الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسبانيا والوساطة بين واشنطن وأميركا اللاتينية

إسبانيا والوساطة بين واشنطن وأميركا اللاتينية
22 ابريل 2009 05:09
في الوقت الذي يسعى فيه أوباما إلى تجديد علاقات بلاده مع أميركا اللاتينية ووضعها في مسارها الصحيح، يبرز الدور الإسباني الذي سيكون مهماً في تعزيز هذه العلاقات من خلال قنوات دبلوماسية غير معلنة تستخدم مع بلدان مثل فنزويلا وكوبا. فقد شرعت إسبانيا التي تعتبر ثاني أكبر دولة تتمتع بنفوذ كبير في أميركا اللاتينية بعد الولايات المتحدة في الاضطلاع بدور مهم لجهة تطوير أجندة مشتركة بين ضفتي المحيط الأطلسي، تدعم الأهداف المشتركة للبلدين فيما يتعلق بمكافحة المخدرات، وترسيخ حقوق الإنسان، فضلا عن تعزيز المؤسسات الديمقراطية. ومن جانبها أبدت إدارة أوباما التي أدركت الاهتمام المتزايد بأميركا اللاتينية من قبل الصين وروسيا رغبتها في التعاون مع إسبانيا وإقامـــة شراكة جديدة معها، تهم أميركا اللاتينية لما سيكون لذلك من تداعيات عميقة على العلاقات الأميركية مع جاراتها الجنوبية، لاسيما الحكومات المزعجة مثل فنزويلا وبوليفيا ونيكاراجوا وكوبا وبدرجة أقل الإكوادور والأرجنتين. ويعبر عن هذا التوجه الأميركي الجديد تجاه أميركا اللاتينية والتعاون مع مدريد لبلورة أجندة مشتركة السفير الإسباني لدى الولايات المتحدة، ''جورجي ديسكالار دي مساريدو'' قائلاً: هناك جهد أميركي واضح للحديث عن أميركا اللاتينية، فعندما أكلمهم عن قضايا أخرى يستمعون، لكن عندما ينتقل الحديث إلى أميركا اللاتينية يشرعون في تدوين الملاحظات''. ومع أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتبنيان نفس الأهداف السياسية الكبرى تجاه أميركا اللاتينية، إلا أنهما يختلفان في الأساليب المتبعة، كما اتضح ذلك من اتخاذ الاتحاد الأوروبي قراراً منفرداً برفع العقوبات المفروضة على كوبا، وتأتي الجهود الأميركية الأخيرة لاعتماد مقاربة مشتركة مع الأوروبيين في الوقت، الذي أعلن فيه أوباما عن سياسة جديدة تجاه أميركا اللاتينية خلال قمة الأميركيتين الأخيرة بترينيداد وتوباجو. ويُعتقد أن إسبانيا تقوم بدور مهم في دعم الحوار بين كوبا والولايات المتحدة، لا سيما بعدما أيدت مدريد قرار إدارة أوباما الأخيرة بتخفيف قيود إرسال الحوالات المالية إلى كوبا، وفتح المجال أمام الشركات الأميركية للاستثمار في قطاع الاتصالات بالجزيرة، وهي الخطوة التي رد عليها الرئيس الكوبي ''راؤول كاسترو'' إيجابياً بقوله ''لقد بعثنا برسائل إلى الحكومة الأميركية سواء في العلن، أو في الخفاء وأعربنا عن استعدادنا لمناقشة جميع القضايا متى ما شاؤوا ذلك''. ولم يتأكد بعد ما إذا كانت إسبانيا تقوم بدور الوسيط بين البلدين، لكن مصادر دبلوماسية مطلعة في وزارة الخارجية الإسبانية طلبت عدم الإفصاح عن اسمها قالت إن أوباما ونظيره الإسباني ثاباتيرو ناقشا الخطة الأميركية للانفتاح على كوبا خلال لقائهما الأول مطلع الشهر الجاري في براغ.