الصمد

لاسم الله الصمد معان عدة منها الباقي الذي لا يزول والدائم الذي لا نهاية له، ولكن المعنى الغالب هو الذي يقصد اليه في الحوائج والرغائب· ويقول د· علوي أمين -استاذ الحديث بجامعة الأزهر: ورد اسم الله تعالى الصمد في قوله عز وجل: (قل هو الله أحد· الله الصمد· لم يلد ولم يولد· ولم يكن له كفوا أحد) والله الصمد يعني الذي يصمد اليه في الحوائج ويقصد اليه في الرغائب، اذ ينتهي اليه منتهي كل أمر وفعل وطلب ورجاء ومسألة، فيدبر الأمر كله ويعطي كل سائل مسألته وكل محتاج حاجته وكل طالب طلبه، فهو الصمد المجيب لدعاء عباده والقاضي في شؤون دنياهم وآخرتهم، وهو الخالق الذي خلق وسوى وقدر واليه ينسب خلق كل مخلوق وسعادة كل سعيد وشقاء كل شقي، فالله الصمد المتفرد بأحوال عباده ومخلوقاته· ويضيف د· علوي: والصمد اسم من اسماء الله الحسنى، وله عدة معان· فقيل: إن معناه الباقي الذي لا يزول· وقيل: الدائم الذي لا نهاية له· وقيل: الذي لا يُطعم وإنما يطعم كل مخلوق: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)· وقيل: الذي لا جوف له· وقيل: هو السيد الذي ينتهي اليه أمر عبيده، الى غير ذلك من المعاني الذي يتصف بها الله وحده ولا يشاركه فيها أحد من خلقه، إلا أن المعنى الغالب لهذا الاسم العظيم -الصمد- هو الذي يلجأ اليه القاصد اذا قصد مقصدا· فيقال في اللغة: صمد صمدا، أي قصد قصدا، فالله تعالى الصمد الذي يلجأ اليه الخائف ليأمن به، والمظلوم ليستغيث به، والفقير ليغتني بنعمه، والمحتاج ليلبي حاجته، والمتضرع ليجيب دعاءه، فهو الله -جل شأنه- الصمد الذي عنده مفاتيح كل شيء وقادر على أي شيء، لا يرد مظلوما ولا سائلا وإنما يعطي كل سائل مسألته، ويرفع عن كل مظلوم ظلم الظالمين، ويغني الفقير عن سؤال الغني من بني البشر، ومن هنا كان الله الصمد الذي يصمد اليه في الحوائج ويقصد اليه في الرغائب؛ لأن القصود والرغائب تتوجه الى ذوي السؤدد والأكابر· واذا قيل: إن الصمد بمعنى الدائم الذي لا يزول فإن الواجب على من يعرفه بهذا الوصف ان يعرف نفسه بالفناء والزوال فيزهد في حطام الدنيا وفي حلالها وحرامها· لذلك قال أهل الحكمة: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لوجب على العاقل ان يزهد في الذهب الفاني ويرغب في الخزف الباقي· ويوضح د· علوي أن العبد الذي جعله الله تعالى مقصد عباده في حاجات دينهم ودنياهم وأجرى على لسانه ويده حوائج خلقه أنعم عليه بحظ من معنى اسمه الصمد، ولكن الصمد المطلق وهو الذي يصمد اليه في جميع الحوائج والرغائب هو الله تعالى وحده·