أظهرت دراسة حديثة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «أرشيفات الطب النفسي العام» أن الرجال المدخنين في منتصف العمر يعانون في وقت مبكر من تراجع أداء وظائفهم الإدراكية مقارنةً مع أقرانهم من الرجال غير المدخنين، أو مقارنةً مع أولئك الذين أقلعوا عن التدخين قبل ما لا يقل عن 10 سنوات.
وقد كان معروفاً في الأوساط الطبية والبحثية أن التدخين هو أحد العوامل المسببة للخرف عند الشيخوخة، لكن حجم خطورته ومدى قوة تأثيره على وظائف الإدراك في المراحل المبكرة من الكهولة ما زالت غير مفهومة بشكل كامل.
وبعد تحليلهم بيانات جمعوها من 5,099 رجلا و2,137 امرأة، توصل فريق بحثي من قسم علم الأوبئة والصحة العامة من كلية لندن الجامعية بقيادة الدكتورة سيفيرين صابيا إلى أن مدمني التدخين هم أسرع إصابةً بأمراض الشيخوخة. وكان المشاركون من النساء والرجال من موظفي الخدمة المدنية البريطانية، ومن الذين سبق لهم أن شاركوا في دراسة «وايتهول تو» التي أُطلقت سنة 1985 والتي أجرت مرحلتها البحثية التاسعة خلال الفترة الممتدة بين 2007 و2009.
ولتقييم العلاقة ما بين تاريخ المشاركين المدخنين ومستوى تراجع وظائفهم الإدراكية، قامت صابيا وزملاؤها بمراجعة ست تقييمات ذاتية لوضع التدخين بناءً على بيانات جُمعت طيلة 25 سنةً، بالإضافة إلى ثلاث تقييمات لوظائف الإدراك جُمعت طوال عشر سنوات. وأُجريت اختبارات أداء الوظائف الإدراكية عندما كان المشاركون يبلغون 44 إلى 69 سنةً، و50 إلى 74 سنةً، و55 إلى 80 سنةً.
ووجد الباحثون أن المدخنين الرجال يشهدون تراجعاً في أداء وظائفهم الإدراكية بوتيرة أسرع مما هو عليه الحال لدى غير المدخنين، وأن هذا التراجع سُجل بشكل أكثر حدة لدى الرجال الذين يدخنون بشراهة. من جهة أخرى، يقول أعضاء الفريق البحثي إن المدخنين الذين أقلعوا عن التدخين منذ ما لا يقل عن عشر سنوات قبل إجراء التقييم الأول لم يُسجَل لديهم أي تسارُع في وتيرة تراجع أداء الوظائف الإدراكية. ومن بين الملاحظات التي سجلها الباحثون أن النساء المشاركات في الدراسة أقل تدخيناً من المشاركين الرجال. كما افترضوا أن تراجع أداء الوظائف الإدراكية لدى المدخنين قد يكون ناتجاً أيضاً عن إفراطهم في تناول المشروبات الكحولية.
وأشار الباحثون كذلك إلى أن النتائج التي توصلوا إليها لم تُتح لهم التحقق من الميكانيزمات والآليات الكامنة وراء سرعة تراجع الوظائف الذهنية للمدخنين، لكنهم رجحوا أن يكون ذلك ناتجاً عن تلف في أنسجة العضلات أو الرئة.
وختم الباحثون خلاصات دراستهم بالقول «تُظهر الدراسات بشكل متزايد ويوماً بعد آخر أن الأمراض ذات الصلة بالتقدم في العمر مثل الخرف أو الزهايمر تنتج جراء ممارسة عادات طويلة الأمد، وأن آثارها لا تظهر بجلاء في فحوص التشخيص السريرية إلا بعد 20 إلى 30 سنةً. غير أن دراستنا تُبين بوضوح أهمية تقييم عوامل الخطر المسببة لتراجع الوظائف الإدراكية في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان».
عن «لوس أنجلوس تايمز»
عدد اليوم
