الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف نبدأ الإصلاح (2)

كيف نبدأ الإصلاح (2)
9 أكتوبر 2007 23:37
بعد إصلاح مؤسسات الإصلاح نحتاج إلى تقديم فكر إيجابي وتفكير مستقبلي يركز على الحلول ويبتعد ما أمكن عن السلبيات والانتقادات وكشف العيوب وهتك الأستار، فعملية الإصلاح لا تحتاج إلى مجرد فضح السابق وكشف عدم جدواه والدعوة إلى التخلص منه بل على العكس من ذلك تماماً فإن أولى خطواتها تقديم حلول للمشاكل التي تواجهها الأمة سواء أكانت مشاكل كبيرة كالفقر والأمية والتناحر والتفرق والتخلف العلمي والتعليمي والسلبية الثقافية أو كانت مشاكل صغيرة مثل النظافة والنظام واحترام الوقت وروح الفريق والاخلاص في العمل والإتقان ومراعاة الله سبحانه وتعالى في الوظيفة·· الخ· كل تلك المشاكل يمكن معالجتها من خلال تقديم حلول ونماذج تبين للناس كيف تكون الحياة الطيبة التي أرادها الله للإنسان، وتوضح لهم ان ما هم عليه ليس هو الصالح ولا ينبغي الاحتفاظ به أو المحافظة عليه وان هناك أسلوبا آخر للحياة نابعا من قيم الإسلام يمكن للإنسان به ان يحيا حياة طيبة في الدنيا وينال رضا الله سبحانه وتعالى في الآخرة· ومنهج تقديم الحلول هو المنهج الأسلم والأصوب في معالجة المشاكل؛ لأنه يزيل واحدة من أهم عقبات الإصلاح وهي مقاومة الإصلاح من قبل من ألفوا ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم أو ممن لهم مصالح يخشون ضياعها أو مراكز يخافون على تراجعها· لذلك فإن تقديم النماذج الناجحة والحلول المناسبة يكون هو الأفضل والأسلم· فهل نستطيع ان ننطلق من خلال النظر الى مواطن النجاح في الواقع الإسلامي وفي التاريخ ونقدمها للناس لعلهم يستفيدون منها ونترك مهنة النقد واللعن والسب؟ هل نستطيع ان نكون ايجابيين، ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؟ إن تحقيق الإصلاح من خلال التركيز على الحلول أكثر من التركيز على المشاكل وتقديم النماذج أكثر من مجرد الحديث عن الإصلاح، ليس أمراً صعباً أو مستحيلاً، فواقعنا العربي والإسلامي على ما فيه من مواطن الفشل والتخلف إلا انه لن يخلو من بقع نور مضيئة يمكن الانطلاق منها وتعظيمها ، كذلك فإن تاريخنا الإسلامي مليء بالتجارب الناجحة التي اذا ما تمت الاستفادة منها وترجمتها الى لغة العصر العملية فإن المنتوج سيكون عظيماً·· ويكفي هنا أن أذكر نموذجاً واحداً حدث عندما دخل العثمانيون مصر في 1517م كان من القرارات التي اتخذها السلطان سليم الأول تنظيف شوارع القاهرة وتسليم القمامة والنفايات التي تم جمعها الى الحمامات العامة مجانا لتستخدم كوقود، فأدى ذلك الى انخفاض شديد في اسعار استخدام الحمامات ومن ثم زاد استخدامها من قبل من يستخدمونها وتعددت مرات الاستحمام اسبوعيا بالنسبة لهم ودخلت طبقة جديدة من الفقراء والمساكين الى هذه الحمامات·· والى جانب ذلك فقد كان من عادة من يطبخون الفول المدمس و''البليلة'' أو القمح باللبن والحمص والعدس أن يضعوا قدورهم بجانب موقد الحمام العام نظير أجر معين، وحيث ان الوقود أصبح مجانا فإن صاحب الحمام لم يعد يأخذ منهم أجراً وانخفضت أسعار المأكولات الأساسية لعامة الناس·· وبذلك تحققت نتائج ثلاث أساسية: انتشار النظافة في الشوارع والطرقات وتحسن نظافة الناس وزيادة نشاطهم وحيويتهم وتوفر الأطعمة الأساسية بصورة رخيصة، فكم من القرارات اليوم يمكن ان نتخذها فتؤدي الى متوالية للاصلاح مثل هذه·· أعتقد انها كثيرة جداً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©