الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثورة تويتر

22 ابريل 2009 05:10
لفترة طويلة انتظرنا حدوث فوران سياسي في أعقاب كل تغير تقني.وفي السابع من أبريل الحالي بدا وكأن هذا الفوران قد جاء أخيراً.فمن دولة مولدوفيا تحديداً، خرجت أنباء عن ثورة جديدة يطلق عليها ''ثورة تويتر''(في إشارة لموقع تويتر، وهو موقع شبكات اجتماعية). ففي هذه الدولة ـ التي تظهر عادة في المسوحات العالمية باعتبارها أكثر دول العالم تعاسة على الإطلاق، استخدمت مجموعة من الشبان والشابات رسائل شبكة ''تويتر''، والرسائل النصية الهاتفية، وشبكة ''فيس بوك'' من أجل تنظيم مظاهرة من أجل الديمقراطية، وضد الانتخابات المزورة. وفي هذه المظاهرة بدت التقنية الجديدة، وكأنها تقف في مواجهة الأوتوقراطية القديمة في قصة خبرية من تلك القصص الجديرة بالنشر في الصفحات الأولى.وفقا لتفاصيل هذه القصة، كان هناك جانبان: أحدهما يقف فيه الرئيس المولدوفي الشيوعي'' فلاديمير فورونين'' الذي كان يشغل منصباً قياديا في الخدمات السرية في الحقبة السوفييتية. وفي الجانب الآخر كانت تقف قوى الاعتدال، والشباب، والشبكات الاجتماعية.كان الديمقراطيون الشباب يتوقعون خروج ألف متظاهر، ولكن ما حدث أن عدد الذين خرجوا وصل -بفضل التقنية في المقام الأول -إلى ما يزيد عن عشرة آلاف متظاهر. بدا الأمر جيداً للغاية بصورة تدعو للشك في أنه حقيقي، واتضح فيما بعد أنه كان كذلك بالفعل. فما يتضح الآن، للأسف!، هو أنه لم تكن هناك ثورة ''تويتر'' في مولدوفيا، ليس لأن عدد مستخدمي موقع'' تويتر'' في هذا البلد كان محدودا للغاية، وإنما لأن عدد المتظاهرين غير المتوقع، والذي يعد رقما ضخما بالنسبة لدولة بائسة مثل مولدوفيا، لم يكن ناتجا تلقائيا من نواتج تقدم تقني في وسائل الاتصال والتواصل. ولم يكن من قبيل الصدفة أيضاً أن تتحول المظاهرة من السلم إلى العنف، وتشعل النار في المباني الحكومية، وترفع العلم الروماني على قبة مبنى البرلمان. لا أريد أن أبالغ، كما لا أريد في نفس الوقت الانضمام إلى تلك الجوقة من خبراء نظرية المؤامرة، ولكن الشيء الذي كان واضحاً للعيان أن ذلك الحدث لم يكن منظماً بشكل جيد بما يكفي لإدراجه في خانة المؤامرات، لأن تلك المظاهرات لم تبد حتى بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا حاضرين أثناءها كمظاهرة تلقائية تشارك فيها جموع من الشبان والشابات الذين يريدون بناء مستقبل أفضل.كما أن المعارضة المولدوفية ليست قوية أو منظمة بالدرجة التي تسمح لها بإلهام حركة مثل هذه سواء عن طريق '' تويتر'' أو بدونه. والنقطة الأهم في سياق التدليل على أن المظاهرة قد جرى التلاعب فيها، أنه قد أمكن التعرف فوراً على شخصية المتظاهرين الأكثر عنفاً من قبل المراقبين الغربيين والسياسيين المحليين، والذين تبين أنهم من رجال الأمن المولدوفيين. وقد قال لي أحد المراقبين إن ما دفعه للشك أنه كان من الصعب على المتظاهرين العاديين التسلق إلى سطح البرلمان دون استخدام أدوات ومعدات خاصة، ودون تجهيز مسبق ناهيك عن القيام بعد ذلك بتثبيت علم روماني فوق هذه القبة. نخلص من ذلك إلى أن ما شاهدناه على ''يو تيوب'' لم يكن ''ثورة تويتر'' جديدة، وإنما نوعاً جديدة من الثورات المستغلة التي ليست برتقالية أو وردية وإنما مجرد ثورة تم استغلالها وتحريفها عن طريقها. مع ذلك اتنبأ بأن ما حدث في مولدوفيا، هو علامة على أن مزيدا من أمثال هذه الثورة سوف يندلع فسيناريو محبوك بهذه الدرجة التي تجعل البعض على الأقل يشكون أنه ما يرونه أمامهم كان حقيقيا جدير بأن يجد طريقه للتطبيق في دول أخرى غير مولدوفيا. آن أبلباوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©