الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلافات أطلسية حول الرقابة على الأسواق المالية

14 مارس 2010 22:29
لقد أثارت خلافات بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، شكوكاً حول احتمال استجابة دولية واسعة للأزمة المالية الاقتصادية الأخيرة التي كادت أن تسبب كساداً اقتصادياً عالمياً، وفقاً لما قاله بعض المحللين ومنظمي المؤسسات المالية الاقتصادية. فقد حذر وزير الخزانة الأميركي، تيموثي إف. جيثنر يوم الجمعة الماضي من التنافر الحاصل في سياسات كبرى المراكز المالية العالمية، وقال إنه في حال فشلت الولايات المتحدة في قيادة دفة السفينة المالية العالمية على نحو مقنع ومطمئن للآخرين، فسوف تكون النتيجة تنظيماً غير فاعل وفاقد للكفاءة للمؤسسات المالية العالمية. وعلى حد قوله في خطاب ألقاه أمام الحضور في بنك أميركا للتصدير والاستيراد بواشنطن: "فإن أحد أسباب قوة النظام المالي الأميركي، هو النشاط العالمي للشركات الأميركية. وفيما لو عجزت أميركا عن إظهار قدرتها على قيادة وإصلاح أسواقها المحلية، فإننا لا نتوقع من الدول الأخرى سوى أن تحدد نهجها الخاص في تنظيم وإصلاح أسواقها ومؤسساتها المالية. وعندها سوف يتحتم على النظام المالي الأميركي أن يواجه المخاطر المحتملة لذلك العمل الإصلاحي الفردي الذي تقوم به الدول لنظمها المالية، أي الاختلاف وعدم الاتساق وتدني المعايير التنافسية لنظام الرقابة الدولية على تلك المؤسسات". وترتبط معظم هذه المخاوف بأوروبا، لكونها السوق العالمي الأكبر بعد الولايات المتحدة. فهناك يسعى المسؤولون للتصدي لبعض الأنشطة والممارسات، مثل منع صناديق الوقاية من المخاطر المالية الأميركية، من إدارة أي أنشطة لها في أوروبا، في حين يتهاون المسؤولون أنفسهم إزاء مسائل وممارسات، اتخذت فيها الولايات المتحدة سياسات أكثر صرامة. ولا شك في أهمية تطوير نظام مشترك يحكم كبرى المراكز المالية العالمية. وهذا ما يتفق عليه المنظمون الأميركيون والأوروبيون على حد سواء: فبدون وجود نظام مشترك كهذا، سيسعى المستثمرون ورؤوس الأموال للبحث عن الدول والمناطق التي تتسم فيها القوانين المالية المنظمة بالضعف والتراخي، ما يعني تقويض أي إصلاح تنظيمي مالي جديد لأسواق الدول ومراكزها المالية، وتهيئة الظروف للمزيد من المخاطر الاقتصادية والمالية المستقبلية. من ناحيتها تصارع الولايات المتحدة من أجل تبني نسخة خاصة بها من التنظيم المالي. ويتوقع أن يقدم السيناتور كريستوفر جي. دود، مشروع قانون جديد تماماً بهذا الشأن، بينما يخشى مسؤولو إدارة أوباما من أن تقوض أي جهود قومية محلية تبذل في هذا الاتجاه، بسبب ضعف الجهود المشابهة المبذولة خارج أميركا. وعلى رغم أن المسؤولين الأميركيين يشاطرون زملاءهم الأميركيين القلق نفسه، فإن لهم تصورهم الخاص عن الإصلاح المرجو. في هذا الصدد، صرح السيد أمادويو التفاج -رئيس اللجنة الأوروبية المختصة بالشؤون الاقتصادية والمالية- قائلاً: "إن هناك حاجة ماسة إلى تقارب الرؤى والتصورات. فالأموال تستثمر على نطاق دولي. وليس هناك من معنى لاختلاف النظم بين اللاعبين الماليين والاقتصاديين الرئيسيين". والحقيقة أن الخلاف الأميركي- الأوروبي