الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توجه عربي وعالمي لاستغلال الطاقة المتجددة في سد العجز المائي

توجه عربي وعالمي لاستغلال الطاقة المتجددة في سد العجز المائي
12 فبراير 2012
تقول الدكتورة أسماء القاسمي مدير الأكاديمية العربية للمياه، إن الوطن العربي يحتل الريادة في تحلية المياه باستئثاره بأكثر من 60% من الطاقة الإنتاجية للمياه المحلاة في العالم، ويرجح استمرار هذا الوضع في المستقبل، حيث تأتي 10 دول عربية ضمن العشرين دولة الأولى في العالم من حيث الإنتاج المتوقع من المياه المحلاة خلال الفترة 2008-2016م، وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت، سلطنة عمان، البحرين، الجزائر، ليبيا، الأردن، اليمن، كما يتوقع حدوث زيادة كبيرة في الطاقة الإنتاجية المتوقعة من المياه المحلاة بعد عام 2016م، في دول عربية أخرى مثل مصر والعراق، وبالمثل تحتفظ بعض دول المنطقة بمعدلات عالية لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة. جاء ذلك بمناسبة مشاركة الأكاديمية العربية للمياه في أبوظبي، في المنتدى العالمي السادس للمياه، والذي يعقد في مارس المقبل بمدينة مرسيليا، تحت شعار «حان وقت الحلول»، حيث يتم طرح الهدف العربي الإقليمي الثالث، الذي يتعلق بإيجاد حلول عملية لاستخدام المصادر غير التقليدية للمياه، مع التركيز على استخدام الطاقة المتجددة في التحلية، ومعالجة المياه لمقابلة الطلب المتزايد على المياه في الوطن العربي خلال هذا المنتدى. ويشارك العالم العربي في هذا المنتدى ككتلة واحدة تضم جميع الدول العربية، بقيادة المجلس الوزاري العربي للمياه المنبثق عن جامعة الدول العربية، وتأتي هذه الدورة الجديدة بعد خمس دورات انعقدت في مراكش ولاهاي وكيوتو والمكسيك واسطنبول، ويعتبر هذا المنتدى الذي يتم تنظيمه كل ثلاث سنوات الاجتماع الدولي الأكبر حول المياه في العالم، وقد تم في المراحل التحضيرية تحديد أولويات العمل وترجمتها إلى أهداف قابلة للقياس، ليتم إيجاد الحلول المناسبة لها من مختلف أنحاء الكرة الأرضية. مواجهة الطلب المتزايد وتضيف أسماء القاسمي: يوفر هذا الحدث العالمي الهام منصة لتبادل المعلومات، حول أفضل الممارسات والإسهام في التطبيق العملي للحلول المطروحة، وكان المجلس الوزاري العربي للمياه، قد شكل لجنة تحضيرية ضمت ممثلي العديد من الدول العربية والمنظمات من أجل إعداد المساهمة العربية في المنتدى، وتم في هذا الإطار تحديد الأولويات والأهداف المرجوة وفقا لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية، التي أقرها المجلس الوزاري العربي للمياه في يونيو 2011م، وتحدد الاستراتيجية خمسة مشاريع ذات أولوية للإدارة المتكاملة للمياه في العالم العربي، تنبثق عنها خمسة أهداف للمنطقة العربية. وتتولى الأكاديمية العربية للمياه في أبوظبي مسؤولية تنسيق الهدف العربي الإقليمي الثالث، وهو العمل على المدى المتوسط حتى حلول عام 2020، على تحديد بدائل وحلول عملية لاستخدام المصادر غير التقليدية للمياه، مع التركيز على استخدام الطاقة المتجددة في التحلية، ومعالجة المياه لمقابلة الطلب المتزايد عليها في الوطن العربي، خاصة أن في دول معينة ضمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مثل سلطنة عمان وقطر والإمارات العربية المتحدة، تقدر معدلات إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة بحوالي 70% أو أكثر، مع التزام قوي بزيادة هذه النسبة إلى 100% في بعض المناطق مثل أبوظبي. تنويع مصادر الطاقة وتوضح القاسمي: على امتداد العالم العربي يحظى إنتاج المياه من المصادر غير التقليدية، حيث يتم التركيز على التحلية ومعالجة المياه العادمة باهتمام متزايد، وذلك باعتبارها من الخيارات الاستراتيجية لسد الفجوة المتزايدة بين الطلب ووفرة المياه، ومن جهة أخرى فإن القدرات الهائلة للمنطقة في إنتاج الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وجدت طريقها بالفعل إلى استراتيجيات الطاقة الوطنية، وعلى سبيل المثال تعمل المملكة المغربية على التوسع في توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية وتخطط للحصول على 42% من الكهرباء، من المصادر المتجددة بحلول عام 2020م. وتضيف: حتى الدول الغنية بالنفط تعمل على تنويع مصادر الطاقة بزيادة استخدام الطاقة المتجددة، حيث تخطط المملكة العربية السعودية لاستخدام الطاقة الشمسية، لتوليد 10% من الكهرباء بحلول عام 2020م، وذلك بما يقدر بحوالي 5 جيجا واط من الكهرباء، كما أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة حقلا شمسيا لإنتاج 1000 ميجا واط بحلول عام 2030م، ويمكن تسخير القدرات الضخمة في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة