الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصناديق السيادية والأزمة المالية العالمية

30 مارس 2008 00:46
تناقلت تقارير صحافية قبل أيام خبر توصل وزارة الخزانة الأميركية إلى سلسلة اتفاقات مع اثنين من أكبر صناديق الاستثمار السيادية في العالم وهما، جهاز أبوظبي للاستثمار ومؤسسة الاستثمار الحكومي في سنغافورة، بشأن تنظيم استثمارات الصندوقين في الأصول والأسواق الأمريكية· فقد نقل عن وزير الخزانة الامريكي، هنري بولسون، قوله بعد توقيع الاتفاقات إن ''الولايات المتحدة ترحب باستثمارات الصندوقين السياديين'' وإنها تتطلع إلى مواصلة العمل مع أبوظبي وسنغافورة وغيرهما من البلدان لدعم المبادرات الجارية في صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتطوير أفضل أشكال الممارسة للصناديق السيادية والدول المتلقية للاستثمارات· وجاء التوصل إلى هذه الاتفاقات في أعقاب صدور تقارير تحدثت عن مساعٍ تبذلها الولايات المتحدة تهدف إلى منع حدوث ردة فعل سياسية أميركية ضد الاستثمارات الكبيرة في الشركات الغربية من قبل صناديق استثمار حكومية سيادية في آسيا والشرق الأوسط لما يمكن أن تتركه مثل ردة الفعل هذه من عواقب غير حميدة على الاقتصاد الأميركي وخصوصا في وقت بات يظهر فيه أمس الحاجة إلى الدعم الذي تسديه تلك الصناديق لتجنب الأزمات المالية والمصرفية· وتمثل تلك المساعي جانبا من مفاوضات عالمية تنصب على صياغة قواعد تحكم تصرف صناديق الاستثمار السيادية المنتشرة في أنحاء عديدة من العالم من دون الحد من توجهها نحو الاستثمار في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية اضطرابات مالية· إذ يسعى صندوق النقد الدولي في الوقت الحاضر إلى الانتهاء بحلول نهاية العام الحالي من إعداد ما يسميه بلائحة سلوك طوعية تتعلق بـ ''أفضل الممارسات'' وتغطي قضايا تتعلق ببنية الصنادق السيادية وكيفية ممارستها للنشاط الاستثماري وكيفية الكشف عن المعلومات إلى جانب العديد من القضايا الأخرى ذات الصلة· كما تنظر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن لوائح للبلدان الأعضاء التي تتلقى استثمارات الصناديق السيادية· لقد شهدت الفترة القريبة الماضية موجة متصاعدة وأحيانا غير مبررة من ردة فعل لدى بعض الأوساط الغربية وخصوصا في الولايات المتحدة حيال النشاط المتنامي الذي باتت تلعبه الصناديق السيادية القادمة من منطقة الشرق الأوسط وآسيا في أسواق العالم من خلال شراء حصص استثمارية وأصول متنوعة في مؤسسات وشركات ومصارف غربية· وقد لعبت ردة الفعل هذه على وتر المخاوف والقلق من قيام الصناديق السيادية بتسخير استثماراتها من أجل تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية، مستندة بذلك على حجة أن تلك الصناديق تخضع لإملاءات ومصالح الحكومات التي تمتلكها مما قد يجعل من أنشطتها وقراراتها نابعة من تحقيق تلك المصالح أكثر من كونها نابعة من الجدوى الاقتصادية وتحقيق العوائد· وأضفى تزايد القدرات المالية للصناديق السيادية زخما لتلك المخاوف· فغالبا ما تتم الإشارة في هذا الصدد إلى أن قيمة الاصول التي بحوزة الصناديق السيادية في أنحاء العالم تصل إلى 3 ترليونات دولار في حين تشهد هذه القيمة نموا سريعا· يتعين بالاتفاقيات الأخيرة أن تساهم في وضع حد للمخاوف الحقيقية من دور الصناديق السيادية في الأسواق المالية وأن تفسح المجال أمام تلك الصناديق لأن تلعب دورا أكبر يصب في نهاية المطاف في مصلحة الاقتصاد العالمي· ونقول ''المخاوف الحقيقية'' لأن هناك في الواقع من يحاول إثارة الذعر حيال الصناديق السيادية منطلقا من مواقف سياسية مسبقة حيال الدول التي تدير الصنادق ومن نزعات حمائية غير مبررة ولا تتماشى مع واقع العولمة واندماج الاقتصاد العالمي· لقد رأينا خلال الأشهر القريبة الماضية كيف نهضت صناديق استثمار سيادية، من ضمنها جهاز أبوظبي للاستثمار، بمهمة في غاية الأهمية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي تمثلت في تقديم الدعم إلى مؤسسات مالية وشركات كبرى مما جنبها مشاكل مالية واستثمارية كان لها أن تترك آثارا وخيمة على النظام المالي العالمي· وأمام استمرار حالة الاضطراب في الأسواق العالمية والأزمات التي تعصف الآن بعدد من أكبر مؤسسات المال في العالم، فإن الحاجة إلى نشاط وأموال صناديق الاستثمار السيادية تبدو أكبر بكثير من أي وقت مضى من أجل تخفيف حدة الاضطرابات والأزمات من خلال مد حبل النجاة للاقتصاد العالمي· ذلك يتطلب من جانب الدول المتلقية لاستثمارات الصناديق السيادية العمل بجدية على تبديد المخاوف من دور هذه الصناديق وشرح دورها الإيجابي والحقيقي في الاقتصاد وتسهيل، بل وحتى تحفيز، الصناديق لممارسة نشاطها بعيدا عن الأصوات والمواقف السياسية المتشككة· مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©