماياكوفسكي''، وهو الشاعر الرقيق، ذات يوم انتفض في وجه أستاذ جامعي كان يحض على ''توظيف بنّاء للأحاسيس''، متسائلاً: ''هل يعني هذا أن نرمي قلوبنا للقطط؟''· روسيات رحن يكتبن قصصاً قصيرة عن تجربتهن؛ بطريقة أو بأخرى كانت تصل بعض الأفلام الأميركية وتشاهَد، إحدى القاصات وتدعى ''كاميليا''، تمنت لو تضع رجلاً على رجل في أحد مقاهي الأرصفة وتدخن سيجارة مارلبورو كما فعلت ''شارون ستون'' في أحد أفلامها· ''كاميليا'' استغربت كيف أن القادة الشيوعيين لم يبنوا ''هوليوود حمراء''، ففي روسيا الكثير من الجمال، ورغم ذلك لم تنتج روسيا نساء مثل ''مارلين مونرو'' أو ''كيم نوفاك''· فجأة خرجت المرأة الروسية من حال إلى حال· كيف تصبح المرأة الشرقية غربية بين ليلة وضحاها، الفرنسي ''بيار بورديو''، عالِم الاجتماع الشهير، تحدث عن ديناميات التكيّف لدى النساء· هذه ميزة بيولوجية ولها تداعياتها الثقافية·· تقول ''سفتلانا فيانسكي'' إنه كانت توجد في الاتحاد السوفييتي ''سيدات البلاط''، وهنّ زوجات أو عشيقات القادة، اللواتي كانت تصلهن الأزياء الباريسية، وكل مستحضرات التجميل· لا مشكلة، ولكن كان هناك مَن ''يلعب'' في السوق السوداء· الأسعار كانت باهظة، وهذا لا يعني عدم وجود مَن يشتري·· صحيح ان اللواتي يتمتعن بذلك الامتياز كنّ قليلات، لكن الصحيح أيضاً انّ الوصول إلى بعض المستحضرات لم يكن مستحيلاً· وفي المقابل تعتبر روسيا الآن من الزبائن الكبار لمستحضرات التجميل الفرنسية أو السويسرية، والثريات يقصدن أوروبا الغربية، خصوصاً وأن الكثيرات بدأن يعانين من ارتفاع في الوزن سببه حالة الرفاه التي ''ضربت'' بعض الفئات· أما عروض الأزياء أصبحت الآن في موسكو، ومن أدخل هذا ''الفن'' كانت ''تتيانا'' ابنة الرئيس الراحل ''بوريس يلتسين''، ولكنها لم تنجح، رغم إصرار المصممين أن يثبتوا كفاءتهم؛ صحيح أن لا أمل لهذه الأزياء أن تغزوا حتى ''تركمانستان''، ولكن نشأت سوق خاصة بالأزياء· لم يعد هناك من فارق يذكر بين النساء في ''لوس انجلوس'' والنساء في ''بطرسبرج''؛ السيارات الفاخرة في الشوارع الروسية، وسيدات وراء المقود· إذاً، الرأسمالية ليست حبل المشنقة كما قال السيد ''فلاديمير ايليتش لينين''، بل هي حبل من حرير· هل هذا صحيح فعلاً؟ حدث انقلاب في الحياة، وفي طريقة الحياة؛ عالِمة ذرة اضطرت أن تعمل أمينة صندوق في مطعم، وأستاذة جامعية في التاريخ تقود سيارة تاكسي، وابنة وزير سابق -من الحقبة الشيوعية- احترفت الرقص محتفظة باسم أبيها وبالوشم (التاتو) الذي يمثل المطرقة والمنجل· شيء من الفانتازيا في هذا السلوك، فهي لا تفهم من الشيوعية إلا كونها جعلت من روسيا قوّة كونيّة· هذا كلام يحتاج إلى التفسير· لا تتردد في القول ''إن الشيء الذي فعلته بنا الرأسمالية أنها حوّلتنا إلى راقصات''· الروسيات يعتبرن أنفسهن في مرحلة انتقالية، ولا بد من التفاعل مع الثقافات الأخرى، وإن من خلال معادلة غير متكافئة· الشاشة تصنع هذا وفي كل مكان· حتى الأفلام الهندية التي كانت تصنع وهي تذرف الدموع باتت الآن صارخة، صارخة· دون تردد تقول لك المرأة الروسية: ''أريد أن أكون صارخة''، هكذا تصبح أقرب إلى خيال الرجل، حتى ولو كان هذا تمثالاً من الثلج!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©