وفي هذا السياق أيضاً أكد السفير ''ديسكالار'' أن الولايات المتحدة سبق أن طلبت من إسبانبا التدخل نيابة عنها عندما كانت تصطدم بقادة أميركا اللاتينية، رغم أنه امتنع عن إعطاء أمثلة ملموسة، مكتفياً بالقول ''إنهم يدركون قدرتنا على تمرير الرسائل والتخفيف من حدة التوتر كبيراً كان، أم صغيراً''. وفي هذه المرحلة حيث الحوار الأميركي الكوبي، مازال في بدايته سيكون الدور الإسباني حيوياً لإنجاح الجهد الدبلوماسي الشاق، الذي ينتظر الولايات المتحدة، وهو ما يشدد عليه الخبير في شؤون أميركا اللاتينية بجامعة فلوريدا ''إيدواردو جامارا'' قائلا: ''إنها بداية جيدة، لكن على الولايات المتحدة إبراز قدر كبير من النوايا الحسنة لإقامة علاقات كاملة مع كوبا، ولا أعتقد أن ذلك سيحدث دون وساطة قوية''. ويضيف ''جوستافو بالوماريس''، الذي يُدرس السياسة الخارجية الأميركية بالأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الإسبانية أن مدريد ستلعب دوراً حاسماً لإتمام هذه الجهود وستتعزز مكانتها جراء ذلك قائلا ''سيعود الأمر لإسبانيا كي تقوي العلاقة بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، وستبدأ مرحلة جديدة من التنسيق الثنائي بدل المنافسة''.لكن ''بالوماريس'' ينفي قيام إسبانيا بوساطة تقليدية بين واشنطن وعواصم أميركا اللاتينية، بل ستكتفي مدريد على حد قوله بالعمل خلف الكواليس معبراً عن ذلك بقوله ''سنشهد ثورة حقيقية في مجال التعاون بين إسبانيا وأميركا، وسننتقل من الأسلوب التقليدي في التمييز بين الدور الإيجابي والدور السلبي إلى تقاسم الأدوار وإعادة تحديد المسؤوليات''. غير أن هناك بعض المراقبين ممن يرون أن بلورة أجندة مشتركة بين ضفتي الأطلسي سيستغرق وقتاً طويلا، فبعد تولي إسبانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع العام ،2010 سيترأس الاتحاد قمتين منفصلتين لرؤساء الدول ستكون الأولى مع الولايات المتحدة والثانية مع أميركا اللاتينية مع استبعاد بعض الدبلوماسيين حصول تغيير جذري في سياسة واشنطن تجاه دول أميركا الجنوبية. وحسب رأي الخبراء، ستكون الولايات المتحدة وإسبانيا والاتحاد الأوروبي الرابح الأكبر من تجديد العلاقات مع أميركا اللاتينية، فالتحرك المشترك بين تلك الأطراف يمكن احتواء النفوذ الجيوسياسي المتصاعد لبعض اللاعبين الدوليين الذين استفادوا من توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، فعلى سبيل المثال وقعت الصين خلال السنة الجارية فقط صفقات نفطية تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار مع فنزويلا والبرازيل والإيكوادور، بل حتى كولومبيا التي تعتبر إحدى أهم حلفاء أميركا في المنطقة دعت بكين إلى تعزيز استثمارتها في البلاد. وفي هذا الإطار يقول ''إدواردو جامارا''، الخبير في شؤون أميركا اللاتينية ''لقد ولى عهد ما كان يعرف بعقيدة مونرو''، محيلا إلى السياسة الأميركية التي تعاملت مع دول أميركا اللاتينية، وكأنها ساحتها الخلفية تملي عليها سياساتها الخاصة وتفرض عليها أجندة معينة، مضيفاً ''لن نرى مستقبلا استعراضاً للعضلات من قبل واشنطن في المنطقة، فأميركا ستسعى إلى الحفاظ على مصالحها لكن بوسائل أخرى، وهنا يبرز الدور الإسباني''. أندري كالا- مدريد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©