بشأن إصلاح النظام المالي العالمي، بدأ في الشهر الحالي، إثر اعتراض "جيثنر" على بعض النظم الجديدة المتعلقة بتنظيم الأرصدة الاستثمارية الضخمة، التي اقترحها المنظمون الماليون الأوروبيون. وجاء في رسالة "جيثنر" التي خاطب بها "مايكل بارنير"، مفوض الأسواق الأوروبية الداخلية، إن القيود الأوروبية على الأوراق المالية الخاصة وصناديق الوقاية من المخاطر المالية الأميركية، تعد تمييزاً ضد الشركات الأميركية، وتمنعها من النشاط في الأسواق الأوروبية الذي تتمتع به حالياً". والملاحظ أن نبرة هذه الرسالة حملت تأثيرات النزاع التجاري التقليدي القديم بين الدول. كما شملت الخلافات جوانب فرعية تتعلق بهذا التنظيم. فقد دفعت الأزمة التي نشأت مؤخراً في عجز تمويل ديون الحكومة اليونانية، القادة الأوروبيين إلى المطالبة بحظر أنواع معينة من الاستثمارات في بلدانهم، وهو حظر ليس مرجحاً أن تؤيده الولايات المتحدة. يذكر أن رئيس الوزراء اليوناني، أندرياس باباندريو، زار واشنطن خلال الأسبوع الماضي وحث المسؤولين الماليين على اتخاذ إجراء فوري من أجل تنظيم أنشطة المضاربة على السندات التي تصدرها الحكومة، قائلاً إنها تتحمل مسؤولية جزئية عن المشاكل المالية التي واجهتها بلاده. غير أن مسؤولي إدارة أوباما واجهوا ذلك النداء بفتور واضح. وكانت كبرى الاقتصادات العالمية قد اقتربت من الاتفاق على نظام مالي دولي في قمة بيتسبرج التي عقدت في شهر سبتمبر من العام المنصرم. فهناك تمكنوا من الاتفاق على بعض القضايا الرئيسية مثل مقدار رؤوس الأموال التي يسمح للبنوك بحيازتها، وتحديد سقف رواتب مدرائها التنفيذيين، وكذلك المعايير المحاسبية التي يتعين عليها تبنيها. ولكن من رأي منتقدي تلك الاتفاقات، أنه كان سهلاً التوصل إليها، طالما أنه لا يحق لأحد عقاب أو مساءلة منتهكيها. في تلك القمة، طالب المسؤولون الأميركيون بزيادة رؤوس أموال البنوك، حماية لهذه المؤسسات ضد أي خسائر غير متوقعة. وكشفت البنوك الأميركية في القمة نفسها، عن خسائرها الفعلية، بينما رفعت نسبة رؤوس أموالها بنسبة 87 في المئة لتغطية تلك الخسائر. غير أن البنوك والمؤسسات الأوروبية لم تفعل الشيء نفسه، إذ لم تعترف إلا بنسبة تعادل ثلث خسائرها الفعلية فحسب، بينما لم تزد نسبة تمويل بنوكها إلا بمعدل نصف ما تحتاجه لتغطية تلك الخسائر، وفقاً لمعلومات صندوق النقد الدولي. وما لم يتوافر نظام دولي للرقابة المالية، شبيه بالبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي -وهو ما تفتقر إليه البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية، التي تخضع لسياسات حكوماتها الوطنية، فلن تتمتع هذه البنوك والمؤسسات بالشفافية التي تتطلبها عمليات الرقابة المالية، على حد قول نيكولاس فيرون، المحلل المالي بمؤسسة "بروجل" للبحوث في بروكسل. يذكر أن إدارة أوباما قللت من تأثير هذه الخلافات بقولها إنه ليس على جميع الدول تطبيق نظام موحد للرقابة المالية، طالما أن شبكة نظم الرقابة الدولية لا توجد بها ثغرات كبيرة تمكن المؤسسات والشركات المالية من استغلالها لصالحها. هوارد شنايدر وديفيد تشو محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©