الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمرو فكري أحد دراويش التشكيل الإسلامي

عمرو فكري أحد دراويش التشكيل الإسلامي
8 أكتوبر 2007 21:27
قبل تخرجه في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عشق الفنان عمرو فكري الكاميرا، واستطاع أن يبدع صورا من شوارع القاهرة التاريخية وحواريها ومقابرها، ثم ركز على كل ما له علاقة بالروح فاندفع نحو تصوير الجماعات الصوفية والموالد والحضرات والمقامات والجوامع العتيقة والبشر، وتكونت لديه مئات الصور التي تجسد عالم الصوفية وتدخل في الصور بالاضافات والحذف والتكرار لتخرج اعماله قطعا فنية توحي بالروحانيات والتعمق في فهم الدين الاسلامي الحنيف، وتقديمه برؤية متجددة· وصور وأعمال عمرو فكري فيها فكرة المركز أو القلب الذي يشع منه النور وتلتف حوله كافة الموتيقات الاسلامية التي تمهد لجو تراثي كالمشربيات والمشكاوات والعرائس والمقامات والخط العربي، وتتضافر كافة العناصر لتكون لوحة تثير لدى نفس المتلقي التأمل ومحاولة فهم الدين بوعي· وفي معرضه الأخير المستوحى من كتاب ''مواقف'' للقطب الصوفي الكبير النفري تجاور اللوحات نصوصا للنفري وأبرزها عبارة ''انظر بعين قلبك الى قلبك، وانظر بقلبك كله اليَّ، إذا رأيتني استوى الكشف والحجاب''، وفي موضع آخر تتطابق اللوحة بألوانها المتعددة مع عبارة ''بدأت فخلقت الفرق فلا شيء مني ولا أنا منه، وعدت فخلقت الجمع، فيه اجتمعت المتفرقات''· ويقول الفنان عمرو فكري إن الموضوع بدأ معه بانجذاب يشبه انجذاب دراويش الصوفية، فالكاميرا أخذته الى مناطق جديدة وعكست المتواري بداخله ووجد نفسه ذاهبة الى الصوفية وعوالمهم وعاش معهم لحظات حميمة وأعجبته الحكمة في فكر الصوفية خاصة انه فكر نابع من الثقافة الاسلامية ومن خلاله يمكن للشخص أن يحدد الزاوية التي يري منها الحياة برؤية وعمق، والتصوير بالنسبة له اعتمد على فطرية النفس واستيعاب الأشياء· حكمة صوفية ويضيف انه انجذب للحكمة في فكر الصوفية وكانت الأقرب لشخصيته وثقافته فعاش الحضرات التي يقيمونها وتواجد في الموالد وحلقات الذكر وانجذب اكثر الى الفكر المكتوب لأقطاب الصوفية كالحلاج والنفري وابن عربي، وارتاح بقلبه وعقله الى الصوفية باعتبارها تسعى للحرية والوصول الى الله من خلال رحلة لا تنتهي، وعكست كاميرته الاماكن التي يتواجد فيها الصوفية كالأضرحة والمقامات والمساجد وحالات البشر وبالذات طريقة المولوية احدى أشهر الطرق الصوفية التي تعكس الحالة الروحانية وتفتح القلب وتتمرد على حدود العقل للوصول الى مراحل أعلى· ويقول انه يعتمد في التصوير على اللحظة الروحانية التي تمتاز بالمعنى والعمق من خلال الاماكن والاشخاص وفكرة المركز التي تمثل الحياة عند الصوفية، فهذا المركز يضم الأحداث والزمن والسلوك وأحيانا يتجاوز كل ذلك للوصول لشيء أعلى مثل اللانهائي أو الله، ومن أجل هذه المعاني لا يتوقف عند التقاط الصور الفوتوغرافية فقط وانما يضيف اليها ويحذف منها وأحيانا يضيف ألوانا أو كتابات تساعده على الوصول الى مبتغاه وتثير التأمل والتفكير والاحساس، فكما يقول الصوفية افتح قلبك واجتهد في النظر الى الاشياء بعمق حتى تخرج الطاقة الموجودة بداخلها، وهنا يكمن سر الرسالة المقدسة وهي الوصول الى الله· فن متجدد وأكد عمرو فكري ان جمهور معارضه ليس من المثقفين فقط بل من البسطاء لأنه يحاول أن يخرج في أعماله المشاعر الانسانية حتى يفهم كل الناس أعماله ويقبلوا عليها وهو ما حدث، فالبسطاء تأثروا بالأعمال وكذلك الاوروبيون، والفارق ان البسطاء شعروا بأن تلك الأعمال جزء من تراثهم وثقافتهم بينما تعامل الاوروبيون معها من منطلق انها اعمال ذات ثقافة خاصة تمتاز بالابداع والتجدد ونابعة من ثقافة اسلامية راسخة وليس كما يشاع عن أنها ثقافة محدودة قدمت فنا سطحيا أو للديكور فقط، وهذه آراء مغلوطة قال بها الغرب لأنهم لم يفهموا هذا الفن الراقي المتجدد وانه فن عملي وكل الآثار التي تركها تؤكد ذلك من الابريق والسجاد وحتى المشربية والعمارة بتفاصيلها المختلفة كما ان التصاميم الهندسية الخاصة بالفنون الاسلامية تعكس رؤية للكون وليست مجرد اشكال· وقال انه لا يقدم أعماله للغرب بصفة المدافع عن الاسلام لانه ليس في وضع اتهام بل يسعى الى التحقق في أعماله والاخلاص في التعبير عن الفن الاسلامي بشكل يؤكد جمال هذا الفن وتجدده على مر العصور، ومن عظمة هذا الفن انه متنوع ولا يوجد شكل واحد للاشياء فيه فالقبة يختلف شكلها في تركيا عن ايران ومصر وكذلك الوحدات الزخرفية تختلف في مصر عن الاندلس، وهذه الحرية والتنوع تؤكد الفهم وعدم السعي لفرض ثقافة واحدة، فكل دولة اعطاها الفن الاسلامي فرصة لتعبر عن تجربتها الاسلامية من خلال احتياجاتها ووظائفها، والتوحد فقط يكون في التجريد واللغة والمعنى· وحول تطعيم لوحاته بالعناصر الاسلامية يقول الفنان عمرو فكري انه يعتبر كل العناصر والوحدات الاسلامية الموجودة في اعماله كالزخارف والخط والموتيقات مجرد مفاتيح للوصول الى الرسالة التي يسعى لتقديمها للمتلقي فهذه العناصر تقرب الموضوع وتجعل المتلقي في قلب الحدث وتدفعه للتفكير بعمق للوصول الى مركز الحدث، أما عنصر الخط فانه يلجأ اليه خاصة خط الثلث باعتباره احدى الوسائل المهمة لبث الروح والجمال في موضوع العمل، والمهم في استخدام تلك العناصر الا تكون مباشرة حتى لا تفسد المعنى المراد· إبداع بلا حدود يرفض الفنان عمرو فكري القول بانه امتداد للفنان الاسلامي لأن كم الخبرات والمعارف التي تراكمت في حياته جعلته لا يلجأ الى التقليد وانما يسعى الى التجديد والبحث عن افكار لم تطرأ على ذهن الفنان المسلم الأول على مستوى اللغة والادوات المستخدمة والخامات كالكاميرا وجهاز الحاسب الآلي وكاميرا الفيديو وبعض الأكاسيد والاحبار ويرى ان هذا التجدد من روح الاسلام، ويؤكد ان الفن الاسلامي يقبل التجدد والابداع ولا يتوقف عند حدود·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©