الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهر الذهبي لمغول الهند

المهر الذهبي لمغول الهند
11 أكتوبر 2007 01:17
سلالة أباطرة المغول بالهند آخر الأسر الاسلامية التي حكمت شبه القارة الهندية، حيث تمتعت هذه البلاد بأطول فترة من الاستقرار السياسي والازدهار الحضاري، وتنتمي هذه الاسرة الى مؤسسها الحقيقي ظهير الدين محمد بابرحفيد الغازي الكبير تيمور لنك والذي كان والياً على فرغانة بأواسط آسيا، ولكن بابر اضطر في عام 932 هـ إلى أن يغادر قاعدة مملكته عقب نشوب الصراعات ضده ولم يجد من مكان يأوي اليه سوى البنجاب والهندستان، وعقب غزوتين ناجحتين تمكن بابر من الاستيلاء على لاهور قصبة البنجاب ثم دخل أجرا ليجلس على عرش الهند مفتتحا بذلك حكم أباطرة المغول في البلاد· وتعاقبت سلالة تيمورلنك على حكم الهند الى أن استولى الانجليز على شبه القارة الهندية وأزالوا حكم آخر الاباطرة سراج الدين بهادر شاه في عام 1274 هـ - 1858م· وحكم المغول الهند خلال تلك الفترة الطويلة باستثناء الفترة من 947 هـ الى 962 هـ وهي التي شهدت فرار نصير الدين محمد همايون بن بابر من البلاد امام ضغوط جيوش القائد الأفغاني شيرشاه سوري ليعيش منفياً ولاجئاً في بلاط الشاه الصفوي طهماسب لمدة خمسة عشر عاما قبل ان يتمكن من استعادة عرشه· نقود تذكارية وواصل أباطرة المغول إصدار العملات الذهبية والفضية الثقيلة التي بدأ الغوريون إصدارها بالهند، فكان وزن المهر الذهبي وكذا الروبية الفضية يتجاوز 11 جراما· كما اكثر سلاطين المغول في اول عهدهم من إصدار نقود الاهداء والتي كانت تتخذ هيئات مختلفة عن النقود التي ضربت لتلبية احتياجات التداول السلعي ومن اشهرها مهر ذهبي ضرب في عهد السلطان جلال الدين اكبر على هيئة قطعة مربعة تنتهي من طرفيها بشكل عقد نصف دائري ولذا كان يطلق على هذه العملة التذكارية اسم مهر المحراب· وسجل على وجه المهر اسم جلال الدين أكبر بادشاه خلد ملكه، مع الاشارة الى انه ضرب ببلدة اكرا· أما الظهر فقد نقشت عليه شهادة التوحيد ''لا إله إلا الله محمد رسول الله'' مع أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة ''أبي بكر وعمر وعثمان وعلي''· وابتكر جلال الدين أكبر مذهبا دينيا خاصا في محاولة لتوحيد ديانات أهل الهند في ديانة واحدة ربما كان السيخ البقية الباقية من اتباعه والمتأثرين به، ورغم انه لم يسك نقودا تذكارية تحمل صورته فإن ابنه نورالدين جهانكير فعل ذلك في لمسة وفاء قوية لذكرى والده، فقد ضرب جهانكير في السنة الاولى من حكمه عام 1014 هـ - 1605م مهرا ذهبيا وزنه 86 جراما جعل على ظهره رسم قرص الشمس المشع فيما نقش على الوجه صورة نصفية للامبراطور أكبر والى اليسار عبارة الله أكبر· ولا يعرف من هذا الإصدار التذكاري سوى قطعتين عرضت احداهما في معرض جنيف للفن الاسلامي عام 1985 ومن المعروف ان الشمس كانت ترمز في عقيدة الإلهي التي دعا اليها جلال الدين اكبر الى وحدانية الله، أما عبارة الله اكبر التي نقشت الى يسار صورته الشخصية فكانت شعار هذه العقيدة· وقد اثارت حفيظة المسلمين آنذاك باعتبار ان اسم السلطان كان اكبر ولذا اتهموه بادعاء الألوهية· تميّز نقدي وأبدى نورالدين جهانكير اهتماما خاصا بعملاته حتى اصبحت صورة صادقة عن جلال ملكه، وسجل في مذكراته الشخصية ان النقود في عصره كانت تنقش عليها عبارات تشير الى شهر وسنة سك العملة، ولكنه قرر ان يستعاض عن ذكر اسم الشهر برسم صورة البرج الفلكي الذي يشير اليه ونتج عن هذا الابتكار الذي يعكس المسحة الجمالية الغالبة على تصرفات جهانكير طراز من العملات الذهبية الرائعة والتي حاول الكثير من الممالك في الشرق الاسلامي تلقيدها· ومن امثلة هذا النوع مهر من ضرب اكرا ''اجرا'' في سنة 1030 هـ نقش على وجهه بخط النسخ اسم جهانكير شاه مع عبارات دعائية بالفارسية، وسجلت سنة السك 1030 ومعها ايضا الرقم 16 بالأرقام الهندية، ويشير الرقم الاخير الى السنة السادسة عشرة من حكم جانكير، أما الظهر ففيه نقش برج الميزان وهو عبارة عن ميزان وأربع صنج بين كفتيه· وفي نفس العام 1030 هـ أصدر جهانكير مهرا مشابها من ضرب اكرا ولكن في شهر آخر رمز اليه ببرج العقرب الذي رسمت رافعة ذيلها· واستخدم هذا الطراز ايضا في إصدار الروبيات الفضية ومنها روبية ضربت في العام الثاني 1031 وعليها رسم برج القوس ونقش على هيئة منظر فرس بنصف آدمي يعدو باتجاه اليسار وقد استدار نصفه الآدمي الى الخلف لرمي السهم وتزن هذه الروبية 11,12 جرام من الفضة وثمة قطع من المهر الذهبي ضربت في عام 1031 هـ وعليها رسم برج الدلو الذي صور على هيئة حيوان اسطوري له رأس ماعز وذيل عروس البحر· وكان جهانكير يضرب أيضا عملاته من المهر بصورته الشخصية الى جانب رسم الأسد وقرص الشمس وذلك برسم الإهداء لكبار موظفي الدولة وليس للتداول في الاسواق· ويعود اغلب هذه القطع الى عام 1020 هـ أي السنة السادسة من حكمه وذكر في مذكراته انه كان يمنح هذه النقود لرجال البلاط تعبيرا عن الرعاية الملكية ولتجلب لهم حسن الطالع· ونقشت صورة جهانكير في اوضاع مختلفة منها ما يصوره وهو يضع يده على كتاب ربما يكون المصحف أو يحمل في يده ثمرة رمان تعبيرا عن ازدهار دولته او حتى يحمل كأس شراب· إهداءات مخصصة وفي كل الاحوال كان الظهر في هذه القطع مخصصا لرسم أسد فاغر فمه وخلفه قرص الشمس المشع، ويعتقد بعض علماء الآثار ان ما يحمله جهانكير في يده أو يضع يده عليه يشير الى الفئة التي كانت تهدي اليها هذه القطع، فحينما وضع يده على الكتاب او المصحف كان ذلك المهر مخصصا لإهداءات علماء الدين والمهر الذي يحمل فيه السلطان ثمرة الرمان كان مخصصا طبقا لهذه التفسيرات لرجال الادارة، أما صورة جهانكير وهو يحمل الكأس فتنبئ بأن هذا النوع من النقود التذكارية كان يهدي لندماء السلطان في البلاط·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©