السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اتفاق الحكيم والصدر·· استراحة محاربين أم تقاسم نفوذ ؟

14 أكتوبر 2007 01:30
يصعب حتى الآن هضم الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين زعيمي التيار الصدري مقتدى الصدر وبين زعيم المجلس الأعلى الاسلامي عبدالعزيز الحكيم نظرا لتباعد الشقة وتجذر الخلاف بين الطرفين لأسباب سياسية وأخرى عقائدية وثالثة تتصل بطبيعة النفوذ وتناميه لكلا الفريقين في الوسط الشيعي· وبينما تنشغل الأوساط السياسية العراقية الآن بمباركة هذا الاتفاق وهي مباركات تخطت حدود العراق لتشمل الجامعة العربية التي اعتبرته مرحلة مهمة من مراحل وقف العنف ومايسفر عنه من دماء في صفوف الأبرياء، فإن القراءة التحليلية لآفاق هذا الاتفاق وفرص نجاحه تعتبر ضرورية· وبالنظر لما يجري في العراق من خلافات واختلافات سواء بين القوى والأحزاب من كيانات مختلفة أو داخل الكتل والكيانات، فإن أي اتفاق أو معاهدة أو وثيقة لم يعد يحمل فرص النجاح الكافية له التي تضمن بقاءه صامدا خارج اطار الاحتفال وبرقيات التهاني والمؤتمرات الصحفية· فخلال السنوات الأربع الماضية كان المشهد العراقي حافلا بالمزيد من الاتفاقات والمواثيق والعهود التي جرى التوقيع على قسم منها داخل العراق، بينما جرى التوقيع على قسم آخر في الخارج سواء في القاهرة أو عمان او مكة او واشنطن· ويضاف هذا السجل الحافل بتوقيع المواثيق والعهود والاتفاقات، الى سفر آخر يضاهيه إن لم يتفوق عليه أيام المعارضة العراقية في الخارج قبل إسقاط نظام صدام· ففي كل محطة من محطات قطار المعارضة العراقية، كان هناك مزيد من الحبر يسكب على الكثير من الورق اللماع· ولعل أدهى ما في الأمر ان الاتفاقات السابقة تحولت ما بعد سقوط النظام وماتلاها من مساع للهيمنة على السلطة الى عبء لكل القوى التي وقعت تلك الاتفاقات ومنها المجلس الأعلى للثورة الاسلامية قبل ان يسقط قبل حوالي سنة مفردة ثورة من قاموسه ليصبح مجلسا إسلاميا أعلى· غير ان التيار الصدري لم يكن له نصيب من أي اتفاق أو معاهدات أو مواثيق قبل السقوط لأنه من تيارات الداخل التي برزت كقوى سياسية مؤثرة في الشارع عقب سقوط بغداد· ويبدو أن كل القوى السياسية والاسلامية العراقية التي حاولت تقاسم الكعكة في الخارج قبل الهبوط في أرض الوطن ''المحرر''، لم تأخذ بعين الحسبان لقوى الداخل ومنها التيار الصدري· وبالفعل فإنه طوال السنوات الماضية كان الصراع على أشده بين الصدريين وبين البدريين وهم الجناح العسكري المؤثر للمجلس الأعلى بزعامة الحكيم· وبينما لم يتمكن احد من حسم الصراع لصالحه في بيئة دينية ملتبسة طائفيا ومذهبيا وموزعة على عدة مراجع وحوزات، فإن ماحصل في كربلاء مؤخرا وقبلها في منطقة الزركة بالنجف أكد ان مستقبل الصراع بين الطرفين يمكن ان يأخذ اشكالا وصيغا شتى، فضلا عن امكانية اسغلاله من قبل جهات أخرى في الداخل والخارج· وبحساب معايير الربح والخسارة فإن التيار الصدري خسر معركة كربلاء التي كسبها جزئيا المجلس الأعلى الاسلامي· غير ان أهداف المجلس الأعلى تتخطى أهداف وتطلعات الصدريين· فالمجلس الأعلى يريد بناء اقليم الجنوب وبالتالي تزعم الشيعة مؤسساتيا، بينما لايزال التيار الصدري ينظر الى ما يجري نظرة فيها قدر كبير من الرومانسية الثورية ومنها مثلا محاربة الاحتلال واخراجه من البلد وبالتالي تأجيل كل الاستحقاقات ومنها الفدرالية الى ما بعد التحرير· لذلك فإن المجلس الأعلى لم يكن ليرد حتى على حرق مقراته من قبل الصدريين لأنه يعرف أن سكوته يعني حرق الصدريين في الشارع الشيعي مع هذه البنايات التي يمكن بناؤها بسهولة· من هنا فإن الاتفاق الجديد بين الطرفين لايعدو أن يكون مسعى من الصدريين لاستعادة توازنهم في الشارع الشيعي بعد أن تلبست برؤوسهم أحداث كربلاء الدامية، بينما هي مسعى من تيار الحكيم للتفكير بهدوء في الآتي من المهام، خاصة أنهم يأملون أن الاتفاق المذكور يمكن ان يعمر حتى انتخابات المجالس المحلية للمحافظات· عند ذلك فإن حبر الاتفاق يجف ويذهب الى متاحف شمع الاتفاقات والمواثيق العراقية التي جرى التوقيع عليها بين الجميع ولم يلتزم بها الجميع·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©