السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإسلام والعولمة والإرهاب

الإسلام والعولمة والإرهاب
29 مارس 2008 01:22
يأخذنا الباحث والمترجم المغربي عزيز لزرق عبر صفحات هذا الكتاب ''الإسلام والعولمة والإرهاب/ تداعيات الحاضر'' لنتعرف إلى آراء وأبحاث ومقالات فكرية وفلسفية لعدد من قامات الفكر الحديث، المهتمين بالقضايا الكبرى والتي تشغل بال العالم في الوقت الحاضر، ومن بين هذه القضايا كما ورد في عنوان الكتاب· صيحة ديريدا في الفصل الأول من الكتاب يكتب جاك ديريدا عن العالم ليس على ما يرام، لقد استنزف ولكن لا يمكننا حصر حجم هذا الاستنزاف· هل هي شيخوخة أم شباب، لم نعد نعرف كيف نحدد ذلك!، لقد أصبح للعالم أكثر من عمر· إننا نفتقد لقياس القياس· إننا لا نأخذ بعين الاعتبار هذا الاستنزاف، ولا ندركه وكأننا بصدد نفس العمر داخل صيرورة التاريخ· لا يتعلق الأمر لا بنضج، ولا بأزمة، ولا باحتضار، بل بشيء آخر· إن ما يحدث الآن يحدث في نفس العمر، لكي يوجه ضربة لنظام إلغائي في التاريخ· ومن أسباب قتامة العالم التي أشار إليها ديريدا في نصه (البطالة)، والتي اعتبرها اختلالا ناتجا عن حساب دقيق تقريبا للسوق الجديدة وللتكنولوجيات الجديدة ولتنافسية عالمية جديدة، الإقصاء الكبير للمواطنين الذين هم محرومون من المشاركة في الحياة الديمقراطية، الحرب الاقتصادية، مضاعفة الدَّين الخارجي، اتساع دائرة التسلُّح الذري، تضاعف الحروب ما بين الإثنيات، صناعة وتجارة التسلح· إن نظرة ديريدا التشاؤمية لا تقل عن نظيراتها لدى المفكر الفرنسي الشهير جون بودريار الذي يتساءل في مستهل بحثه ''العولمة والإرهاب'' هل العولمة قدر لا مناص منه؟ كل الثقافات الأخرى المغايرة لثقافتنا تنفلت بهذه الطريقة أو تلك من قدرية التبادل اللامبالي، أين تكمن العتبة النقدية للانتقال نحو ما هو كوني، ثم نحو ما هو عالمي؟ ما طبيعة الدوار الذي يدفع العالم نحو تجريد الفكرة، وما ذاك الدوار الآخر الذي يدفع في اتجاه التحقيق اللامشروط للفكرة؟· كان ما هو كوني عبارة فقط عن فكرة، وعندما تحقق في ما هو عالمي انتحر كفكرة، وكغاية مثالية· وحده ما هو إنساني أصبح سلطة مرجعية، فبعد أن احتلت الإنسانية المتأصلة في ذاتها المكانة الفارغة التي خلقتها فكرة موت الله، أصبح ما هو إنساني هو السائد وحده، ولكن لم تعد له قط تلك العلة الغائية· من هنا، يتجلى عنف ما هو عالمي، عنف نسق يطارد كل شكل من أشكال السلب، والتفرد، بما في ذلك هذا الشكل المتطرف من التفرد والمتعلق بالموت ذاته، إنه عنف يعمل إلى حد ما على القضاء على العنف ذاته، إنه يعمل من أجل عالم متحرر من كل نظام طبيعي، سواء تعلق الأمر بالجسد، أو بالولادة، أو بالموت· يتعلق الأمر بشيء أكثر من العنف، علينا أن نتحدث عن عنف شرس· إنه عنف فيروسي: يحدث عن طريق العدوى، وفي شكل نتائج متوالدة، ويعمل شيئاً فشيئاً على تدمير مناعتنا وقدرتنا على المقاومة''· ومع ذلك فالأمر كما يراه بودريار لم ينته بعد، والعولمة لم تنتصر سلفا· ولمواجهة هذه القوة الداعية إلى التجانس وإلى الذوبان، نلاحظ في كل مكان ظهور قوى غير متجانسة - إنها ليست فقط قوى مختلفة، بل متعارضة - فعلاوة على أنواع مقاومات العولمة، والتي تزداد قوة أكثر فأكثر، هناك مقاومات اجتماعية وسياسية، يجب أن ننظر إليها ليس فقط باعتبارها تعبر عن رفض عتيق: بل باعتبارها نوعاً من النزوعات التعديلية الممزقة بالنسبة لمكتسبات الحداثة و''التقدم''، إنها رفض ليس فقط للبنية التكنولوجية المتعلقة بالعولمة، بل رفض للبنية العقلية التي تعمل على الموازاة بين كل الثقافات· يمكن أن يتخذ هذا الانبثاق الجديد مظاهر عنيفة، شاذة، لا عقلانية، اتجاه فكرنا المستنير - يتعلق الأمر بأشكال جماعية إثنية، دينية، لسانية - ولكنها أشكال فردية، مزاجية أو عصابية· يرى بودريار في هذا الكتاب أن الإرهاب ظاهرة لا أخلاقية· فحدث مركز التجارة العالمي، بما هو تحد رمزي، هو حدث لا أخلاقي· يشكل رد فعل ضد عولمة هي ذاتها لا أخلاقية، فلنكن نحن أيضاً لا أخلاقيين، وإذا ما أردنا أن نفهم شيئاً مما يحدث علينا أن ننظر فيما وراء الخير والشر، ولنحاول ولو لمرة واحدة ما دمنا أمام حدث يتحدى ليس فقط الأخلاق، ولكن كل أنماط التأويل· أن نكون على بينة من الشر، إن المسألة الحاسمة توجد تحديداً هنا: في هذا التفسير الخاطئ كلياً والذي أعطته الفلسفة الغربية، وفلسفة الأنوار لعلاقة الخير بالشر· اختلال التوازن ومن هنا يعرفنا بودريار بنظرته الثاقبة إلى مكان الخلل حين يرى أنه في العالم التقليدي كان هناك توازن بين الخير والشر، في إطار علاقة دياليكتيكية تضمن تشدد وتوازن العالم الأخلاقي -يتعلق الأمر بشيء شبيه بما عرفته الحرب الباردة من مواجهة بين القوتين العظمتين، مواجهة كانت تضمن توازن الرعب- وبالتالي فليس هناك تفوق لهذا الطرف على ذلك· إلا أن هذا التوازن اختل انطلاقاً من اللحظة التي أصبح فيها ثمة تعميم كلي للخير (هيمنة ما هو ايجابي على أي شكل سلبي كيف ما كان، إقصاء الموت، وإقصاء كل قوة يمكن أن تكون قوة مضادة، وبالتالي انتصار كلي للخير)· من هنا اختل التوازن وبدا كما لو أن الشر أصبح يتمتع باستقلالية خفية، وغدا ينمو بشكل متضاعف· صدر هذا الكتاب ضمن منشورات بابل كلمات بالمغرب وجاء في 235 صفحة من القطع المتوسط· التحدي الرمزي أن الإرهاب ظاهرة لا أخلاقية وحدث مركز التجارة العالمي بما هو تحد رمزي هو حدث غير أخلاقي
المصدر: المغرب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©