الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء يدخلن في "إضراب عن الإنجاب"

نساء يدخلن في "إضراب عن الإنجاب"
9 مارس 2017 18:31
تقبل النساء في كوريا الجنوبية على ما بات يعرف باسم "الإضراب عن الإنجاب" بسبب صعوبة الجمع بين العمل وواجبات تربية الأطفال، في الوقت الذي تجهد فيه السلطات لرفع نسبة الإنجاب التي تعد الأدنى في العالم. في الآونة الاخيرة، أثارت وفاة أم موظفة رفيعة في وزارة الشؤون الاجتماعية تحت ضغط الإرهاق، قضية الامهات العاملات في المجتمع الكوري الجنوبي الذي يكاد يتعامل مع العمل على أنه حكر على الرجال. وكانت تلك الأم، البالغة من العمر 34 عاما، نجحت في مسابقة صعبة لتسلم وظيفة مرموقة في الوزارة. ولدى عودتها إلى العمل من إجازة الأمومة، غرقت مجددا في دوام يومي من 12 ساعة. وقد عملت يوم سبت، ثم كان عليها أن تبدأ عملها الأحد عند الخامسة صباحا، فلم يحتمل قلبها هذا الضغط فتوقف عن العمل، كما يروي زملاؤها. إزاء عدم القدرة على التوفيق بين الضغوط الرهيبة للعمل وواجبات تربية الأطفال، تسجل كوريا الجنوبية منذ سنوات تراجعا في نسبة الإنجاب وصولا إلى معدل 1,2 طفل للمرأة الواحدة، وهي أضعف نسبة في العالم، علما أن المعدل العالمي هو 2,4. ويصف علماء السكان هذه الظاهرة بأنها "إضراب عن الإنجاب". وتقول كيم يو مي، وهي مهندسة في السابعة والثلاثين وأم لفتاتين "أفهم تماما" ما جرى للموظفة، "إنه الواقع الذي تعاني منه كل الأمهات العاملات في كوريا الجنوبية". وكيم من بين أمهات قليلات تمكن من الحصول على إجازة أمومة مدتها عام كامل، بموجب قرار من السلطات هدفه تشجيع النساء العاملات على الإنجاب. منذ العام 2006، استثمرت الحكومة مئة مليار وون (83 مليار يورو) في مئات المشاريع الرامية إلى تشجيع مواطنيها على الزواج في سن مبكر والإنجاب، لكن لا يبدو أن هذه المشاريع أثمرت حتى الآن. تشعر كيم أنها محظوظة جدا لأنها عثرت على عمل، ولأن مديرها لم يطردها حين طلبت إجازة الأمومة. وتقول "في الماضي، كان يقال للنساء اللواتي يطلبن هذه الإجازة: اذهبي إلى بيتك ولا تعودي مجددا". وبعدما عادت إلى العمل من إجازة الأمومة أول مرة، كان عليها أن تعمل حتى الساعة التاسعة ليلا. وتقول كيم "كان اللعب مع طفلتي أو الأكل معها حلما بعيد المنال". تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن مواطني كوريا الجنوبية يعملون 2113 ساعة سنويا في المتوسط، ليكون هذا البلد في الترتيب الثاني بعد المكسيك، علما أن المعدل العالمي هو 1766 ساعة. وتظهر دراسات أن الواقع الحقيقي قد يكون أسوأ بكثير، وأن آثاره الصحية قد تكون كبيرة، على غرار ما يجري في اليابان حيث تتحدث الصحافة بشكل منتظم عن وفاة أشخاص بسبب ضغط العمل. وإضافة إلى ذلك، يبدو أن الرجال لا يعملون على التخفيف من متاعب زوجاتهم بشكل كاف، إذ تتحدث دراسات عن أن الرجال يمضون 40 دقيقة فقط في الأعمال المنزلية. أما النساء، فيمضين فيها ثلاث ساعات. وفي مجتمع تسود فيه منافسة محمومة، واعتقاد بأن الرجال لا يتوجب عليهم القيام بأي من الواجبات المنزلية، تحجم النساء بشكل متزايد عن الزواج والإنجاب. وانحسرت نسبة الزواج في كوريا الجنوبية إلى 5,9 بالألف في العام 2016. وتقول كيم "في هذا الجو، لا أستبعد أن تقضي نساء أخريات بسبب الإجهاد. ولذا، فإن توجه الإضراب عن الإنجاب عقلاني جدا للنساء الراغبات بتحقيق الأمان الاجتماعي والاقتصادي". بعد وفاة الموظفة الرفيعة، منعت وزارة الشؤون الاجتماعية العمل يوم السبت، وستعمل على الحد من ساعات العمل الإضافية خلال أيام الأسبوع. وكثيرا ما تنجح نساء في مسابقات تولي وظائف مرموقة، ويصبحن محاميات أو مدرسات أو محاسبات أو حتى دبلوماسيات، لكن غياب الوسائل المساعدة مثل دور الحضانة، تجعلهن يتخلين عن العمل في حال الإنجاب. ورأت صحيفة "دونغ آ إيلبو" أن هذه المشكلة لن تجد حلا إن بقي المجتمع في كوريا الجنوبية ينظر إلى النساء على أنهن "آلات لإنجاب الأطفال". وقالت "هل ينبغي على المرأة أن تنجب في مجتمع ماتت فيه موظفة عادت للتو من إجازة الأمومة؟ النساء أذكى كثيرا من أن يفعلن ذلك".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©