الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطماع السلطة على دنانير السامانيين

أطماع السلطة على دنانير السامانيين
9 أكتوبر 2007 23:37
الدولة السامانية واحدة من أوائل الدول التي منحها خلفاء العباسيين استقلالاً سياسياً ملموساً عن نفوذ العاصمة بغداد، وذلك بعد توالي حركات التمرد في الشرق الآسيوي ضد خلفاء بني العباس، مما اضطر دولة الخلافة الى الاعتماد على ولاة لهم استقلال نسبي نظير اعترافهم بالسيادة الدينية للخليفة العباسي بذكر اسمه في الخطبة ونقشه على نقودهم· وينسب آل سامان الى أسرة خراسانية، دخل عاهلها ''سامان'' -أي كاهن الديانة السامانية السائدة بين الترك قديماً- الإسلام خلال ولاية أسد بن عبدالله القسري على خراسان فيما بين عامي 116 و120هـ، أي في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك· وتيمناً بالوالي الذي أدخل ''سامان خداه'' الإسلام أطلق الأخير على ابنه اسم ''أسد''، وبرز أولاد هذا الابن في عهد هارون الرشيد عندما اشتركوا بفاعلية في إخماد ثورة رافع بن الليث بن نصر بن سيار، ثم عمل أولاد أسد بن سامان في خدمة الخليفة المأمون وقت اقامته كولي للعهد بمدينة مرو، ونالوا مكانة كبيرة لديه، فلما آلت اليه الخلافة بعد مقتل أخيه الأمين في عام 198هـ أوصى غسان بن عباد والي خراسان بأن يكافئهم، فامتثل الوالي لأوامر الخليفة، وعين نوح بن أسد والياً على سمرقند وأحمد بن أسد على فرغانة، أما شقيقهما يحيى فقد عين والياً على الشاش وأشروسنة، فيما اختص الأخ الأصغر الياس بولاية هراة· وعندما توفي نوح خلفه أخوه أحمد الذي جمع بين ولاتي سمرقند وفرغان وذلك في عام 227هـ، وعهد أحمد بهذه الولاية الكبيرة لابنه نصر في أعقاب وفاته عام 250هـ· ويعتبر نصر بن أحمد المؤسس الحقيقي لدولة السامانيين، وذلك بعد أن قام الخليفة المعتمد على الله العباسي بتعيينه حاكماً على بلاد ما وراء النهر في سنة 261هـ ''874م'' ليحل مكان الولاة من بني طاهر الذين أقصوا عن حكم هذه البلاد على يد يعقوب بن الليث الصفار· وخلال عهد نصر بن أحمد الذي توفي عام 279هـ وابنه إسماعيل أصبحت سمرقند وبخارى من أهم الحواضر الإسلامية، لاسيما بعد نجاح إسماعيل في انتزاع خراسان من أيدي الصفاريين سنة 287هـ حيث أصبح السامانيون أسياد خراسان والتركستان بقسميه الشرقي والغربي· ورغم أن آل سامان ينتمون في الأصل الى العنصر التركي فإنهم دعموا الحركة الثقافية الفارسية، وفي بلاطهم ولدت اللغة الفارسية الإسلامية كلغة ثقافية تكتب بالحرف العربي وتؤلف بها الكتب والأشعار· ولكن الأمراء السامانيين تركوا من بعد اسماعيل تسيير الأمور العسكرية لمماليكهم من الأتراك الذين هيمنوا تدريجياً على مقاليد الأمور الى أن استطاع أحدهم وهو البتكين أن يؤسس الدولة الغزنوية في سنة 351هـ ويستولي الغزنويون بعد ذلك على أجزاء من ملك السامانيين جنوب نهر جيحون في سنة 384هـ ''994م''، أما المناطق الواقعة في شمال هذا النهر فقد تكفل ايلك خانات تركستان ما وراء النهر وبخارى بالاستيلاء عليها في عام 382هـ ''992م''، وما لبثت الأسرة السامانية أن انقرضت نهائياً في عام 389هـ ''999م''· أطماع سياسية وضرب السامانيون عملاتهم من معدني الذهب والفضة، وتعكس كتاباتها ونقوشها حقيقة الأوضاع السياسية للأمراء الذين ظهرت أسماؤهم على العملات الى جانب اسماء خلفاء العباسيين من أمثال المقتدر بالله والقاهر بالله بالاضافة الى اسم المعتمد على الله· فعلى وجه الدنانير نجد كتابة مركزية تتوج بلفظ الجلالة ''الله''، ثم اسم الرسول صلى الله عليه وسلم ''محمد رسول الله'' واسم الخليفة العباسي، وأخيرا اسم الوالي الساماني ''نصر بن أحمد أو إسماعيل بن نصر''، وفي هامش الوجه الاقتباس القرآني ''محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون''· أما الظهر فكانت تسجل في مركزه ثلاثة أسطر متوازية ''لا إله إلا الله وحده لا شريك له''، بينما تتوزع كتابات الهامش بين هامش داخلي يحتوي الاقتباس القرآني الذي طرأ على النقود العباسية منذ استيلاء المأمون على الخلافة ''لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله''، وهامش خارجي يحتوي عبارة السك التي حملت اشارات الى دور السك المختلفة التي ضرب بها السامانيون دنانيرهم ودراهمهم مثل بخارى وسمرقند ونيسابور ومرو· وتميزت نقوش الدنانير السامانية بثبات واضح لالتزامها الشديد بالطراز العام للدنانير العباسية، ولا يكاد يفرق بينها وبين مثيلاتها المضروبة في مدن الخلافة المختلفة سوى اسماء الحكام السامانيين التي كانت تنقش أسفل أسماء الخلفاء على مركز الوجه، وأيضا الإشارة الى اسم دار الضرب الواقعة في خراسان أو بلاد ما وراء النهر· استثناء ولا توجد استثناءات من هذه القاعدة سوى في دينار من ضرب سنة 306هـ بمدينة نيسابور في ولاية إسماعيل بن أحمد حيث نقش أسفل عبارة التوحيد بمركز الظهر ''لا إله إلا/ الله وحده/ لا شريك له'' اسم ''أحمد بن سهيل'' في ذات المكان الذي كان يخصص في الدنانير العباسية لاسم ولي العهد· وأحمد بن سهيل هذا كان واحدا من القادة الأتراك في الدولة السامانية أرسله إسماعيل لإخماد إحدى الثوراث ممنياً إياه بإقطاع أو مكافأة مالية جزيلة إذا نجح في مسعاه، ولكن الأمير الساماني تنكر لوعوده مما دفع بأحمد الى ان يبعث للخلافة في بغداد يطلب توليته على بلاد خراسان، ووضع الأمير إسماعيل نهاية لتمرده بعد عامين فقط من ضرب هذا الدينار الذي حمل اسمه على سبيل الاسترضاء وفي إطار الوعود السخية التي بذلها إسماعيل لقائده·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©