العربية لزيادة حصيلة الصادرات من الكهرباء الصديقة للبيئة. العجز المائي وتوضح القاسمي: من أجل التنوع الصناعي وخلق مهارات جديدة، وباعتمادها للتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، والمصادر غير التقليدية للمياه كخيار استراتيجي، يفتح أمام الدول العربية إمكانيات جديدة لمواجهة المشكلة الخطيرة لندرة المياه في المنطقة، مع الوضع في الاعتبار الجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية وأمن الطاقة، وباحتوائه على خمسة في المائة من سكان العالم مع واحد في المائة فقط من موارد المياه العذبة، وهنا قد يتأثر العالم العربي بشكل كبير بندرة المياه. كما تعاني معظم الدول العربية بالفعل من العجز المائي، وتتسع الفجوة بين الطلب والمياه المتاحة مع الزيادة المتسارعة في النمو السكاني، والآثار السلبية المتوقعة للتغير المناخي، ويقدر النقص الحالي في المياه بـ 17 دولة عربية مجتمعة بما يزيد على 30 بليون متر مكعب، ويتوقع زيادة هذا العجز إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030م، ويزيد على 150 بليون متر مكعب بحلول عام 2050م. استنفاد المياه الجوفية وتقول القاسمي: يعتبر النقص في المياه العذبة معوقا للتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي وصحة الإنسان وحماية البيئة، وقد غطت معظم دول المنطقة احتياجاتها من المياه بالاستغلال المكثف للمخزونات الجوفية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع خطر استنفاد المياه المتوفرة من هذه المخزونات، وتدهور نوعيتها وتسلل المياه المالحة إليها، ويؤدي الاستغلال الجائر للمياه الجوفية إلى هدر الأصول الوطنية، بمعدلات تصل إلى 1-2% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً في بعض الدول العربية. ويتمثل خط العمل الأول لتقليل عجز المياه في الوطن العربي، في زيادة كفاءة استخدام المياه بتحسين إدارة الطلب وتقليل الفاقد، ومع ذلك فإن النمو السكاني والاقتصادي المستمرين، يتطلبان أيضاً التوسع في توفير المياه من خلال الطرق البديلة لإنتاج المياه، مثل التحلية وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، غير أن التكلفة العالية والاحتياجات المكثفة للطاقة، والآثار السلبية لهذه العمليات على البيئة، قد مثلت حتى الآن حاجزا من التوسع في استخدامها في المنطقة. الوقود الأحفوري وتشير القاسمي قائلة: يتوقف الانتشار الواسع لاستخدام المصادر غير التقليدية للمياه بدرجة كبيرة، على توطين معالجة المياه العادمة في المنطقة العربية، وتطوير قدرات محلية تجعل التنكولوجيا المستخدمة صديقة للبيئة ومتاحة بأسعار معقولة، وبصفة خاصة لابد من تقليل تكلفة استهلاك الطاقة التي تشكل 30-50% من التكلفة الكلية لتحلية المياه، والحد من الآثار الضارة بالبيئة، خاصة تلك المتعلقة بانبعاثات الغازات الدفيئة والتخلص من المحلول الملحي والملوثات الأخرى. ويتصف الاعتماد المكثف حاليا على الوقود الأحفوري في تحلية المياه بعدم الاستدامة، وتستخدم المملكة العربية السعودية وحدها مليونا ونصف المليون برميل من النفط يوميا لتشغيل محطات التحلية، وهناك فرصة متاحة للتقليل من العديد من المشكلات المتعلقة بالتحلية، وذلك باستبدال الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة، وتوجد بالفعل مشاريع تجريبية لاستخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه في بعض الدول العربية، ومن أمثلة تلك المشاريع محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، للمياه الجوفية المالحة في إمارة أبوظبي، واستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية في تحلية المياه الجوفية المالحة في سلطنة عمان. وتؤكد القاسمي أنه، حتى وقت قريب انحصرت هذه المبادرات في مشاريع صغيرة، فيما يبدأ تشغيل المشاريع الكبيرة اعتبارا من عام 2013م، مثل محطة تحلية المياه بالطاقة الشمسية في الخفجي بالمملكة العربية السعودية، بطاقة إنتاجية قدرها 30 ألف متر مكعب في اليوم، والبرنامج الوطني للأمن الغذائي في دولة قطر، الذي يخطط لإدماج الطاقة الشمسية مع تكنولوجيا تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات الري الزراعي. وسوف توفر الجلسة التي تديرها الأكاديمية العربية للمياه خلال المنتدي العالمي السادس، الفرصة لتسليط الضوء على هذه التطورات في المنطقة العربية، وتشجيع تبادل الخبرات بين الدول العربية مع المناطق الأخرى في العالم التي تواجه تحديات مماثلة، وسيتم توجيه النقاش نحو تحسين الكفاءة، والابتكار في مجالات التكنولوجيا والسياسات وتنمية القدرات والتوعية، لإدارة العلاقة بين المياه والطاقة في المنطقة العربية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©