التيسير يقي من الوسوسة

من القواعد الفقهية التي يتداولها الفقهاء قاعدة ''التيسير''· ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة -استاذ الفقه بجامعة الأزهر: يستدل على قاعدة التيسير بقوله تعالى في سورة البقرة: (يريد الله بكم اليسر) أي التيسير بالنسبة الى النفس والغير، ويشمله ايضا قوله صلى الله عليه وسلم للشاب الذي أنهكته العبادة ما معناه: ''إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى''· والتعسير الذي هو خلاف التيسير وليد جملة من الصفات الذميمة محرمة أو مكروهة لانه يؤدي الى تعقيد الامور مما يؤدي الى نتيجة توجب الهم والحزن والغضب وسوء الاخلاق وتوتر الاعصاب والقنوط والإحباط· ويضيف الدكتور كريمة: من لطائف هذه القاعدة وهي امثلة تدل على التعسير خلافاً لمعنى القاعدة: التدقيق في الوضوء والغسل والتيمم والصلاة وإخراج الحروف عن المخارج بدقة وكذلك في قراءة القرآن والأدعية والذكر وفي غسل الميت وتجهيزه والاعتكاف بألا يخرج من المسجد حتى في أشد الحاجات الدينية أو الدنيوية· ومنها أيضا المحافظة على النساء الى حد الوسوسة أو الاتهام والشك، والتعقيد عند اختيار الزوجة أو الزوج في الاخلاق أو السلوك، وفي خصوصيات المباشرة والمعاشرة وفي تربية الأولاد وادارة أمور البيت· والتدقيق في النظافة لدرجة الوسوسة، وفي الاكل وفي الشرب وفي اللباس وفي المركب وفي المسكن والمتجر والبستان، فإنه قد يدقق ويعسر الانسان في كل هذه الامور، وقد يتساهل، وورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه: ''إن المؤمن سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء'' أي أن المؤمن سهل المعاملات الفردية والاجتماعية· وأضاف: الأصل التسهيل على النفس، فإن من يصعب على نفسه يصيبه الحرج والعنت بلا فائدة، بل يوجب ذلك تنفيره من الامور، ولذا قال علي -رضي الله عنه- ما معناه: ''إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان فابتغوا لها طرائف الحكمة''· ومن التعسير ايضا التدقيق في أخطاء الناس، وعدم نسيان سيئاتهم السابقة، حيث يدقق الناس النظر في أمر الجار والصديق والشريك في العمل· ويؤكد الدكتور كريمة أهمية التيسير والتسهيل انطلاقاً من هذه القاعدة الفقهية، ولكن بدون التيسير في الواجبات والمحرمات المحددة شرعاً، فالتسهيل لا يكون إلا في موارد الضرر الأكبر والاضطرار، فالرسول صلى الله عليه وسلم عفا عمن فرّ من الزحف ولم يعاقب من لم يقبل حكمه في متعة الحج، وعفا عمن كان مهدور الدم وعن أهل مكة·