السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان··· واقع سياسي جديد

باكستان··· واقع سياسي جديد
30 مارس 2008 02:10
إذا كان الوضع الجديد في باكستان لم يتضح بعد لـ''واشنطن''، فإن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الدبلوماسية الأميركية المكلف بباكستان -دامت ثلاثة أيام- لا بد أنها أجلت ما تبقى من غموض حول الواقع السياسي الجديد في باكستان بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فقد تحولت زيارة وكيل وزارة الخارجية ''جون نيجروبونتي'' إلى سلسلة من الإهانات والاستقبال الفاتر بعدما تحمل عبء الإجابة على شكاوى الباكستانيين والاستماع إلى مظالمهم في ظل ما يشعرون به من حرية أكبر مع انتهاء الحكم العسكري لحليف ''واشنطن'' الأوثق، الرئيس ''برويز مشرف''، فبعدما واجه ''نيجروبونتي'' صنفاً جديداً من الديمقراطيين الباكستانيين الذين يفضلون الحوار وليس الحرب لمواجهة الإرهاب، تجرع ''نيجروبونتي'' الكأس المرة خلال إجابته على أسئلة الصحفيين في مؤتمر عقد لهذا الغرض يوم الخميس الماضي، معترفاً بوجود اختلاف في الاستراتيجية المتبعة بين الولايات المتحدة وباكستان· فقد تعرض ''نيجروبونتي'' للتوبيخ أثناء حفل استقبال نظم على شرفه في مقر السفارة الأميركية بـ''إسلام أباد'' من قبل المحامين الذين لم يخفوا استياءهم الشديد من اعتراض الإدارة الأميركية على دعم رجوع القضاة الذين أقالهم الرئيس مشرف السنة الماضية إلى مناصبهم، ومع أن ''نيجروبونتي'' سبق أن أعلن أمام الكونجرس أن مشرف ''حليف ضروري''، إلا أن الدبلوماسي الأميركي أُجبر على التخلي عن هذه المواقف بعد شهور من وقوفه إلى جانب صديقه، مؤكداً هذه المرة أن مستقبل مشرف ستحدده الحكومة الباكستانية الجديدة، لكن المواجهة الأكثر إثارة وإحراجاً التي خاضها الدبلوماسي الأميركي ذو 68 عاماً كانت مع ''فاروق سليم'' -المدير التنفيذي لمركز الأبحاث والدراسات الأمنية- خلال حفل الاستقبال الذي سأله: ''بماذا تختلف باكستان عن هندوراس''؟ والواضح أن الغرض من السؤال هو استفزاز ''نيجروبونتي'' بالإحالة إلى المدة التي قضاها الدبلوماسي الأميركي سفيراً لبلاده خلال الثمانينيات في ''هندوراس'' عندما كان مكلفاً بتدريب وتسليح الميليشيات للإطاحة بالحكومة اليسارية في ''نيكارجوا''، وهو التدخل الذي جر عليه انتقادات لاذعة بإهماله لقضايا حقوق الإنسان في ''هندوراس'' وسعيه وراء تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركي· لكن ''نيجروبونتي'' رفض الإجابة عن السؤال، كما امتنع عن الرد على سؤال آخر طرحه عليه ''فاروق سليم'' عندما توجه إليه قائلا: ''ماذا تعرف عن رئيس المحكمة العليا والذي يغيب عنا نحن؟'' في إشارة إلى ما حكاه ''سليم'' لاحقا من أن إدارة الرئيس ''بوش'' رفضت الإقرار بعدم شرعية إقالة رئيس المحكمة العليا ''افتخار محمد شودري''، فضلا عن الإشارات التي بعثت بها الولايات المتحدة لاحقاً، وأغضبت الباكستانيين، من أنها لا تحبذ رجوع ''شودري'' إلى منصبه الذي لم تستسغ ''واشنطن معارضته الشديدة للرئيس ''برويز مشرف''، واستغرب ''سليم'' ورفاقه كيف صمت أميركا آذانها عن التغير الحاصل في باكستان، رغم أن الأصوات المطالبة به كانت مرتفعة بما يكفي· وفيما اجتمع الحضور في حديقة السفارة الأميركية رفع ''اعتزاز أحسن'' -رئيس نقابة المحامين- عقيرته ضد ''نيجروبونتي''، فقد أخبرني ''أحسن'' أنه أطلع الدبلوماسي الأميركي على استياء المحامين وامتعاضهم، لأنه لم يشملهم بلقاءاته مع المسؤولين الباكستانيين، وبأنه عندما طلب المحامون ترتيب موعد لهم مع ''نيجروبونتي'' صرفتهم السفارة الأميركية· وبعد ذلك ألقى ''أحسن'' -خريج جامعة كامبريدج وأحد الخطباء المفوهين في باكستان- خطاباً من 10 إلى 15 دقيقة على أسماع ''نيجروبونتي'' حول دور القضاء المستقل في محاربة الإرهاب، وقد أعاد ''أحسن'' ما قاله أمام الدبلوماسي الأميركي ''لقد قلت له بأن السلاح الأمضى في الحرب على الإرهاب هو الشعب الذين تُحمى حقوقه، لأنه حينها تكون لهم مصلحة في الدفاع عن النظام العام الذي يضمن له تلك الحقوق''، لكن وخلافا ''لنيجروبونتي'' قام وفد من المشرعين الأميركيين بقيادة النائب الجمهوري ''جون تيرني'' بزيارة رئيس المحكمة العليا المقال ''شودري'' في بيته يوم الخميس الماضي، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها وفد أجنبي إلى بيته منذ أن رفعت السلطات الحواجز من أمام منزله بعد أربعة شهور من تحديد إقامته، ورغم أن ''نيجروبونتي'' اعتاد في السابق على رؤية عدد محدود من الشخصيات الباكستانية تكاد تنحصر في الرئيس ''مشرف''، كان عليه هذه المرة توسيع دائرة لقاءاته، حيت اجتمع بقادة الحزبين الرئيسيين، ''نواز شريف'' و''آصف علي زرداري''، اللذين يشكلان الحكومة الائتلافية، كما التقى برئيس الحكومة ''يوسف رضا جبلاني''، فضلا عن رئيسة الجمعية الوطنية ''فهميدة ميرزا''· وقد أكد ''زرداري'' و''شريف'' أنهما يريدان تغيير المقاربة العسكرية التي تبناها الرئيس ''مشرف'' في التعامل مع المتطرفين والعمل على فتح حوار معهم، هذه المقاربة التي بدا أن ''نيجروبونتي'' غير متحمس لها، حيث قال خلال مؤتمر صحفي في ''كاراتشي'' قبل مغادرته ''إن التدابير الأمنية مهمة للغاية في التعاطي مع عناصر متطرفة تسعى إلى تدمير نمط حياتنا''، مضيفاً ''لا أرى كيف يمكن التحدث إلى هؤلاء''· وفي افتراق لافت عن سياسة ''مشرف'' أشار رئيس الحكومة الجديدة ''جيلاني'' بعد لقائه بالدبلوماسي الأميركي الأربعاء الماضي، بأن ''البرلمان هو الهيئة التي تتخذ القرارات''، لكن ''نيجروبونتي'' أقر في اختتام زيارته أن فائدة الرئيس مشرف لواشنطن بدأت تتراجع، موضحاً أن ''أي نقاش يتعلق بوضع مشرف سيتم تحديده من خلال العملية السياسية الداخلية في باكستان''· جين بيرليز-إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©