الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باراجواي... على خطى جيرانها

باراجواي... على خطى جيرانها
13 أكتوبر 2007 00:22
''التغيير أو الموت''··· هذا هو الشعار الذي يتبناه ''فيرناندو لوجو'' في حملته الانتخابية، والساعي من ورائها إلى تقلد منصب الرئيس المقبل في باراجواي· فالزعيم المفوه والشعبوي الذي يوجه خطابه إلى الفقراء، ينذر بالتحول إلى سياسي آخر معاد للديمقراطية على شاكلة الرئيس ''هوجو شافيز'' في فنزويلا· يخشى المراقبون من أن يشكل ترشح ''لوجو'' تهديداً للمسيرة الديمقراطية التي قطعتها البلاد على مدى 18 عاماً· فصعود زعيم شعبوي هو آخر ما تحتاج إليه أميركا اللاتينية في هذه الفترة، لاسيما وأن التقدم الديمقراطي في باراجواي تلقى مسبقاً ضربات من الحكومة الحالية· فقد حاول الرئيس ''نيكانو دوارتي فروتوس''، الذي ستنتهي ولايته بحلول شهر أغسطس المقبل -من دون أن ينجح إلى حد الآن- في تعديل الدستور ليتمكن من الترشح لولاية أخرى· وفي الوقت الذي تفقد فيه حملته للبقاء في السلطة زخمها وحظوظها في النجاح، أصبحت أساليب حكومته أكثر صرامة وميلا إلى المواجهة في منطقة اشتهرت بالسياسات الشعبوية· كان الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي -الجمعية الوطنية الجمهورية، والمعروف باسم ''حزب كولورادو''-، قد انقسم إلى ثلاثة فصائل دون أدنى فرصة للمصالحة؛ ويعني ذلك أن المعارضة بقيادة ''لوجو'' مهيأة الآن لتقلد السلطة، وهو سيناريو أسوأ من الوضع الحالي رغم كل عيوبه· و''لوجو''، الراهب السابق الذي أصبح أسقفا في كنيسة ''سان بيدرو''، معروف بانخراطه في السياسة ودفاعه عن أيديولوجية مثيرة للجدل، لكنها اشتهرت في السبعينيات والثمانينيات باسم عقيدة التحرير، وهو ما أكسب ''لوجو'' لقب ''الأسقف الأحمر''· ومع أن الكنيسة الكاثوليكية أعفت ''لوجو'' من مهامه اللاهوتية عندما أعلن ترشيحه للرئاسة، إلا أن ذلك لم يمنعه من المضي قدماً· ويبدو أن العكس تماماً هو ما حصل، حيث أدت تنحيته من منصبه الكنسي إلى تعزيز مواقفه المناهضة للديمقراطية التي تجعله أقرب في آرائه إلى الزعيم الفنزويلي ''شافيز'' والرئيس البوليفي ''إيفو موراليس''· ففي لوحة إعلانية علقت بأحد شوارع العاصمة خط شعار ''التغيير أو الموت''، إذ يتباهى مناصرو ''لوجو'' أنه ليس ''عبدا للقانون''، وهو ما ينذر بتراجع سيادة القانون؛ ويبدو أن المعارضة تواجه معضلة حقيقية، فهي إن ساندت ''لوجو'' قد تفوز في الانتخابات الرئاسية، لكنها ستكون أمام سياسي ديماغوجي لا يقيم وزنا للقانون وقد يغرق البلد في الفوضى· أما إذا دخلت الانتخابات منقسمة على نفسها وبأكثر من مرشح واحد ستكون حظوظها لدخول السلطة ضعيفة جداً، بل الأسوأ من ذلك أن ''لوجو'' قد يمضي قدماً ليصبح ديكتاتورا آخر مثل ''شافيز''· وبرغم الحذر الذي تبديه الطبقة السياسية من المرشح الشعبوي، إلا أن ''لوجو'' يمتلك شعبية واسعة في أوساط الفقراء الذين ينجذبون إلى خطابه الشعبوي حول الأغنياء الأشرار، والحاجــة إلى إعادة توزيـــع الثروة لتنتفع منها الطبقـــات المحرومة· ويذكر أن انتقاد الأغنيــــاء يلقى صدى إيجابيـــاً في باراجواي بسبب نسبــة الفقر المرتفعة ومعدل البطالة الكبير، حيث تشغل الفلاحة نصف القوى العاملة، كما أن أكثر من 16% من السكان يعانون من البطالة، و36% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر· ومع أن الاقتصاد لم يصل حد الأزمة إلا أنه ينمو ببطء شديد، بحيث لم يتجاوز معدل 1,3% سنويا طيلة الخمس سنوات الماضية، حسب مؤشر مؤسسة ''هيرتيتج'' و''وول سترتيت جورنال'' الذي وضع اقتصاد باراجواي في مرتبة متأخرة على قائمة الانفتاح الاقتصادي محتلة المرتبة 99 من بين 157 دولة عالمياً، والمرتبة 22 من بين 29 دولة في الأميركيتين؛ وباقتصادها الضعيف والمستويات المرتفعة للفساد الحكومي، فضلا عن سوق العمل المراقب، أصبحت باراجواي ناضجة لتقبل السياسات الشعبوية التي يروج لها ''لوجو''· لكن مع ذلك مايزال الأفق غائماً بالنسبة للبلاد، لاسيما بعد الشعور بعدم الارتياح الذي خلفته تصريحات وتحركات ''لوجو'' حتى داخل التحالف الذي يسانده· ويضاف إلى ذلك الانشقاقات التي يعرفها الحزب الحاكم والمقترحات التي طرحها بعضهم لوقف ترشيح ''لوجو'' قانونيا· ولا يقتصر الشعور بعدم الارتياح داخل باراجواي، بل يمتد إلى الدول المجاورة، لاسيما البرازيل القلقة من احتمال صعود زعيم شعبوي آخر في أميركا اللاتينية· وبينما تكثر التخمينات حول الرئيس الجديد لباراجواي يمر الوقت بسرعة على أميركا اللاتينية التي هي في غنى عن ''هوجو شافيز'' جديد في المنطقة· باحث في المعهد المستقل في كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©